هل كانت فتوى الشيخ الفوزان ضد 'الفسق والفجور' سببا مباشرا في تراجع الجنادرية عن إقامة مهرجان فني أعدته نساء سعوديات؟ التشدد إلى انحسار في السعودية الرياض الغى المشرفون على مهرجان الجنادرية الثقافي، بعض فقرات المهرجان بسبب إحدى الفتاوى وتحريض من الجماعات السلفية المتشددة، على ما قالت مصادر مقربة من المهرجان. وانهى الجنادرية مهرجانه الثقافي السنوي الثامن والعشرين. وتم الاكتفاء بزيارة الضيوف إلى القرية التراثية وكان الحضور اختياريا، بينما تراجع عن إقامة مهرجانه الفني الذي أشرفت على إعداده مجموعة من النساء السعوديات مقررا بذلك إلغاءه. وكان المشرفون على المهرجان قد أعلنوا عن تأجيل حفل الافتتاح الخطابي والفني، وذلك لتزامنه مع وفاة الأمير بدر بن عبد العزيز نائب الحرس الوطني السابق، لكنهم لم يعلنوا عن إلغائه، وهو ما فتح الباب لتأويلات عديدة بشأن اسباب الإلغاء التي يبدو أن ضغوطات الجماعات المتشددة هي التي تقف وراءها. وأفتى رجل الدين السعودي المتشدد صالح الفوزان بتحريم حضور فعاليات مهرجان الجنادرية، الثقافية والفكرية والأدبية، ليثير بلبلة في أوساط رواد المهرجان. واعتبر الشيخ السلفي في اليوم ما قبل الأخير من المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالسعودية، أن "هذه الفعاليات هي أجواء غير سليمة وضد الدين، وتدفع إلى الفجور والفسق". وكان الشيخ المتشدد يشير بذلك إلى حضور النساء لفعاليات المهرجان، وعلى غير العادة، وجها لوجه مع الرجال، وقد ركزت فتواه على الاختلاط غير المسموح به دينيا. وخصص المشرفون على المهرجان جناحا خاصا للنساء في قاعة الندوات تم حجبه عن الرجال، مع شاشة تعرض منها الندوات، غير أنه سمح للنساء إما بأن تجلس في هذه القاعة او ان تشارك الرجال حضورهم في القاعة المخصصة لهم وذلك وفقا لرغبة كل واحدة منهن. وإلى جانب فتوى الشيخ صالح الفوزان، فقد تجمعت مجموعة من الشباب السلفيين على مدى ايام المهرجان، بتحريض من مشايخهم أمام دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسط الرياض، للمطالبة بمنع فعاليات الجنادرية، على اعتبار أن الهيئة هي الدائرة المختصة في الحسبة، ومنع الاختلاط بين الجنسين في هذه الفعاليات. وتأتي الفتوى واحتجاجات السلفيين المتشددين، تكرارا لنفس ممارساتهم في نسخة الموسم الماضي من المهرجان عندما هاجم المشايخ المتشددون الفعاليات نفسها ودفعوا مريديهم من الشباب للاحتجاج تحت نفس الذرائع والاسباب. واعتبر عدد من المثقفين السعوديين ان فتوى الشيخ صالح الفوزان وتجمع الشباب الأصوليين أمام هيئة الأمر بالمعروف ممارسات تسعى لتكريس للتخلف، ومحاولة لإعادة أمجاد السلفية، والعمل على عزل البلاد عن العالم. وقالوا إن وصف الاختلاط في ندوة ثقافية أو أمسية شعرية بالفجور والفسق تصرف لا أخلاقي وينم عن محاولة لتكريس الارهاب الفكري وغرس التخلف. وأكدت مصادر واكبت المهرجان أن الفتوى لم تجد تجاوبا يذكر من الحاضرين بينما نفذت فقرات البرنامج الفكري والأدبي بشكل كامل. وقالت المصادر إن ندوة الإسلام السياسي وما طرح فيها من وجهات نظر مخالفة للإسلاميين كانت بمثابة الدافع الاساسي للتحرك ضد المهرجان، غير أن تأثير ذلك الموقف بدا محدودا جدا. واضافت نفس المصادر أن إعلان المملكة العربية السعودية موقفها الحاسم الرافض للإسلام السياسي، مثلما جاء في كلمة رئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، وهو ينوب والده في استقبال ضيوف الجنادرية، قد اسهم في انحسار أي تأثير يذكر للمواقف المتشددة في قطع العلاقة بين المهرجان وجموع زائريه من الجنسين. هذا وتختتم الجنادرية مهرجانها لهذا العام الاثنين بندوة عن اللغة العربية والهوية، وندوة الفساد الإداري، وأماسي شعرية وأدبية.