اعتدنا جميعنا سماع عبارة «خذ نفساً عميقاً» عند مواجهة مشكلةٍ ما. غالباً ما يعجز المرء عن إدراك حركة التنفس إلا عندما يشعر بنقص الأوكسجين أثناء ممارسته التمارين الرياضية على سبيل المثال. ولكن هل تعلم أن إطلاق العنان لقوة النفس الكامنة يحسّن كثيراً من صحتك وعافيتك؟ بدءاً من تحسين أدائك أثناء ممارسة التمارين الرياضية وصولاً إلى دعم حياتك الجنسية، ذلك مروراً بتخفيف التوتر، يساعدك التنفس في شكلٍ صحيح على تحسين صحتك الذهنية والجس... تعلّم كيف تستفيد من قوة الأوكسجين لتحسين ممارسة التمارين الرياضية ولهزيمة التوتر وتعزيز صحتك وعافيتك. إنه بحقّ أمر سهل جداً لا يتطلب إلا أن تتنفس! د. دايفيد لويس استشاري للعلاج النفسي معتمد من الجمعية البريطانية لعلم النفس وخبير تنفس من ميندلاب في جامعة سويسكس، يقول في هذا المجال: «نتنفس 20 ألف مرة كلّ يوم إلا أن قلائل تعلموا كيف يفعلون ذلك بشكلٍ صحيح. في الواقع، يتنفس معظمنا بطريقة خاطئة، إذ لا نستعمل إلا الجزء العلوي من الرئتين عند التنفس في حين أن الجزء الأسفل منهما يضمّ القسم الأكبر من الأوعية الدموية التي تسمح للأوكسجين بالوصول إلى كامل الرئتين قبل نقله إلى مختلف أعضاء الجسم». انتبه لوضعية جلوسك، هل تنحني فوق مكتبك أو تجلس محدودباً وراء حاسوبك؟ في الحقيقة، تضغط وضعيات الجلوس هذه على الحجاب الحاجز، ما يجعل مرور الهواء صعباً عبر البطن ويدفعك إلى استعمال الجزء الأعلى من الرئتين عند التنفس. يقول د. لويس: «التنفس بهذه الطريقة قد يشعرك بالقلق حتى عندما تكون مرتاحاً. يدل التنفس السطحي على أن تنفسك مثبطاً، ما يؤدي إلى شعورك بالتوتر وإلى تدني مستويات الطاقة لديك. أما التنفس البطني العميق فيمنحك الدعم من الناحية العاطفية والجسدية والفكرية». الجيد في الأمر هو إمكان تعلّم كيفية التنفس بشكلٍ جيد لتحسين صحتك. تساعد أساليب قديمة على غرار تمارين التنفس المستمدة من تمارين اليوغا على الشفاء من عددٍ من الأمراض وعلى زيادة الطاقة في الجسم. في حين تساعدك تقنيات تنفس أخرى كتلك التي يمكن إجراؤها أثناء ممارسة تمارين بيلاتيس على تنفيذ التمارين في شكلٍ أفضل وعلى الحصول على نتائج أفضل من خلال التمارين الرياضية التي تمارس. علاوةً على ذلك، يمكن أن نقع على بعض الأساليب البسيطة والمخصصة لتحسين مناطق معينة من الجسم والدماغ. هل تشعر بالاستياء؟ إليك بعض أفضل الطرق التي تساعدك على بثّ الروح مجدداً في جسمك وعقلك. ودّع التوتر ● لماذا نحتاج إلى التنفس بشكلٍ صحيح؟ يصيبك التنفس السطحي بالتوتر، إلا أن القلق والتوتر يؤثران بدوريهما على التنفس أيضاً. يقول د. مارك أتكينسون، الطبيب المعتمد (drmarkaktinson.com): «تحاول حين تشعر بالضيق أن تقاوم هذه المشاعر عن طريق التنفس في شكلٍ سطحي. بالتالي، تلاحظ أنك تكبت مشاعرك وتسيطر على تنفسك كي تتجنب البكاء أو الانهيار عندما تشعر بالاستياء، ما يجعلك ترزح تحت ثقل التوتر والإرباك». ● كيف يحسن التنفس حالتك؟ وجدت دراسة حديثة أجراها معهد أبحاث المجموعة الصحية في سياتيل أن التنفس العميق قد يزيل التوتر بنسبة 40% فوراً وأن يبقيها عند مستوى 50% لمدة ثلاثة أشهر بعد جلسات التنفس العميق. يقول د. أتكينسون: «أعلّم المرضى تمارين تنفس بسيطة تخفف التوتر فوراً. فالزفير حين يتخطى الشهيق يحفّز نظامك العصبي اللاودي الذي يثير رد فعل الاسترخاء الطبيعي». ● جربها بنفسك في حال شعرت بارتفاع التوتر، ابحث عن مكان هادئ واجلس في شكلٍ مستقيم لتسمح للهواء بالوصول مباشرةً إلى بطنك. خذ نفساً عميقاً لمدة أربع ثوانٍ ثم أخرج الهواء من فمك ببطء لمدة سبع ثوانٍ. حاول ألا تمسك نفسك وكرر هذا التمرين لمرتين أو ثلاث مرات وستلاحظ أن مستويات التوتر الذي تشعر قد بدأت تنخفض. ارفع مستوى التمارين ● لماذا تحتاج إلى التنفس بشكلٍ صحيح؟ تقول كاثرين فريلاند، مدربة التنفس التي يعتمدها معظم المشاهير (absolutefitness.co.uk): «يساعدك التنفس بشكلٍ صحيح وعميق على الحصول على ما يكفي العضلات من الأوكسجين. تحتاج العضلات إلى الأوكسجين لإنتاج الطاقة، وكلما زادت كمية الأوكسجين الذي يصل إليها، كلّما تحسن أداؤك». في الواقع، لا بدّ من أن تشمل تمارين التحمية على بعض تمارين التنفس العميق لتمديد الرئتين والعضلات. ● كيف يحسن التنفس حالتك؟ تشرح فريلاند: «يساعد الشهيق والزفير الهادئ والمنتظم على تقوية عضلات الرئة ويزيد من قدرة الرئة لتتمكن من التنفس بشكلٍ أعمق والحصول على كميات أكبر من الأوكسجين. أشارت دراسة حديثة أجرتها جامعة إنديانا إلى أن تمارين التنفس تساعد على تقوية عضلات الرئة وبهذه الطريقة تنخفض كمية الأوكسجين التي تحتاج إليها أثناء ممارسة التمارين. تبعاً لذلك، تستعمل عضلات أخرى فائض الأوكسجين الذي تأخذه، ما يحسن من أدائك. ● جربها بنفسك أثناء تمارين التحمية، خذ نفساً لمدة ثلاث ثوانٍ واحبسه لمدة ثلاث ثوانٍ أخرى ثم أخرج الهواء من فمك لمدة ثلاث ثوانٍ أيضاً. تقول فريلاند: «الزفير المنتظم أمر ضروري يضاهي الشهيق أهميةً لناحية تقوية الرئتين. خذ نفساً عميقاً مريحاً كجزءٍ من عملية التهدئة أيضاً وأثناء الجري. تتابع: «خذ نفساً كلّ خطوتين وأخرجه من فمك كلّ خطوتين أخريين، سيساعدك ذلك على الركض في شكلٍ مستقر. في حال شعرت بضيق التنفس، توقف فوراً عن ممارسة الرياضة إلى أن يعود نفسك إلى طبيعته». زيادة المناعة ● لماذا تحتاج إلى التنفس بشكلٍ صحيح؟ يعتمد نظام المناعة على الجهاز اللمفاوي، الجهاز الذي يساعدك على التخلص من فضلات الجسم. يجمع هذا الجهاز فضلات منتجات الدمّ والأمراض والسموم ويتخلص منها في حين أن الجهاز اللمفاوي البطيء والكسول يترك هذه القذارات في جسمك، ما يخفف من مناعتك فتزيد احتمالات إصابتك بالأمراض. يحفز التنفس العميق الجهاز اللمفاوي ويشجعه على العمل بشكلٍ فاعل فترتفع مناعتك. ● كيف يحسن التنفس حالتك؟ في حوارٍ نشرته مجلة «الوذمة اللمفوية» في عام 2006، ذكر الخبراء أن التنفس العميق يغيّر من الضغط داخل الصدر والبطن، ما يجبر السائل اللمفاوي على التدفق من العقد اللمفاوية إلى العنق ومختلف أنحاء الجسم. وفيما يضخ القلب الدمّ إلى مختلف أنحاء الجسم، يساعد التنفس العميق النظام اللمفاوي على البقاء نشيطاً. ● جرّب ذلك بنفسك توصل الخبراء إلى أن أفضل طريقة للحفاظ على نشاط السائل اللمفاوي تكمن في الشهيق العميق والزفير الطويل، لذلك ينصحون بأخذ نفسِ عميق والغناء ببطءٍ على سبيل المثال أثناء الشهيق. حاول أن تتنفس في شكلٍ يصل معه الهواء إلى البطن ثم أخرج الهواء من فمك وأنت تقول في الوقت عينه جملةً ما كأن تقول مثلا «أنا أسيطر على شهيقي»، ومع الوقت بعد أن تعتاد على الأمر، حاول أن تقول جملة أطول. حارب الأزمات الصدرية ● لماذا تحتاج إلى التنفس بشكلٍ صحيح؟ يعاني كثر حول العالم من أزمات صدرية. أحياناً، تغيّر أعراض الأزمة الصدرية كضيق التنفس من أنماط التنفس فتأخذ نفسك في شكلٍ أسرع أو أعمق وأطول. يزيد هذا التنفس المفرط من ضيق مجاري الهواء ويجعل الأعراض تبدو أسوء. لكن قد تجد العون الضروري حين تتعلم كيف تتنفس في شكلٍ طبيعي. يقول د.مايك توماس، كبير المستشارين الطبيين وخبير التنفس في أستما يو كاي (asthma.org.uk): «تمّ استعمال أنواع مختلفة من تقنيات التنفس طوال سنوات لمعالجة الأزمات الصدرية. كذلك تمّ استعمالها أيضاً كعلاجٍ قبل استخدام أجهزة الاستنشاق». ● كيف يحسن التنفس حالتك؟ تتعدد أنواع التقنيات ومن أهمها طريقة بوتايكو التي طورها العالم الروسي قسطنطين بوتايكو. يعتقد هذا العالم أن التنفس السريع يسبب الأزمات الصدرية، لذلك طوّر تمارين خاصة للتنفس مصممة خصيصاً للتخفيف من معدل التنفس وعمقه. تشمل تقنيات أخرى على طريقة بابوورث التي تجمع بين تعلّم مهارات تنفس جديدة والاسترخاء العميق أو تدريبات التنفس التي تعتمد على تمارين اليوغا. لا تزال طريقة عمل هذه الأساليب مجهولة إلا أن عدداً من الدراسات أثبت قدرته على تحسين التنفس. يقول توماس: «تساعد هذه التمارين الناس على الاعتماد في شكلٍ أقل على أجهزة الاستنشاق في حالات الطوارئ. أعتقد أنها تجعلهم أقل قلقاً وإدراكاً لحالات الأزمات الصدرية التي يعانونها، لذلك يشعرون أنهم أقدر على التحكم بأعراضها مما يخفف من هذه الأزمات». ● جرّبها بنفسك يمكنك أن تعثر على مدرب يساعدك على تعلّم طريقة بوتايكو. كذلك قد يساعدك طبيبك في العثور على معالج خاص يساعدك على تحسين تنفسك من خلال تعليمك تقنيات أخرى أو العثور على صف يوغا في منطقة سكنك. تذكر دائماً أن تتناول دواءك حتى عندما تحاول التحكم بنفسك، فتعلّم تقنيات تنفس جديدة يخفف من الأعراض إلا أنه لا يشفيك من الأزمات الصدرية». حسّن علاقتك الزوجية ● لماذا تحتاج إلى التنفس بشكلٍ صحيح؟ يساعدك تعلّم بعض تقنيات تانترا للتنفس على إعادة الحميمية إلى علاقتك. تقول فال سامبسون، مستشارة الأزواج ومؤلفة كتاب خاص يتناول هذا النوع من التمارين: «لا تعني تمارين تانترا لتحسين العلاقة الزوجية مجرد ساعات من المتعة إنما تزيد من الروابط الجسدية والعاطفية مع الشريك. يخفف النفس العميق من سرعة معدل دقات القلب ويساعدك لتعيش اللحظة لتحصل بالتالي على أفضل علاقة زوجية». ● كيف يحسن التنفس حالتك؟ تقول سامبسون: «يؤثر النفس البطيء على فيزيولوجيتك، فيساعدك على الإحساس أكثر بجسدك. فإخراج العواطف من رأسك وإدخالها إلى جسمك يشعرك بمزيد من المتعة. يقول بعض الأزواج إن التنفس البطيء يبني بينهما نوعاً من الرابطة الروحية». ● جرّبها بنفسك تنصح سامبسون بنوعين من تقنيات تانترا. ترمي الأولى إلى مساعدتك على الوصول إلى المتعة القصوى وتعتمد على عضلات معدة مسترخية وتنفسٍ عميق يصل إلى البطن بعيداً عن التوتر للحصول على إحساس أقوى. أما التقنية الثانية فيمكن ممارستها أثناء المداعبة أو كتمرين لتقوية الرابط بين الشريكين. ولتنفيذ هذا النوع من التقنيات تقول سامبسون: «اجلس قبالة شريكك على أن يضع كلّ منكما يده اليُمنى وسط صدر الآخر واليسرى فوق اليمنى. بعد تثبيت هذه الوضعية أغلقا عيونكما وحاولا أن تزامنا الشهيق والزفير كأن تأخذا النفس الواحد مع الآخر أو أن يتبع نفس أحدكما نفس الآخر. تخيّلا أن نفسيكما يشكلان دائرة من الضوء الفضي. لا شكّ في أن أفكاراً كثيرة ستلمع في رأسيكما بعد هذا التمرين!». ارفع مستوى تركيزك ● لماذا تحتاج إلى التنفس بشكلٍ صحيح؟ لا يساعدك التنفس العميق على الاسترخاء فحسب، بل يزيد من طاقتك ويساعدك على التركيز. يقول لويس: «يحتاج دماغنا إلى موارد ضخمة، علماً أن معظم الطاقة التي يستمدها الجسم من الغذاء يستعملها الدماغ. الأمر أشبه بالأوكسجين. في حال لم يحصل الدماغ على كمية الأوكسجين الكافية، تفقد تركيزك وتنخفض مستويات الطاقة في جسمك. فكّر أنك تجلس في غرفة اجتماعات مملة بينما يغط الجميع في النوم». ● كيف يحسن التنفس حالتك؟ تحتاج إلى الأوكسجين لمساعدة الدماغ على العمل بشكلٍ فاعل تماماً كأي عضو آخر. ويشير بعض الأرقام، وفقاً للويس، إلى أن الدماغ يستعمل حوالى 20% من الأوكسجين الموجود في الدم. لكن في حال زادت كمية ثاني أوكسيد الكربون في الدمّ ستبدأ بالتثاؤب بسبب المحاولات التي يبذلها الدماغ للحصول على كميات إضافية من الأوكسجين. في الواقع، يسمح التثاؤب تلقائياً بزيادة كميات الهواء في الرئتين، ما يزيد من مستويات الأوكسجين في الدم. ● جرّبها بنفسك في حال شعرت بالملل أثناء العمل، أخرج للحصول على بعض الهواء النقي أو إلى مكان أقل مللاً. يقول لويس: «ابدأ بأخذ نفس عميق جداً، تخيّل أنك تحمل داخل جسمك كرةً تحاول إخراجها ليتسع مجال الحجاب الحاجز. عندما تشهق، حاول أن تخرج أكبر قدرٍ من ثاني أكسيد الكربون من جسمك. بعد بضع محاولات، ستشعر باليقظة والطاقة تسري في جسمك. للاطلاع على المزيد من تمارين التنفس الرجاء زيارة موقع لويس الإلكتروني. bo-tau.co.uk تمارين التنفس المنتظم لمساعدة المصابين بالأزمات الصدرية اجلس في شكلٍ مستقيم على كرسي واترك يديك مسترخيتين على يدي الكرسي. احرص على أن تبقي كتفيك مسترخيتين وضع إحدى يديك على معدتك والأخرى على صدرك. تنهد من فمك لتفرغ رئتيك وترخي عضلات العنق والكتفين. أغلق فمك وخذ نفساً من أنفك كالعادة. لا يجب أن تتحرك إلا اليد التي وضعتها على معدتك في حين يجب أن تبقى اليد التي وضعتها على صدرك ثابتة. أخرج الهواء من فمك ببطء من فمك. فضّ شفتيك وكأنك تتطفئ شمعة ولكن لا تخرج الهواء. كررّ التمرين من دون أن تتنفس في شكلٍ عميق جداً – حاول أن تلتزم بنمطٍ طبيعي. ما إن تشعر بالراحة، حاول أن يكون شهيقك أطول من زفيرك. حاول أن تشهق وتزفر عشر مرات في الدقيقة في ما تمنح لنفسك القليل من الراحة. حذار أن تمارس هذه التمارين حين تكون أعراض الأزمة الصدرية بأوجها، كذلك لا تمارسها إلا بضع مرات في اليوم لمدة خمس دقائق كلّ مرة.
