بحوث تستهدف الكشف عن ملابسات خدعة الحلقة المفقودة في نظرية تطور الإنسان خدعة «انسان بلتداون»، مجموعة عظام قيل ان عمرها يبلغ نصف مليون عام وتردد انها حلقة مفقودة في نظرية تطور البشر من سلالات القردة ولكنه اتضح أنها مجموعة أحدث عمرا من عظام البشر والقردة وتم تلطيخها والتلاعب في لونها لتبدو قديمة. وقد أثرت تلك العظام «الأحفورية» في التفكير العلمي لمدة 40 عاما قبل أن يتم الكشف عن حقيقة تلك الخدعة عام 1935. والآن وبعد مرور قرن على تلك الخدعة، قرر الباحثون حاليا تحديد من المسؤول عن ذلك في نهاية المطاف. ويرأس كريس سترينجر، خبير أصول الانسان في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، فريقا من 15 باحثا من المتحف والعديد من الجامعات لاختبار العظام المزيفة بأساليب حديثة. وكتب سترينجر في العدد الأخير من مجلة «نيتشر» العلمية الأسبوعية، ان قضية «بلتداون» مازالت قائمة ليس فقط بسبب التساؤل الملح المتعلق بمن وراء ذلك، ولكن أيضا لأنها تعد تحذيرا للعلماء بأن يتوخوا الحذر فيما يستندون اليه. وأضاف أن «الجانب الايجابي يتمثل في أن ذلك يعد أيضا مثالا على انتصار الأسلوب العلمي في نهاية المطاف» بعدما تم اكتشاف زيف تلك الخدعة. ومع ذلك، لاحظ آندي كورانت المتخصص في دراسة الحفريات الفقارية بمتحف التاريخ الطبيعي، في عام 2003 في الذكرى الخمسين لكشف تلك الخدعة ان »بلتداون ما هو الا محض هراء استنفد قدرا هائلا من الوقت الثمين». وكان ذلك «الهراء» أثار ضجة هائلة في 18 ديسمبر 1912 خلال اجتماع للجمعية الجيولوجية في لندن. وأعلن آرثر سميث وودوارد من متحف التاريخ الطبيعي أن تشارلز داوسون وهو محام وعالم آثار من الهواة اكتشف أمرا مذهلا في حفرة من الحصى في بلتداون، ساسكس في انجلترا، ألا وهو أجزاء من جمجمة بشرية وعظم فك يقدر بأن عمرها نحو 500 ألف عام. وما أثار تلك الضجة هو حجم الجمجمة التي قيل انها كانت تحتوي على مخ أكثر تطورا بشكل كبير. أما الفك السفلي من ناحية أخرى فبدا كأنه فك قرد ولكن بأسنان بدت كأسنان البشر، وتم النظر الى ذلك الاكتشاف على أنه دليل على نظرية تطور المخ ومن ثم تطور البشر. يعود الأمر الى منتصف القرن التاسع عشر بالعثور على انسان بدائي في المانيا، وتلا ذلك العثور على المزيد والمزيد في ذلك الوقت بأوروبا وأماكن أخرى عدا بريطانيا. ويرى سترينجر أن ذلك أدى الى تحفيز رغبة معظم العلماء البريطانيين لأن يعتقدوا أن اكتشاف «بلتداون» أمرا حقيقيا رغم ما أحاطه من بعض الشكوك، واليوم يعتقد أن الفك جاء من انسان غاب وأن الجمجمة لا يزيد عمرها على ألف عام. وبناء على جميع الاحتمالات، فان داوسون هو من يقف وراء ذلك التزوير في محاولة لرفع مكانته العلمية، وكان قد زور أيضا «اكتشافات» أخرى، ولكن من هم المتواطئون معه؟ من بين المشتبه بهم آرثر كونان دويل، الذي يشتهر بقصص العميل السري شيرلوك هولمز.