يعتقد البعض أن الطريق إلى قلب (القارئ) هو ممارسة النقد اللاذع بحق أو باطل على القضايا التي تخص النادي الذي ينتمي إليه القلم وقلنا (الإنتماء) لأن النهج العام للصحافة الرياضية في السودان مبني على أساس (التشجيع) ولا يعتمد على توجيه رسالة إعلامية رياضية مقننة ودقيقة. * بينما تلجأ فئة ليست بالقليلة لممارسة نهج (الإسفاف والإبتذال) والتعدّي على (الأعراض) وتناول (الخصوصيات) التي لا علاقة لها بالقضايا الرياضية ولا تمس النادي من قريب أو بعيد إضافة لإطلاق العنان لتوجيه (اتهامات باطلة) لشخصيات رياضية بارزة بمظان (الإثارة الصحفية) وهو فكر أضحى (يورّث) من جيل لآخر وبات (دستوراً) لبعض حاملي القلم حتى الحديثين منهم. * المصيبة أن الاسلوب المذكور بات من أولويات (القارئ) الذي تشبّع بنظرية (التهاتر) وأضحى يؤمن تماماً بفكر (المناكفة والسخرية) والتقليل من الآخر لذلك نجد أن هناك اضمحلالاً مريباً في المادة الرياضية (المهنية) وضموراً مخيفاً في مضامين الأعمدة الرياضية من حيث الفكرة والنوع. * القارئ ما عاد يبحث عن مقال (حيادي) أو نقد وتحليل (متّزن) وإنما يلهث وراء المضمون الذي يتوهم أنه (يدافع) عن كيانه الذي يشجّعه ويقف سدّاً منيعاً أمام المؤامرات التي تُحاك ضده خلفه الكواليس سواء على مستوى القائمين على شئون الكرة بالبلاد أو الخصم اللدود. * الدفاع عن حقوق النادي لا يستدعي الخوض في (أعراض الناس) ولا يستوجب الغوص في تفاصيل حياة الأشخاص ولا يلزم التشكيك في الذمم، فحقوق النادي والدفاع عنها يتم بسرد مضمون قوي يقارع الحجة بالحجة ويمتلك من الحقائق ما يدحّض ادعاءات وافتراءات الآخرين ويكشف (إسفافهم) ويهزم فكرتهم التي تؤسس (للكره والعداء). * الشارع الرياضي المطّلع ما عاد يكتفي بالقراءة فقط بل بات يشكّل دوراً مركزياً في (تصنيف وفلترة الأقلام) فالمهادن في نظره (جبان وضعيف) والحيادي يوصف (بالمتمّلق) ومن يشيد بمجالس الإدارات فهو (نفعي) وتربطه مصالح مع مجلس إدارة الفريق ومن ينتقد حتى وإن كان نقده بناءً يوصف (بالمعارض) أما ممارس (الإسفاف على أصوله) يعتبر سيفاً يحمي الكيان من المتربصين. * إذاً المشكلة في المقام الاول مشكلة مجتمع رياضي لم يعرف التفريق بين (الموضوعية) و (الإسفاف) ويساعد على إرساء تلك المبادئ السيئة بدعمه اللامحدود لتلك المضامين وبالتالي إرسال رسائل ضمنية لأصحاب ذلك النهج بأن ما يقدمونه للقارئ الكريم هو مادة دسمة ومفيدة بينما يتحدّث الواقع عن العكس تماماَ. * التنافس المحتدم بين القطبين يفترض أن لا يخرج من إطار المستطيل الأخضر بالتناول والتحليل والنقد البناء طالما أن المبدأ الأساسي للكتابة هو مخاطبة (عقول القرّاء) وتنويرهم بقضايا أنديتهم وتبصيرهم بايجابيات وسلبيات قادة الرياضة سواء على مستوى ادارات الأندية أو الإتحادات. * واقع الإعلام الرياضي في السودان لا يعرف الحيادية لذلك ليس بالضرورة أن (يخفي) الكاتب انتماءه الصريح لناديه ومن حقه الدفاع عن حقوقه ومكتسباته بآلية تناول القضية عبر عدة مسارات للشكل العام للمضمون والذي يبدأ بالوقعة ثم التحليل فالرأي وأخيراً المقترحات بعيداً عن إقحام (الشخصنة) والطعن في الأفراد. * إنتقاد التحكيم والإتحادات ومجالس الإدارات وحتى حملة الأقلام الرياضية لا ضير فيه على الإطلاق طالما أنه ينزوي داخل إطار نقدي محدد لا يتجاوز الخصوصيات ولا يمس الأعراض والشخوص. * استفحال هذه الظاهرة سيؤدي إلى إشعال فتيل (التعصّب) والذي يمكن أن يقود لعواقب غير محمودة ربما تمس الأنفس والممتلكات على شاكلة بورسعيد المصرية ولقاء الأهلي الشهير مع المصري. * حاجة أخيرة كده :: بالتأكيد لا نعفي أنفسنا أيضاً.