بدل أن يتبجح الإخوان ب'ديمقراطيتهم المدمرة'، عليهم الاستفادة من النموذج الاقتصادي الإماراتي الذي نجح في إنهاء الهيمنة الغربية على المنطقة. حبيب طرابلسي انتقد إثنان من قادة "الإخوان المُسلمين" في مصر "خشية" القيادة الإماراتية من وصول "ديمقراطية الإسلاميين" على الطّريقة التونسية والمصرية التي تزرع الموت والفوضى والفتنة في سوريا وتُهدّد بهزّ أركان دول أخرى، حتى خارج المنظُومة العربية. فهل يريد "الإخوان المُسلمون" تحويل الإمارات الآمنة إلى بُؤرة للإرهاب والتّشويش على استقرار البلاد مثلما حاولت بعض المُنظّمات "غير الحكومية" الغربية التي تخشى من نجاح النموذج الاقتصادي الإماراتي في فرض نفسه كمركز ثقل دولي يسحب البساط من تحت العواصمالغربية لينهي عقوداً من هيمنتها الاقتصادية على المنطقة؟. نسمات "الربيع" القارس فقد خرج علينا صابر أبو الفتوح، القيادي في حزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسي لجماعة "الإخوان المُسلمين" الأربعاء ليتّهم وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ب"الخوف" من وصول ''الربيع العربي'' إلى بلاده، في ردّ على ما وصفه ب"الهجوم السّافر والمُباشر وغير المسؤول" من قبل الوزير الإماراتي على "الجماعة" التي تسللّت إلى الحُكم في مصر على ظُهور المصريين وبدماء الثّوّار. وقال أبو الفتوح في تصريح لصحيفة "الخبر" الجزائرية ''اعتدنا في الفترة الأخيرة على هجومات مستمرة علينا من لدن الإمارات التي تستغل الظروف السياسية في العالم العربي لشن هجوم غير مسؤول. وتصريحاتهم تؤكد بأنهم لا يعرفون الإخوان ولا حكمهم ولا وقوفهم مع القضية الفلسطينية وفضلهم على أبناء العروبة كلهم، ليس استخباراتيا وإنما بحكمهم التاريخي، فنحن متواجدون منذ 80 سنة''. ورأى القيادي بالجماعة أن "هجوم الإمارات على الإخوان راجع إلى تخوفها من وصول نسمات الربيع العربي إليها، وإحداث تغيير سياسي في هذه المنطقة التي تعيش في الفساد ولا تريد الخروج منه"، مُضيفا أن ''هذه التصريحات تظهر مدى تخوفهم من أن تمتد الديمقراطية إلى أوطانهم". وردّد أبو الفتوح ما ورد على لسان أحد "إخوانه" في التّنظيم، عصام العريان، القائم بأعمال رئاسة نفس الحزب، من أن "الجماعة تُؤمن بسيادة كل دولة وسيطرتها في قراراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". وسبق لأبي الفتوح أن تحدّث عن "خوف الإمارات من الديموقراطية" ردّا على تصريحات نارية أدلى بها قائد شرطة دبى، ضاحى خلفان، عقب وصول الزّعيم الإخواني محمد مرسى إلى الحُكم في يونيو/حزيران. قال أبوالفتوح آنذاك فى مجلس الشعب المنحل أن "خلفان فقد السيطرة على عقله للحظات عقب إعلان فوز الدكتور مرسى، تخوفا من وصول الديمقراطية للإمارات". وكان الشيخ عبدالله بن زايد دعا دول الخليج إلى التعاون لمواجهة جماعة "الإخوان المسلمين" ومنعها من تقويض الحكومات في المنطقة، مُؤكدا أن "فكر الإخوان لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا يؤمن بسيادة الدول ويخترق هيبتها وقوانينها". فعاتبه العريان لأنه "ﻻ يجد وقتا لقراءة رسائل مُؤسّس الجماعة (حسن البنّا) وذكّره بها،"لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين"، كما نصحه أبو الفتوح ب"قراءة التاريخ جيدا وإدراك الواقع''. المشهد السّريالي والواقع اليوم في مصر هو تجدّد المسيرات "المليُونيّة" بميدان التحرير على خلفية هُتافات بسقوط النّظام "الإخواني" في ظلّ إقتصاد دخل الموت السّريري. والحال ليس أفضل في تونس حيث بلغ السّيل الزّبى وأصبح الوضع مُخجلا و يدعو للشّفقة. فقد صار حزب "النّهضة" الحاكم يسعى... للإنقلاب و"السّيطرة" على كل مفاصل الدولة من جيش وشرطة وإدارة الجيش من أجل إقامة دولة الخلافة حتي وإن كان بالقوة. والمشهد السّريالي يتمثّل في أن تونس التي كانت مثالا يُحتذى في "الحرب على الإرهاب" في عهد "الدكتاتور زين العابدين بن علي"، أصبحت في ظلّ أصبحت تُسمّى ب"الدتاتورية الجديدة" مرتعا للسّلفيين الذين تقدّر مصادر رسمية عددهم في البلاد بحوالي عشرة آلاف، من ضمنهم حوالي ثلاثة آلاف من المُتشدّدين. ومن المشاهد السّريالية، رُؤية "أشبال التّوحيد" وهم يُردّون ... في تونس أنشُودة مُهداة الى المُلا محمد عمر وزعيم القاعدة أيمن الظواهري، أو نشر مجلة تونسية مُوجهة إلى الأطفال مقالا بعنوان "كوكتيل المولوتوف" بشأن كيفية صنع القنابل الحارقة، بمُناسبة حُلول السّنة المدرسية الجديدة. وكذلك مظاهر الغُلوّ والتّشدّد الذي يمارسه أحد أشهر الدّعاة السلفيين الجدد، بشير بن حسن، الذي قال بأن كل معارض لحكومة "النهضة" هو كافر، والذي شنّ هجوما عنيفا على "أعداء الله" من كُفّار وعلمانيين ودعا عليهم في خُطبة الجمعة ب"الهلاك وبأن يُخزيهم الله ويذلّهم في الدنيا والآخرة". أما عن سوريا، فحددث ولا حرج. ولا يعتقد عاقل أن الشيخ عبدالله أو غيره من المُتابعين للشّأن العربي يمكن أن "يجد وقتا لقراءة" الأحداث الدّمويّة اليومية في هذا البلد العربي. وفي تصريحه لصحيفة "الخبر" الجزائرية الذي نشره موقع "المُونيتُور" (Al Monitor) الإعلامي بواشنطن قال صابر أبو الفتوح أن تصريحات الشيخ عبدالله "لن تُؤثّر في الجماعة ولا في ثورات الربيع العربي، لأننا جزء من ثورة الشعب". فأي من سيناريوهات هذا "الرّبيع" يتوقّع كلّ من العريان وأبو الفتوح بالنّسبة للإمارات من خلال قراءتهما الجيّدة للواقع؟.