تتطلع دولة السودان إلى استثمارات جديدة بالشراكة مع الدول العربية وذلك بعد معاناة استمرت سنوات عديدة بسبب انخفاض قيمة الجنيه وعدم وجود إمكانيات مادية وآلية. وتسعى مصر الآن إلى عودة الاستثمار بالسودان وتعزيز الاقتصاد بين البلدين، وكانت البداية بإنشاء عدة طرق تربط بين البلدين خلال الفترة القادمة لإقامة العديد من المشروعات ولتسهيل المسافة على طلبة السودان للجوء إلى مصر والدراسة بجامعاتها، كما تم افتتاح البنك الأهلي بالخرطوم، الذي يعتزم ضخ استثمارات في السودان تقدر بنحو 500 مليون دولار. ويقول مصطفى عثمان إسماعيل وزير ومقرر المجلس الأعلى للاستثمار السوداني ان "الحكومة السودانية تسعى لتهيئة مناخ الاستثمار، وإنشاء مجلس أعلى للاستثمار برعاية الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير"، موضحا أنه "سيتم في القريب اصدار قانون جديد للاستثمار يعمل على تحفيز المستثمرين وتذليل العقبات التي تعترضهم". كما أكد على أن الحكومة تسعى لتشجيع الاستثمار في المشروعات التي تعمل على ترقية الصادرات وإحلال الواردات، وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو البلاد، للاستفادة من رؤوس الأموال والخبرات ونقل التقنيات الحديثةن من اجل ترويج الاستثمار داخلياً وخارجياً، وذلك عن طريق المحاور المستهدفة والمشروعات عبر الملتقيات الاستثمارية المشتركة، لتوطين مشروعات إستراتيجية كبرى في مجال الأمن الغذائي ومحاربة الفقر والبطالة في الولايات الأقل حظاً في الاستثمار والتنمية. ويقول سعود مأمون البرير رئيس الاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني "إن خطوة افتتاح فرع البنك الأهلي بالخرطوم تجد كل الدعم والترحيب من القطاع الخاص السوداني باعتباره انه سيسهم في استمرار دعم جهود تطوير علاقات القطاع الخاص بالسودان ومصر وتسهيل التعاملات المصرفية بين البلدين". وأضاف "إن العلاقات المصرفية تعتبر أساس أية تنمية اقتصادية كانت أم اجتماعية"، مشيرا إلى الأهمية التي يمثلها البنك الأهلي المصري بالمنطقة والإقليم باعتباره بنكا رائدا في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبخاصة في المجالات الاستثمارية، مؤكدا أن البنك يعتبر إضافة حقيقية لمنظومة القطاع المصرفي بالسودان. ويؤكد على أن القطاع السوداني الخاص يتطلع إلى أن يسهم البنك في إحداث نقلة نوعية في علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين السودان ومصر وتقوية العلاقات بين البلدين من خلال الدور الذي يتوقع أن يلعبه البنك في تنامي الاستثمارات المصرية السودانية المشتركة. ويقول محمد كفافي رئيس الشركة المصرية للاستعلام الائتماني وعضو مجلس إدارة البنك الأهلي الخرطوم إن "وجود البنك الأهلي بالخرطوم ييسر عمل المستثمرين المصريين والشركات المصرية العاملة في السودان". وأضاف "البنك المركزي السوداني يتولي حاليا مسألة الاستعلام الائتماني للشركات والأفراد وأنه في فترة مقبلة لابد وأن تؤسس شركة منفصلة للاستعلام الائتماني للأفراد وإذا طلبوا مدهم بالتجربة المصرية سنبادر لتلبية ذلك". ويقول د. محمود عبدالعزيز رئيس البنك الأهلي السابق انه "من المتوقع أن يتم افتتاح فرع البنك الأهلي فى جنوب السودان أيضا لكي يتم استثمار مشروعات البنية التحتية هناك برأسمال 30 مليون دولار وأن القيمة التي ضختها مصر تستهدف زراعة نحو 5 آلاف فدان على مرحلتين: الأولى هي زراعة ألفى فدان بالذرة الشامية والبرسيم، والمرحلة الثانية تصدير الماشية إلى شركات خاصة ولا يمكن أن تقتصر على الشركات الحكومية". ويقول د.عمرو ربيع أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان "إنشاء طريق بين مصر والسودان سيسهل المسافة للطلبة السودانيين الذين يرغبون في التعليم وإتمام دراستهم داخل الكليات والجامعات المصرية حتى تتزايد خبراتهم فى النهوض بدولتهم السودان اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا". واكد أن هذا الطريق سينعش اقتصاد البلدين كنتيجة حتمية للمشاريع الكثيرة التي ستقام على هذا الطريق، كما سيفتح فرصا هامة للاستثمار، ويقضي على نسبة البطالة. واوضح "هناك مشاريع زراعية سيقوم بها الشباب المصري داخل السودان وأيضا على مستوى الثروة الحيوانية والمعدنية، فكل هذه المشروعات بالتأكيد سيدعمها هذا الطريق، وخاصة مشروع 'وادي حلفا وقسطل' والذي تقرر افتتاحه في يناير/ كانون الثاني 2013". وفي نفس السياق يقول د. علاء رزق الخبير الاقتصادي والاستراتيجي ان "السودان بصدد توقيع اتفاقية بينها وبين مصر تتضمن تصدير الغاز الطبيعي للاستفادة منه فى إقامة صناعات عديدة مثل: تصنيع الحديد، واستخراج المعادن، إلى جانب إقامة مشروعات استثمارية زراعية مصرية بالولاية الشمالية لتأمين الغذاء". واوضح ان "السودان يمتلك موارد طبيعية من مياه وأراضٍ خصبة ومصر تمتلك الكثير من الخبرات والإمكانيات المادية بحيث يمكن أن يتحقق الأمن الغذائي للبلدين من خلال زراعة مساحات واسعة بمحصول القمح". ويقول د. ياسر جبر رئيس شركة مصرية في الإنتاج الحيواني ان "إنشاء مزرعة لإنتاج الثروة الحيوانية على مساحة 3 آلاف فدان لإنتاج 3 آلاف رأس ماشية سيتم تصديرها بالكامل إلى مصر سنة 2014"، موضحا ان "من سيستفيد في المقام الاول من هذه المزرعة دولة السودان التي ستتمكن من تعزيز نموها الاقتصادي والقضاء على نسب البطالة". وأضاف أن هناك "استثمار بمليار دولار فى عدة دول من بينها السودان لإنشاء مشاريع تربية، وتسمين الماشية بهدف تحقيق نسبة تكافؤ فى مستويات عرض اللحوم بالأسواق، وهذا يعني أن هناك تحالف بين تلك الدول لزيادة إنتاج الأغنام من خلال تطوير محاجر السودان وتربية وتسمين المواشي بها حتى يتم استغناء الدول المجاورة لها عن استراد الأغنام من أستراليا". ويذكر أن دولة السودان تسعى الى استثمارات ضخمة من اجل دعم اقتصادها ونموه على مدار السنوات القادمة، وتركز في هذا الاتجاه على بعض الدول العربية مثل مصر ودولة قطر التي قدمت 70 مليار دولار أميركي كاستثمارات قطرية في السودان. ويخصص هذا المبلغ لبناء فنادق ضخمة ومنتجعات راقية بجزر ولاية الخرطوم وسوق الموردة في كل من أم درمان وجامعة القرآن الكريم وحديقة الموردة، بالاضافة الى انشاء مدن وأبراج وعمارات سكنية وحدائق ضخمة. كما برزت الرغبة القوية للمستثمرين العرب في الدخول في مشروعات استثمارية ضخمة في السودان إيماناً منهم بالفرص الكامنة والمتاحة في هذا البلد.