عندما يتحالف الفقر مع تردي الخدمات تكون النتيجة بطبيعة الحال بؤسا وشقاء ومعاناة وضنكا ،وحينما تفشل السلطات في أداء واجباتها تجاه مواطنيها يلقي هذا الأمر بظلاله السالبة علي واقع الحياة التي يأتي لونها وطعمها مختلفان في أفواه ونظر الذين يرزخون تحت وطأة الظروف الحياتية القاسية . والسكان بمحلية نهر عطبرة بولاية كسلا لايمكن أن تسقط عن ذاكرتهم رغم تقادم السنوات حادثة وفاة 16 مواطنا ومواطنة قبل ثمانية أعوام باحدي القري اثر اصابتهم بالتسمم جراء شربهم في صيف غائظ مياها من احد المصارف الراكدة ،وتلك الحادثة دقت وقتها ناقوس الخطر واوضحت بجلاء المعاناة التي تواجه المواطنين الذين توقعوا أن تضع تلك المأساة حدا لمعاناتهم المتواصلة في الخدمات بتفاعل واهتمام السلطات بقضاياهم الا أن توقعاتهم ذهبت ادراج الرياح بمثلما ذهب ال16 مواطنا شهداء . وواقع الحال بمحلية نهر عطبرة التي تم انشاؤها قبل ثلاثة أعوام وكانت المنطقة التي تتكون أكثر من 35 قرية تتبع لمحلية حلفاالجديدة ،يشير الي أن الخدمات الأساسية للمواطنين شبه معدومة ولاتتوفر ادني مقومات الحياة الكريمة لدافعي الضرائب والزكاة الذين يقطنون المنطقة الشاسعة التي تمتد من حدود حلفاالجديدة حتي الولاية الشمالية وولاية القضارف . ويقول محمد حسب ربه القيادي البارز بالمؤتمر الوطني واتحاد مزارعي حلفا وهو من مواطني قرية ريرا ، ان قري محلية نهر عطبرة ظلت ولعقود طوال مهمشة ولاتتوفر بها الخدمات الأساسية والمطلوب توفرها، وأضاف :هناك معاناة حقيقة علي الأصعدة الحياتية قاطبة ،ففي مجال الصحة لاتوجد مستشفيات والمراكز الصحية الريفية القليلة تفتقر الأهم المقومات الأساسية من أجهزة وكوادر طبية ،ويذهب مواطنو القري ال35 صوب مستشفي مدينة حلفاالجديدة التي يعاني المواطنون في سبيل الوصول اليها وذلك بداعي وعورة الطرق خاصة في فصل الخريف الذي تصاب من خلاله حركة التنقل بشلل لعدم وجود طرق مسفلتة ،وكثير من النساء الحوامل يسلمن أرواحهن قبل الوصول الي مستشفى حلفا،و فيما يختص بمياه الشرب فتتجسد بقري المحلية أبشع صور المعاناة وذلك لانعدام المياه الصالحة للشرب ولايجد المواطنون خاصة في فصل الصيف غير الشرب من الحفائر والترع والمياه الراكدة التي أودت بحياة الكثيرين مباشرة أو عن طريق الاصابة بمرض الطوحال الذي استشري منذ زمن بعيد في المنطقة ،وحتي مياه الآبار لاتخضع للترسيب واضافة مادة الكلور . وذات الواقع ينطبق علي التعليم المتردي بالمحلية حيث تسود فصول القش التي تحول والدراسة عند هطول الامطار وينعدم الاجلاس حيث يتلقي التلاميذ تعليمهم وهم جلوس علي الأرض في عدد كبير من المدارس التي تفتقد لأدني مقومات العملية التعليمية بل حتي المعلمون يهربون من مدارس المحلية، وفي محور الكهرباء هناك اكثر من 60% من القري لم تعرف هذه الخدمة الحيوية حتي الآن وتعيش في ظلام دامس عند حلول المساء . وتساءل حسب ربه عن دور صندوق اعمار الشرق الذي اعتبره غائبا تماما عن قضايا المنطقة ولايهتم بمعاناة المواطنين ،طالب بان تكون هناك مشروعات حقيقية من جانب الصندوق تلامس عصب الحاجة الحقيقية للمواطنين ،وأشاد بمعتمد المحلية والمجهودات التي يبذلها الا أنه أشار الي ضعف موارد المحلية التي لن تفي وتكفي لمواجهة قضايا الخدمات بالمنطقة . من جانبه، لم ينف معتمد محلية نهر عطبرة أحمد عدلان ابراهيم حاجة المنطقة للخدمات الا انه أكد أن المساعي مبذولة علي الأصعدة كافة من اجل توفير الخدمات الضرورية للمواطنين، وقال ان المحلية نجحت خلال الفترة الماضية برعاية تامة من مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع ووالي ولاية كسلا وبدعم من منظمات بلان سودان وصندوق اعمار الشرق والمنحة الأوربية وغيرها من جهات داعمة في ادراك العديد من الانجازات بعدد من القري وفي محاور مختلفة خاصة علي صعيد الصحة التي شهدت قيام عدد من المراكز الصحية بالاضافة الي تشييد مستشفى سيتم افتتاحه قريبا ، ومؤخرا تم التصديق للمحلية بسد النقص في الكوادر الصحية ب160 وظيفة وكذا الحال في التعليم الذي شهد تشييد العديد من الفصول الجديدة من المواد الثابتة بعدد من القري ،وعلي صعيد الكهرباء سيشهد شهر نوفمبر القادم دخول الخدمة لعدد كبير من القري. وكشف عدلان عن تشييد أربعة طرق خلال المرحلة القادمة تربط قري المحلية بمدينة حلفاالجديدة، وقال ان منطقة الشبيكة ستكون حاضرة المحلية بعد الانتهاء من أعمال البنية التحتية ،وأكد عدلان حرصهم الكامل علي توفير كل الخدمات للمواطنين خلال المرحلة المقبلة . الجدير بالذكر ان رئاسة محلية نهر عطبرة لاتزال بمدينة حلفاالجديدة وهو الأمر الذي طالب الكثيرون وعلي رأسهم والي كسلا أن تتم معالجته بأسرع وقت وذلك تقصيرا للظل الاداري ،ويتمني مواطنو المحلية ان تفرد حكومة كسلا بعض الاهتمام بقضايا المنطقة الخدمية ، وأشاروا الي ان الكثير من الشباب فضلوا الهجرة الي مدن وأوطان أخري بحثا عن العمل وان هناك أسر غادرت المنطقة وأستقر بها المقام في مدن أخري تتوفر بها الخدمات الضرورية.