يبدو أن مشكلة توفير النقد الأجنبي بالمصارف والصرافات السودانية ما زالت تشكل هاجسا للقائمين على أمر البنك المركزي والزائدين عن حمى حياض الاقتصاد الكلي بالبلاد رغم الإجراءات التي اتبعها وطبقها البنك المركزي مؤخرا بتشديد الرقابة على الصرافات والمصارف لضبط صرفها وتوزيعها لحصة النقد الأجنبي التي يوفرها المركزي لها والتأكد من أوجه صرفها حسب لوائح البنك المركزي، غير أن ثمة ملاحظات بدت للبنك المركزي تنم عن بعض الخروقات والخروج بالنقد الأجنبي عن المسار المرسوم باتباع أساليب تحايل كأن يؤتى بجواز سفر وعليه تأشيرة خروج معتمدة فيمنح على أساسها المبلغ المقرر من الصرافة حسب لوائح البنك المركزي بيد أنه لا يتم استغلاله في السفر فيذهب به إلى السوق الأسود بعد أن يقبض صاحب الجواز عمولته أو فائدته من العملية لأجل هذا وإمعانا في تشديد الرقابة على النقد الأجنبي الخارج من خزينته وجه البنك المركزي المصارف والصرافات أمس الأول بتسليم المبالغ المباعة نقدا للمسافرين داخل صالة المغادرة بمطار الخرطوم الدولي لضمان استخدام المابلغ الممنوحة في الغرض الذي من أجله تم التصديق بها في وقت حذر أصحاب الصرافات من مغبة أن يؤدي الاجراء لرفع سعر الدولار بالسوق الموازي. ولم يكتفِ البنك المركزي بإصدار توجيهه وتعميمه على كافة الصرافات بل خطا خطوة أكثر تشددا في تحديد كيفية اجراءات التسليم بصالة المغادرة بأن تقوم شركة الصرافة بمقرها باستلام المقابل المحلي من الشخص المسافر وتسليمه ايصالا بالمبلغ المعادل بالنقد الاجنبي موضحاً فيه الاسم رباعيا كما هو بجواز السفر، اضافة الى رقم الجواز وتاريخ السفر ، ومن ثم ترسل هذه المعلومات مع المبالغ المباعة بالنقد الاجنبي الى المكتب المخصص للتسليم في المطار بعد اكمال اجراءات السفر واستلام بطاقة الصعود الى الطائرة.ومنح البنك المركزي الصرافات مهلة تنتهي في الثامن والعشرين من الشهر الجاري لترتيب اوضاعها الخاصة بتطبيق هذه الضوابط مع تأكيده على سريان بقية الضوابط المنظمة للمبيعات غير المنظورة والواردة بكتيب ضوابط وتوجيهات ادارة السياسات لشركات الصرافة للعام 2010 دون تعديل.وعلى صعيد أصحاب الصرافات اشتكى عدد منهم تحدثوا ل (الصحافة) من أن الإجراء يعمل على مضاعفة الجهد الادارى للصرافات ما يستدعي فتح مكاتب لها بالمطار، لاكمال الاجراءات، بالاضافة الى انها تعمل على رفع سعر الدولار بالسوق الموازي وترتفع معه تدريجيا اسعار السلع فى الاسواق ويتضرر منه المواطنون. ومن جانبه وصف البروفيسور عصام بوب إجراء البنك المركزي بخصوص تشديد الرقابة على توظيف النقد الأجنبي فيما هو مخصص له بالخطوة الجيدة لمنع تسربه إلى السوق الموازي غير أنه يرى أن تتبعها بعض الإجراءات لضمان نجاحها بأن يمنح البنك المركزي تسهيلات بمطار الخرطوم بفتح نافذة أو مكتب لمتابعة تنفيذ التوجيهات الصادرة منه حتى لا تتعقد إجراءات الحصول على النقد الأجنبي بالمطار للمسافرين الذين تم التصديق لهم باستلامه على أن يتبع ذلك إجازة ميزانيات خاصة قائمة على درسة لعدد المرضى الذين تتطلب حالاتهم السفر إلى الخارج بغرض العلاج بالتعاون مع القومسيون الطبي لمنع أي ثغرات للولوج من باب المرض للحصول على النقد الأجنبي وعاد بوب بقوله إن إجراءات المركزي تعكس ضيق ذات يده في النقد الأجنبي وأن ثمة نقص في مستوى الاحتياطي بالبنك المركزي مما سيكون لذك أثر على حيوية الاستثمار الأجنبي بالبلاد الذي يسعى الداخلين فيه اقتصاديا إلى الحصول على مكتسبات من رؤوس أموالهم التي أدخلوها في الاقتصاد السوداني بغية الربح وقال إن الاتجاه العام في كل الدول النامية سعيها الحثيث لجذب الاستثمارات الأجنبية وليس استيطانها بمعنى أوضح لابد من توفير الحماية لرؤوس الأموال الأجنبية الداخلة إلى البلاد بغرض الاستثمار بكفالة قدر محدد لها من حرية الانتقال دخولا وخروجا ونفى علمه بالترتيبات التي اتخذها البنك المركزي لضبط دخول وخروج أموال الاستثمار وطالب بوب البنك المركزي أن يضع نصب عينيه مبدأ حرية تحرك وانتقال رؤوس الأموال الأجنبية بصورة مدروسة وقال إذا لم يحدث ذلك فإن رد الفعل سيكون سلبيا على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد .