أمال عباس ٭ من نضال شعبنا ٭ في هذه الأيام تأخذنا حمى الحديث عن الانتخابات وعن التبارى بالكلمات وهوية المرشحين لرئاسة الجمهورية والمجلس الوطني وولاة الأقاليم ومجالس الولايات التشريعية ونتحدث ونتحدث.. ومن خلال هذه الشحنات الهائلة من الكلام يطل الصراع بين المؤتمرين.. صراع الإسلاميين.. ويخرج النائب علي عثمان محمد طه من صمته.. ويوجه الاتهام علانية للشيخ الدكتور الترابي بأنه هو الذي أدخل دارفور في الدائرة الجهنمية وعليه هو المسؤول من أرواح كل الذين قتلوا خلال الست أو السبع سنوات الماضية.. ويتبعه الرئيس عمر البشير في ذات النهج ويصف أحداث دارفور بأنها فتنة... ٭ وهذا في حد ذاته يضعف من قضية دارفور المتجذرة والمنطقية والقائمة على اهمال المركز للهامش.. كل الهامش والأطراف بما في ذلك اقليم دارفور... وبالفعل فطنت حركات دارفور ونفت بل احتجت على ربطها بالمؤتمر الشعبي وبالدكتور الترابي.. المهم هذا جانب جديد من مسألة دارفور التي تشهد آخر المفاوضات بالدوحة.. ٭ بدأت الحملة الانتخابية وبدأت معها الاتهامات في الاحتجاجات. ٭ كل الأحزاب تتحدث عن تجاوزات المؤتمر الوطني في استغلال امكانيات الحكومة في الحملة الانتخابية.. من عربات.. ووقت وموظفين وعمال.. وهذا بالطبع.. اتهام يسنده الواقع، فالوالي الذي يصرف أمر الولاية من موقعه التنفيذي تتعثر بل وتستحيل عليه عملية الفصل بين حركته وحركة الولاية وحركة العاملين معه في الولاية.. وأقرب مثل تدشين حملة الرئيس عمر البشير بنادي الهلال فكل الفعاليات السيادية التي تتبع رئيس الجمهورية قامت بواجبها التنفيذي وهذا يستحيل بالطبع مع أي مرشح آخر.. من المرشحين الاثني عشر.. ٭ أردت ان أتناول أمر الانتخابات هذه والتي لا اتعاطف معها بدرجات صدق عالية لسبب واحد وهو عدم اقتناعي بأن المناخ العام والخارطة السياسية والأمنية تقود إلى نتائج حقيقية مهما فعّلنا الرقابة أو الحرص على عدم التجاوز.. فنحن نقول في أمثالنا.. «الفي يده القلم ما بكتب نفسه شقي» فكيف للمؤتمر الوطني وهو منفرد بالسلطة لمدى عقدين من الزمان.. ان يضع القلم الذي بيده ويسمح للشقاء أن يقترب منه.. ٭ أردت ولكن سيل من الأفكار والصور والخواطر داهمتني.. على رأسها تاريخ هذا البلد العظيم ونضال شعبه الجبار... حضارة نبتة ومروي.. ودخول المسيحية التي اعتنقها الملوك والولاة.. وصلة العرب بالسودان.. الصلة التي بدأت قبل ظهور المسيحية والإسلام... ومملكة العبدلاب في الشمال وسلطنة الفونج التي امتد نفوذها حتى عم الشمال والشرق ومملكتا تقلي والمسبعات في كردفان وسلطنة الفور في الغرب. ٭ وفي أواخر القرن الثامن عشر ضعفت سلطنة الفونج مما مكن لمحمد علي باشا والي مصر وباسم البابا العالي في تركيا غزو السودان عام 1821.. تتالت ملاحم النضال مع الصلف الاستعماري.. ٭ حتى تركت لنا الثورة المهدية حصيلة ثرة من التجارب الوطنية في مجال التنظيم الداخلي ومجابهة التدخل الاستعماري الاوربي ولم تسقط دولة المهدية إلا بعد تضحيات بطولية رائعة.. ضد الغزو. ٭ وفي عام 1924 ظهرت الحركة الوطنية في شكلها الشامل ومعناها العميق.. في انساق مكون هذا الشعب العظيم.. الشعب السمفونية.. وهنا أقف.. أقف عند عام 1924 والسبب تلك البطاقة التي وصلتني.. البطاقة في عاليها رمز مرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية.. المثلث والنجمة.. مكتوب عليها.. «الأمل والتغيير.. وفي السطر الثاني مع الأمل أنتم على موعد مع التغيير.. تقول البطاقة.. ٭ يسر الحركة الشعبية لتحرير السودان دعوتكم لحضور المؤتمر الصحفي الأول لمرشحها لرئاسة جمهورية السودان الأستاذ ياسر سعيد عرمان.. والزمان والمكان فريدين... ٭ المكان: منزل أسرة المناضل الوطني الكبير علي عبد اللطيف الذي يجمع الشمال والجنوب وينتمي للسودان. ٭ الزمان الأحد الموافق 14/2/2010م عند الساعة الرابعة مساء بحي الموردة بأم درمان جوار سوق الموردة القديم.. وعلى بعد عام من ممارسة حق تقرير المصير لشعب السودان فلنسرع الخطى نحو الوحدة الطوعية وفق الارادة الحرة لشعبنا في جنوب السودان. ٭ مع فائق التقدير ادارة حملة رئاسة الجمهورية للحركة الشعبية لتحرير السودان ٭ هذه البطاقة.. الرسالة والبرنامج.. الأمل... الأمل الأخضر للتغيير.. تغيير ينتصر لارادة الثورة الفاعلة في أعماق الجنوبيين والثوار من أبناء هذا الوطن العزيز.. وطن الحضارات والتلاحم والتمازج. ٭ والحركة الشعبية عندما تقدم من بين أعضائها الأخ المناضل ياسر عرمان تدعونا لفهم رسالة عميقة وقوية.. في فهم الوحدة والتمازج في وطن واحد يتسع للجميع.. ٭ تأملت الدعوة.. وقمت إلى كتاب ملامح من المجتمع السوداني لحسن نجيلة وفتحت الصفحة التي تتحدث عن محاكمات اللواء الأبيض.. لأنقل لقراء من العمق العاشر ولأبناء وبنات الجيل المعاصر.. اجابات البطل علي عبد اللطيف في المحكمة. ٭ «نعم أنا رئيس الجمعية وقد قرأت في جريدة الحضارة يونيو «يشير إلى اجتماع خطير عقد في منزل أحد أعيان مدينة أم درمان وقد ضم عددا من الأعيان والعلماء أصدروا بياناً طالبوا فيه بأن يكون السودان تحت الوصاية الانجليزية وحدها حتى يبلغ رشده ، ونشر البيان في جريدة الحضارة في شهر يونيو من ذلك العام» وكنت أنا وصالح عبد القادر فقال صالح ان ذهبت إليه في البوستة يمكن ان نرسل تلغراف احتجاج موقعاً عليه من 20-30 أفندي «ارسل علي عبد اللطيف وصالح عبد القادر وآخرون تلغرافاً للحاكم العام احتجاجاً على السياسة التي ترمي لوضع السودان تحت الوصاية الانجليزية وكان شديد اللهجة» ولكن لما ذهبت إليه لم نتحصل إلا على خمسة امضاءات فقط وبعد ما نشر التلغراف «في الجرايد المصرية وعرفه الجمهور كان يأتي إلى كثيرون مؤيدين كما وصلتنا تلغرافات وجوابات من جهات مختلفة.. ومشى العمل مدة 15 يوماً بدون نظام.. ولكن بعد ذلك وحدنا العمل ونظمناه وعملنا القانون وانتخبوني رئيساً للجمعية وصارت كل المخاطبات بعدها تأتي باسم الرئيس وأنا قبلت الرئاسة واشتغلت بهذه الصفة. ٭ وأجاب عن صلته بالسياسي المصري المشهور حافظ رمضان رئيس الحزب الوطني في مصر سابقاً عندما زار السودان قبيل حوادث 24 قائلاً: ٭ ذهبنا أنا وعبيد حاج الأمين وصالح عبد القادر وسليمان كشه ليتحرى سليمان عن أخويه الطالبين بمصر «يعني توفيق أحمد البكري وبشير عبد الرحمن اللذين هربا لمصر طلباً للعلم» فقابلنا حافظ بك رمضان باوده المقابلة بالجراند أوتيل بالخرطوم فسأله سليمان كشه عن أخويه فقال حافظ بك انه لا يعرفهما ولا يعرف عنهما شيئاً ولكن اعطني عناوينهما فأجابه سليمان بأنه سيكتب لهما لمقابلته عند عودته لمصر.. وأنا كنت قد ذهبت مرتين لحافظ رمضان بغرض الاستفهام عن السودان وغرض المصريين لأنه في ذلك الوقت كان الكلام كثيراً عن السودان وقد تحدثت مع الرجل في المواضيع السياسية وكان رجلاً متحفظاً جداً».