عندما تصاب ليال بإحدى نوبات الصداع النصفي المؤلمة، لا تستطيع إلا أن تستلقي في غرفة مظلمة وتنتظر انحسار موجات الألم، موجات «منهكة تمامًا»، بحسب هذه المرأة السبعينية كانت تعاني الصداع النصفي الشديد منذ العشرينيات. الصداع النصفي الذي يرتبط بالأوعية الدموية المتوسعة في الدماغ شكل خاص من الصداع المعطل الذي يشن هجومًا على أربعة مستويات: - الضربة الأولى، بادرة (أو سابقة الألم) وتتمثل بشعور بالمرض أو بتقلب المزاج قبل يوم أو يومين من بدء الصداع الحقيقي. - بعد ذلك، يصاب نحو 20 في المئة من الإناث اللواتي يعانين الصداع النصفي بأضواء وامضة، أو نقاط مضيئة، أو ظواهر بصرية أخرى تشوه أو حتى تعيق البصر من بضع دقائق إلى ساعة. - ثم يأتي الصداع النصفي، صداع متزايد قد ينطوي على ألم نابض والغثيان، كذلك زيادة الحساسية للضوء والصوت. - وأخيرًا، قد تحدث أعراض ما بعد النوبة، أي مخلفات الصداع التي تؤدي إلى الشعور بالتعب والإنهاك بسبب المحنة كلها. يمكن أن يستمر هذا الشعور لمدة يوم أو أكثر. ما الذي يسبب الصداع النصفي؟ لا يزال الباحثون غير متأكدين بالضبط من مسبب الصداع النصفي. قد يكون ناتجًا من التغيرات في جذع الدماغ واختلالات المواد الكيماوية في الدماغ مثل السيروتونين، الذي يساعد على تنظيم الألم. النساء ثلاث مرات أكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي من الرجال، ويرجع ذلك جزئيًا إلى هرمون الإستروجين، بحسب الدكتور جون ستيكس، طبيب الأعصاب في جامعة هارفارد التابعة لمستشفى ماساتشوستس العام، «بعد انقطاع الطمث، يصبح الصداع النصفي لدى النساء أقل تواترًا بشكل كبير. إذًا، يثبت ذلك بالتأكيد تأثير هرمون الإستروجين». غير أن بعض النساء مثل ليال، يصبن باستمرار بالصداع النصفي حتى بعد انقطاع الدورة الشهرية. غالبًا ما يظهر لدى النساء اللواتي يصبن بالصداع النصفي بانتظام «محفزات» تحرض على الصداع. تشمل محفزات الصداع النصفي الأكثر شيوعًا: الروائح القوية. الإجهاد. قلة النوم. الأصوات العالية أو الأضواء الساطعة. تغيرات في الطقس. انخفاض السكر في الدم الناتج من تفويت الوجبات. الأطعمة مثل الشوكولا والجبن المعتق، والفواكه المجففة والمكسرات والفاصوليا واللحوم المقددة والحساء والمرق المصنوع من المواد الحافظة الغلوتامات أحادية الصوديوم والخبز الخميري، والمشروبات التي تحتوي على مواد التحلية الاصطناعية مثل الأسبارتام. يحدث الصداع النصفي عندما تنشط الخلايا العصبية في الدماغ، ردًا على المحفز مثل الإجهاد أو طعام معين. تطلق هذه الخلايا العصبية بعض المواد الكيماوية، التي تتسبب في توسع الأوعية الدموية في الدماغ وتصبح ملتهبة، ما يؤدي إلى ألم الصداع النصفي والأعراض الأخرى. علاج عندما يتعلق الأمر بعلاج الصداع النصفي، يقول الدكتور ستيكس: « يتمثل الخط العلاجي الأول بمحاولة التخلص من المخلفات. قبل أن نختار تناول الحبوب، دعونا نرى ما إذا كنا نستطيع العثور على عامل السببية للإزالة أو التخفيف». يمكن للاحتفاظ بمذكرات الصداع النصفي المساعدة في تحديد المحفزات الخاصة بك. لذلك، اكتب لمدة شهر: في أي وقت بدأت نوبة الصداع وانتهت. شدة الألم وموقعه (مثلاً، خلف عينيك أو في الجزء الخلفي من رأسك). علامات التحذير التي بشرت بالصداع. الطعام الذي تناولته في ذلك اليوم. نشاطاتك قبل نوبة الصداع (مثلاً، ممارسة الرياضة). العلاج الذي استخدمته، وما إذا كان فاعلاً. بعد ذلك، راجع هذه اليوميات مع طبيب الرعاية الصحية الأولية، أو طبيب الأعصاب، أو أختصاصي الصداع لمعرفة كيف يمكن التخلص من المحفزات أو تعديلها. إذا لم يكن التجنب من المحفزات كافيًا، قد يوصيك الطبيب بتناول الأدوية المعالجة للصداع النصفي، والتي تتبع نهجين علاجيين: علاجات تخفيف الألم الحاد والغثيان، لكن عليك تناولها في أول الصداع. وهي تشمل: التريبتان - أدوية الصداع النصفي المحددة التي تضيق الأوعية الدموية في الدماغ. يمكن أن تساعد مسكنات الألم، مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، بما في ذلك الأسبرين والأيبوبروفين (موترين، أدفيل)، في تخفيف حدة الصداع النصفي. كذلك، يساعد الاسيتامينوفين (تايلينول، وغيرها) بعض النساء المصابات بالصداع النصفي. يُصاغ بعض تركيبات هذه المنتجات خصيصًا لمعالجة الصداع النصفي، وتجمع أحد أكثر مسكنات الألم مع الكافيين. يمكن للأدوية المضادة للغثيان كالميتوكلوبراميد، والبروكلوربيرازين، والعقاقير المماثلة أن تخفف الغثيان الذي غالبًا ما يرافق الصداع النصفي. يمكن للعلاجات الوقائية أو المجهضة الحد من الصداع النصفي عند تناولها على أساس منتظم. يقول الدكتور ستيكس: «يمكن أن تساعد في الحد من وتيرة الصداع وشدته». وتُعطى هذه الأدوية للنساء اللواتي يعانين نوبات الصداع النصفي المتكررة (أكثر من مرتين أو ثلاث أسبوعياً)، أو اللواتي لم يتجاوب الصداع النصفي لديهن بشكل جيد مع العلاجات الأخرى. تشمل العلاجات المجهضة: أدوية ضغط الدم، حاصرات بيتا أو حاصرات قنوات الكالسيوم. مضادات الاكتئاب، أميتريبتيلين (Elavil)، فينلافاكسين (Effexor). أدوية مضادة للتشنجات، فالبروات الصوديوم (Depacon)، توبيراميت (Topamax)، ديفالبروكس الصوديوم (Depakote). يساعد توكسين البوتولينوم من نوع أ (البوتوكس) بعض النساء المصابات بالصداع النصفي الشديد والمزمن. إنه العلاج نفسه الذي يُستخدم للتخفيف من التجاعيد. ووجدت دراسة حديثة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية أن حقن البوتوكس تحد من وتيرة الصداع النصفي. مع ذلك، فإن هذا العلاج يحتاج إلى تكرار الحقن، ويمكن أن تستمر الفوائد لبضعة أشهر فقط. كذلك قد تساعد بعض العلاجات البديلة، بما في ذلك التجاوب الفيزيولوجي النفسي والأعشاب كنبات الأرام واليانسون في الحد من الصداع النصفي. اذا كنت تعاني الصداع بشكل منتظم، ربما عليك أن تبدأ في مراقبة نمط الأعراض. إذا كنت تطور أي أعراض غير عادية أو شديدة، اطلب المساعدة الطبية فوراً. حتى لو أصبح الصداع يشكل جزءًا من حياتك الروتينية، تحدث مع طبيبك أو طبيب الأعصاب، للمساعدة على البدء بعلاج لتخفيف آلام الرأس وأخيرًا وقف تدخل الصداع بحياتك الخاصة. أنواع أخرى ليس الصداع النصفي النوع الوحيد من الصداع الذي قد يسبب الوجع الشديد. تشمل الأنواع الأخرى ما يلي: - الصداع التوتري: يبدو هذا الصداع الشائع وكأنه ضغط أو ضيق في كلا الجانبين من الرأس. قد يدوم من 30 دقيقة إلى أيام عدة، وقد يحدث من وقت إلى آخر، أو على أساس يومي. كيفية معالجته: عالج المشكلة الصحية التي تسبب الصداع التوتري، مثل الإجهاد، أو توقف التنفس أثناء النوم، أو الاكتئاب، أو انقباض الفك. لتخفيف الألم، جرب مضادات الالتهاب غير الستيرودية بغير وصفة طبية. - الصداع العنقودي: يحدث هذا الصداع الحاد والشديد في الوقت نفسه من النهار أو الليل. ويتركز عادة إلى جانب واحد من الرأس، وغالبًا وراء العين. يمكن أن يستمر من خمس دقائق لبضع ساعات. قد تعاني أيضًا سيلان الأنف، دماع في عين واحدة، والشعور بالانفعال. كيفية معالجته: اسأل طبيبك عن العلاج بالأوكسجين، وأدوية الليثيوم أو ادوية التريبتان. قد تخفف حاصرات قنوات الكالسيوم والأدوية المضادة للتشنجات أيضًا وتيرة هجمات الصداع العنقودي. - صداع الجيوب الأنفية: يحدث هذا النوع من الصداع عندما تصبح ممرات بطانة الجيوب الأنفية منتفخة وملتهبة. وغالبًا ما يترافق الألم النابض مع ضغط حول العينين والخدين والجبين، انسداد الأنف، سعال، ومخاط أصفر وأخضر. كيفية معالجته: يمكن أن تعالج المضادات الحيوية مشاكل الجيوب الأنفية التي تسببها البكتيريا. كذلك يمكن لمنشطات الأنف، ومزيلات الاحتقان ومسكنات الألم ومحلول الأنف الملحي المساعدة في تخفيف الأعراض. إذا كان السبب مشكلة جسدية مثل انحراف الحاجز الأنفي، قد يوصيك الطبيب بالخضوع لجراحة.
