[email protected] أفادت مصادرنا ذات الموثوقية والصلة، ان اعتقال صلاح قوش في 22 نوفمبر الماضي هو السبب المباشر للشح بل والجفاف شبه التام لمحطات الوقود من خام الديزل . وقالت ان قوش مستخدما علاقاته التجارية ببعض الشخصيات الخليجية النافذة ، استطاع اقناع مجموعة لوتاه ، احدي أكبر المجموعات التجارية بدولة الامارات ، مشاركته في تمويل عقد توفير الجازولين بالسودان . بموجب هذا العقد ظل صلاح قوش ولشهور هو المورد الوحيد لحاجات البلاد من المحروقات في الفترة الماضية مستفيدا من الفساد المستشري بأجهزة الدولة ومصارفها حيث حصل علي ذات المعاملة التفضيلية المخصصة لاخوان الرئيس . فبعد توقف ضخ النفط قبل قرابة العام ، حصل قوش علي عقد حصري لتوريد ما اتفق ان يكون 35 شحنة نفط . تبلغ الشحنة حمولة باخرة كاملة وهي 25 ألف طن وقيمتها تساوي 38 مليون دولار ( 35 مليون يورو) . منح بنك السودان رئيس جهاز المخابرات السابق ضمانات ائتمانية بلغت 300 مليون دولار لتمويل تلك الشحنات . الا ان انعدام السيولة في محفظة البلاد من العملات الصعبة ، من جهة ، وانعدام الضمانات الرأسمالية المعززة لخطابات الائتمان السودانية ، من الجهة الأخري ، جعلت المصارف الاقليمية وبيوتات التمويل المعروفة تحجم عن الدخول في تمويل تلك الشحنات . بل وان معظم المصارف الاقليمية اعتبرت قبول ضمانات بنك السودان مخاطرة عالية ومجازفة غيرمبررة من أي منظور استثماري أومحاسبي . تكرس هذا الاحجام أكثر بمؤشرات اضطراب العلاقة مابين دولتي الشمال والجنوب فضلا عن الاشارات المتوافرة المؤكدة بلوغ الاقتصاد السوداني مرحلة الانهيار التام رغم التستر الحكومي علي هذه الحقيقة . وتمضي مصادرنا ذات المصداقية والالمام ، فتقول ان صلاح قوش وبرغم ذلك ، نجح في استقطاب شخصيات ذات وزن في تجارة البترول كاليمني شاهر عبدالحق الي جانب الشيخ ابراهيم سعيد لوتاه ، رئيس مجلس ادارة مجموعة شركات لوتاه والشيخ عبدالله بن سعيد ال لوتاه ، المدير التنفيذي لمجموعة س. س لوتاه الدولية. فدخل شاهر عبدالحق كبائع لأحدي الشحنات بعد أن استلم قيمة الصفقة كاملة (35 مليون دولار ) بشيك مصرفي مصدق ومسحوب علي حساب احدي شركات صلاح قوش في دبي . بالنسبة للاماراتيين فان الامر كان مختلفا. فعلي العكس من اليمني شاهر عبدالحق ، دخل الاماراتيون في التمويل الفعلي لتلك الصفقات وفق التمويل التدويري Revolving Financing فأوفوا بخمسة شحنات بلغت قيمتها (190 مليون دولار ). الهامش الربحي لصلاح قوش بلغ ما نسبته 5% ، أي ما يقارب المليوني دولار(1.9 مليون دولار) من قيمة كل شحنة. اجمالي عقود الصفقة بلغت 1.333 مليار دولار ( 1.225 مليار يورو) بيد انه لم ينفذ سوي 5 شحنات وكانت آخر بواخر قوش النفطية قد أفرغت شحنتها من الجازولين في بورتسودان يوم 5 نوفمبر، 17 يوم قبل اعتقاله . استطردت المصادر للقول بأن الازمة الراهنة سوف تستمر وتتفاقم في الفترة القادمة حتي ولو تم الافراج عن قوش "هذه الليلة" ، في اشارة تهكمية لتردي الوضع التمويلي جراء انعدام السيولة بالبنك المركزي ورفض المصارف وبيوت التمويل الاقليمية تعزيز خطابات بنك السودان . بل وحتي التغطية بالمقايضة السلعية أو بالخصومات المستقبلية ، فلم تعد مقبولة مشيرة لتقلص الموجود البترولي بالبلاد من المستويات التي كان عليها قبل " قفل الانبوب " حين لامس الانناج 600 ألف يرميل يوميا ، وبلوغه اليوم أقل من سدس تلك الكمية! وقالت مصادرنا ان هذا الامر بقدر ما هو مسؤول عن تدني الامدادات البترولية والشح في محطات الوقود اليوم فهو يسهم أيضا وبشكل أساسي في الدمارالمالي الماثل اليوم ونضوب حصيلتنا من النقد الاجنبي ولو لشراء بعض المستلزمات الحيوية والاستراتيجية كالأدوية المنقذة للحياة . وقالت ذات المصادر ان ما يفاقم الازمة هو ان الانتاج الحالي من حقول كردفان ومايعرف بمربع 6 أو غيره من الحقول لن يستطيع ان يفي بالحاجة أو يعوض النقص أبدا نقيض الترويج الاعلامي الذي يشاع عن قدرات شركات صغيرة من حجم شركة (ستارأويل للتنقيب ) عن البترول التي يديرها د. يوسف محمد أحمد من تحقيق المعجزات . وفي سؤال عن الملاءة المالية التي يتوفر عليها صلاح قوش ، قالت المصادر ان قوش وعوض الجاز يتنافسان علي المركز الاول في قائمة أثرياء الفساد ،اذا استثنينا الرئيس وحاشيته من اخوانه وحرمه الثانية . وأعادوا التذكير بأن قوش تحكم منفردا في ميزانيات أكثر من 65 شركة تتبع للجهاز فيما سمي بشركات التابعة للامن الاقتصادي أو الواقعة تحت هيمنته بداخل السودان ، وقرابة 30 شركة بالخارج منها 23 بامارة دبي لوحدها . وتعليقا علي تطورات الحجز علي أموال 30 شخصية اقتصادية وتجميد أرصدتها وحساباتها ، ذكرت المصادر ان الذي يحدث اليوم يماثل رجوع الانقاذ الي بداياتها في أول التسعينيات ، من اطلاق تام ليد الامن وكشف حسابات الافراد بالمصارف . وأكدوا ان الذراع الأمني في الحكومة يريد ان "يحلب " ضرع ماوصف بأنه (مؤامرة تخريبية ، وعملية انقلابية ) الي آخر نقطة ممكنة . بل أن أحد اهم الأهداف ، بقناعتهم ، اليوم هو افلاس الخصوم بنزع أموالهم ( فهم يعلمون ان كل من حصل علي ثروة ، حصل عليها بنفوذه الحزبي والتنظيمي والآن جاء الدور لنزع هذا الامتياز وارجاعهم فقراء كما كانوا !) كما وصف أحد مصادرنا الخطة معربا عن اعتقاده بأن مفاجآت الايام القادمة ستطال الاسماء المصرفية والتجارية المعروفة التي سيتم "تخوينها" واتهامها بضلوعها في الانقلاب . سيحدث هذا رغم ان من سيتم التشهير بهم سيكونون بعض من فئات ثلاثة ، فأما أنهم تعاملوا مع قوش تجاريا خلال العام الاخير طمعا في الارباح ، أو أنهم تقفوا خطاه للعمل معه أو سعوا لمن عرفه ليقدمهم له كسبا لوده وللحصول علي اعمال منه أو عن طريقه . لخص مصدرنا دوافع من ذهبوا خلف قوش وحصرها في الطمع المحض حلما بما يمكن ان يجنوه من منافع جراء التحكحك به . هذه المرئية ابدعت في تصويرها مأثورة الحكمة الشعبية مما يتداول الرعاة اذ يقررون بعفوية : الروث يغري الذباب بتتبع الابقار ! ******************************* للاطلاع علي مقالات الكاتب السابقة في ارشيف الراكوبة http://www.alrakoba.net/articles-act...cles-id-88.htm