محمد وردي اسم لا يحتاج الى ترجمان.. هو فنان أفريقيا الأول، الى جانب ذلك عُرف وردي بصراحته وجرأته.. وهو وسّم أجيالاً عديدة بأغنياته وألحانه حتى شارك (النيل) في أعظم صفاته... (الأحداث) هاتفيا... تقول: (وردي ولو في الصين)... نستوقف عنده ونسترجعه بالكلمات وهو يقضي إجازته في الصين للاطمئنان على صحته ومراجعة الأطباء.. فماذا قال وردي من هناك. *سلامات أستاذ وردي؟ أهلاً وسهلاً *كيف يسير العلاج الطبيعي؟. -الحمدلله بخير .. كأفضل مايكون *عندنا يا أستاذ أسئلة نحاول أن نخرج منها بجديد عن وردي لم يعرفه الناس، رغم أنك أصبحت كتاباً مفتوحاً في كثير من تفاصيل حياتك الفنية والأسرية؟ -ضاحكا.. اتفضل زي شنو؟ *مثلاً عرفت من ولدك عبد الوهاب أن فنانك المفضل زيدان إبراهيم أو بمعنى أصح الفنان الذي تفضله في مناسبات الأسرة؟ -ماعندي فنان مفضل.. عندي بعض الأغنيات لفنانين كبار.. عثمان حسين .. أحمد المصطفى .. الكاشف .. عبد العزيز محمد داؤود.. حسن عطية. هؤلاء عندي منطقة مقفولة لأنهم علمونا.. إبراهيم عوض كان فنان جيلنا وظهر بالأغنية الخفيفة العصرية.. نحن جينا بعده ومعي صلاح مصطفى وصلاح بن البادية وشرحبيل جينا في زمن واحد .. لكن كل واحد من هؤلاء له مدرسته واتجاهاته الفكرية والثقافية. *قلت بتحب بعض الأغنيات.. مثلاً؟ -أحب أغنية (رسائل) لأحمد الجابري وأغنية (الأماني العذبة) لخليل إسماعيل.. وهناك أغنية أنا سميتها (بيضة الديك) لفنان اسمه فتحي حسين موجود حاليا في السعودية اسمها (العزيزة الما بتسأل يوم علينا) للشاعر سعد الدين إبراهيم.. هذه الأغنية أحببتها جداً .. ونحن كفنانين لنا أشياؤنا الخاصة في تذوق الأغنيات. *من هو الفنان الأقرب لقلب محمد وردي؟ -الفنان الذي كان صديقي بمعنى صديق حقيقي هو الراحل خوجلي عثمان .. زيدان يطربني، وفي زمن أعجبني بألحان عمر الشاعر وهو لم يزِد وتوقف عند هذه المحطة. *بمعنى؟ -كل فنان له خيط .. وعمر الشاعر إذا لحّن لزيدان يضيف لرصيده ورصيد زيدان، ولكن توقُّف عمر الشاعر عن التلحين جعل زيدان يتوقف في محطته .. وإذا رجعنا للوراء سنجد أن إبراهيم عوض والطاهر إبراهيم وعبد الرحمن الريح شاعر وملحن وفنان يكملون بعض .. وإن كانت هذه معدومة حالياً .. فنجد الفنان مستمر ولكن الملحن اختفى .. وأصبح التلحين مشكلة كبيرة سببها ركود الأغنية. فقد توقف التلحين.. ملحنون كبار بعضهم رحل وبعضهم توقف مثل برعي محمد دفع الله والسني الضوي وعربي وعبداللطيف خضر .. الجيل الحالي أصوات ولكن لا يوجد ملحنون .. والملحن هو المبدع الأول.. وغياب المبدع الأول ترك فراغاً في الأغاني، لذلك ترى تخبطاً وتشابهاً في الألحان.. وهذا من الشعر، ظهرت الأغنيات الهابطة بسبب الشعر والألحان.. هناك أصوات جيدة لا تجد ألحاناً وهناك ملحنون ليسوا في المستوى المطلوب زي أخونا صلاح إدريس الذي يلحن بأسلوب الخمسينات *ضحكت وأنا أسأله عن فارق الثقافة.. أستاذ وردي لديّ رأي لا أعرف مدى اتفاقك معه، أن الجيل الحالي من الفنانين يعاني في جانب الثقافة والمعرفة في التاريخ والتراث والرؤية لتطور الأغنية؟ -مجرد إنه الواحد يكون (غناي) وراسو فاضي وعنده موهبة الصوت لا يكفي .. يجب أن يعرف أولاً تراث بلده وبلدنا زاخرة بالثقافات .. لابد أن يعرف الفنان الغناء في الأنقسنا وشمال كردفان وجنوب كردفان ودارفور وإيقاعات الشايقية والسيرة والتم تم .. والفنان الذي لا يعرف هذا جاهل بالتراث فأنت تغني لأمة متنوعة .. مثلا الفنان الشايقي متقوقع داخل الدليب ويختلف الوضع عندما تعرف كل الإيقاعات .. كل هذا وأنا لم أحسب الجنوب لأنه لا يوجد فنان مستوعب غناء الجنوب وهذا لا يساعدنا على الوحدة .. التماذج الثقافي والإبداع الفني يقرب الوحدة أكثر من السياسة والإقتصاد .. وأقول بعض الفنانين الجدد تخرجوا من الجامعات ولكن هل يكفي هذا؟ لا يوجد لديهم وقت للمعرفة والخواء الفكري والثقافي يلعب دوراً كبيراً في تهميش الفنان. *طرقت وتر حساس بحديثك عن عدم وجود فنان مستوعب لغناء الجنوب.. نتوقف عند الدعوة للوحدة هل هي دعوة حقيقية أم خدعة ولعبة كبيرة؟ -الوحدة الحالية هي الوحدة الكاذبة وليست الجاذبة ولا أي شيء .. نحن زي أصحاب الكهف الكانوا نايمين .. اتفاقية نيفاشا كانت في 2005 طيلة خمس سنوات وإلى مابعد الانتخابات ظننا أنها ستمر بدون تنفيذ .. وهكذا كأننا صحونا فجأة من سبات عميق، وبدأنا نطالب بالوحدة الجاذبة، كأننا نضحك.. وعندما أقول نحن لا أقصد قطاع الشمال لكن كل السودانيين لم يعملوا من أجل الوحدة.. ومثل ما ذكرت لك أوّل عنصر فعّال في الوحدة الفنون.. لم نعمل كفنانين على مزج ثقافة الجنوب مع الشمال.. وتراث الجنوب رهيب، وهو مع تراث بعض الولايات المجاورة يؤكد أفريقيتنا.. وهذه سياسة يعمل على إنفاذها (الناس الفوق) .. يعني مفروض نوبي مثلي وبتاع شرق السودان والأنقسنا يغني بلغته وليس العربية.. وأنا لست ضد العربية لكنهم سيضيفون لتراثهم لو تُركوا بدون قيود. أقول ليك في حاجة في قانون في الإذاعة يصنف الغناء .. لو حضرت أنا محمد وردي الفنان الكبير يعاملوك في برنامج ربوع السودان بأبخس الأثمان، وهو ذاته كنوبي ينزل قدره.. مش كده لو جيت الإذاعة بربابة يطلبون منك الغناء بالعود .. هناك مشكلة الإثنيات الأخرى وليس الجنوب فقط . *يعني بنلعب في الزمن الضائع؟ -حتى الزمن الضائع ما عندنا.. وأنا كنت أخشى من التداعيات ليس البترول والحدود ... ولكن دارفور والشرق والشمال ونتحول إلى شياخات. حاوره بالهاتف/ حسن فاروق