مرة أخرى تعود العلاقة مع إسرائيل لتشكل ميدانا لسجال جديد بين الحكومة والمعارضة في ماليزيا، في إطار حملة دعائية لتبييض المواقف بين يدي الانتخابات النيابية العامة، التي من المتوقع إجراؤها في الربع الأول من العام القادم. القضية الجديدة تمثلت في هجوم شنته صحيفتان من صحف المعارضة على شركة فيلدا العالمية القابضة للمشاريع -وهي شركة حكومية تشغلها سلطة استصلاح واستنبات الأراضي-، اتهمتها ببيع كميات هائلة من زيت النخيل لشركات إسرائيلية، وتابعت الصحيفتان هجومهما على رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق واتهمتاه بأنه "صديق لإسرائيل". وقالت الصحيفتان إن "أحدث الوثائق التي تم الحصول عليها من صندوق النقد الدولي، من خلال البحث في الإنترنت أظهرت أن هناك مبيعات لزيت النخيل من ماليزيا إلى إسرائيل". وتابعتا أن "الماليزيين بحاجة الى فتح أعينهم على الحقائق التي ترهن ثوابتنا وعلاقاتنا مع الفلسطينيين، وهي أن ماليزيا لا تزال تشكل داعما اقتصاديا لإسرائيل، وأن هذه العمليات تتم عبر شركات وسيطة بهدف تضليل وخداع الشعب الماليزي". بدورها ردت الشركة برفع دعوى قضائية للمحكمة ضد الصحيفتين بتهمة التشهير، وقال أحمد مزلان المسؤول في ديوان رئيس الوزراء "إن سلطة استصلاح الأراضي المشغل الرئيس لشركة فيلدا القابضة ستعمل على البدء بالإجراءات القانونية ضد صحيفتين من صحف المعارضة بتهمة التشهير". وأوضح أن ادعاءات الصحيفتين مجرد أكاذيب، وأن "الصفقات التي تتحدث عنها الصحيفتان كانت لشركة سنغافورية مسجلة بالولايات المتحدة، وليس لديها أي فروع في إسرائيل". من الفعاليات الماليزية المتضامنة مع فلسطين (الجزيرة) جولة جديدة ويأتي السجال الجديد بعد جولة سابقة مطلع العام احتدمت إثر تصريحات أنور إبراهيم زعيم المعارضة لصحيفة وول ستريت جورنال في فبراير/شباط من هذا العام، قال فيها "إنه يدعم اتخاذ كل الإجراءات لحماية أمن إسرائيل"، واتخذتها الحكومة ذريعة لشن هجوم ساحق على المعارضة وزعيمها. وردت المعارضة وقتها بأنها كشفت عن رسائل بعثها رئيس الوزراء الأسبق محاضر محمد لزعماء إسرائيل إبان فترة حكمه، وقالت الحكومة عن تلك الرسائل "إنها كانت تؤكد بوضوح على موقف ماليزيا الحازم ضد الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني". وشددت على موقفها الثابت برفض إقامة أي "علاقة دبلوماسية مع إسرائيل"، مؤكدة على دعم ماليزيا للشعب الفلسطيني من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقديم المساعدات لإعادة تنمية قطاع غزة والضفة الغربية. اهتمام متصاعد ويرى مراقبون أن الاهتمام بالقضية الفلسطينية ودعمها يتصاعد بوتيرة متسارعة ليس لأهداف انتخابية فحسب، بل إن القضية الفلسطينية أصبحت تأخذ مساحة اهتمام واسعة من قبل المسؤولين الماليزيين في الحكومة أو لدى قادة المعارضة. وكان بارزا في احتفالات حزب أمنو الحاكم في ذكرى تأسيسه السنوية لهذا العام دعوته لوفدين منفصلين من حركتي "فتح" و"حماس" التقى بهما رئيس الوزراء الماليزي كل على حدة، فيما أعلن رئيس الوزراء في غزة إسماعيل هنية عن استعداد رئيس الوزراء الماليزي لزيارة غزة الشهر المقبل. ووفقا للدكتور محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، تمتعت القضية الفلسطينية بمكانة متصاعدة في الوسط الماليزي الرسمي والشعبي، ونجح العديد من المؤسسات الخيرية والشعبية في تفعيل اهتمامات قطاعات شعبية واسعة بالقضية، خصوصا بعدما شارك بعض الماليزيين في قافلة أسطول الحرية التي حاولت كسر الحصار. ويضيف الدكتور صالح في التقرير الإستراتيجي السنوي الصادر عن المركز الذي أرسل نسخة منه للجزيرة نت أنه "ظهر إدراك متزايد لدى القوى السياسية الماليزية بمكانة فلسطين في الوجدان الماليزي، مما جعلها مجالا للتوظيف السياسي الداخلي". أما فيما يتعلق بعلاقات ماليزيا مع إسرائيل فقد أوضح التقرير "أن ماليزيا تشكل أحد أهم اللاعبين الرئيسيين في منطقة الآسيان، وهي إحدى الدول المهمة المشاركة في الأسواق العالمية في العديد من القطاعات، ولا يجب أن يغيب عن البال وجود علاقات اقتصادية مع إسرائيل وإن كانت محدودة نسبيا".