وكما هو متوقع فقد عقدت قوى جوبا اجتماعها الخاص بمناقشة ترتيبات عقد المؤتمر القومي لمناقشة القضايا السودانية الملحة في غياب المؤتمر الوطني الشريك الرئيس في كل القضايا او الممسك بمفاصل جل القضايا في البلاد باعتباره الحزب الحاكم وهو المسؤول مسؤولية مباشرة عن القضايا التي يجب ان يناقشها المؤتمر الجامع، وقال القيادي في قوى جوبا كمال عمر للصحافة ان الاجتماع التحضيري شارك فيه 14 عضوا من خارج منظومة قوى جوبا وقال ان المجتمعين امنوا على حاجة البلاد لاجماع وطني لحل قضايا الوحدة والاستفتاء ودارفور والحريات والمعيشة واشار إلى أن الاجتماع خلص الى تكوين لجنة تحضيرية من كافة الاحزاب وحدد الثلاثاء المقبل لحضور مندوبين من كل الاحزاب قبل ان يقول ان المؤتمر يمثل آخر الفرص المتاحة لحل ازمات البلاد وحمايتها من التفتت والتشرزم وتوقع عمر ان تضع اللجنة التحضيرية في تقديراتها دعوة المجتمع الدولي كضامن للمؤتمر ومخرجاته. بعيدا عن دعوة المجتمع الدولي كضامن للمؤتمر ان ثمة سؤال يطرح نفسه وبالحاح حول قدرة تلك القوى على التجمع ومقدرتها في الخروج بقرارات تدعم قضية الوحدة والاستفتاء وتخفيف اعباء المعيشة والمساهمة في حل قضية دارفور في ظل الراهن الآن وفي ظل عدم قبول المؤتمر الوطني بالجلوس معها في طاولة الحوار والذي ربما تمترس حول موقفه السابق من مؤتمر جوبا ولاحقا بعد تقديمه دعوة لهذه القوى من اجل اقامة مؤتمر جامع لمناقشة قضية الاستفتاء والوحدة بالبلاد منطلقا من موقفه الذي اتت به الانتخابات ومن مسؤوليته امام الناخبين باعتبارات الامر الواقع الذي قد يرفضه كثيرون وهو امر يبدو غير متاح لتلك القوى المعارضة في سعيها من اجل عقد مؤتمر ودعوة المجتمع الدولي لضمان تنفيذ مخرجاته. فهي ستكون مطالبة اولا بخلق حالة من الاتفاق حوله على مستوى الداخل وهو الامر الذي سينتفي في حال الفشل في اقناع المؤتمر الوطني بضرورة المشاركة فيه وهو الذي اوضح وجهة نظره من خلال تصريحات متكررة لقيادته والذين شككوا في نوايا المعارضة وفي دعوتها لمثل هذا المؤتمر وهي التي اكتفت بمقاعد المتفرجين طوال الفترة السابقة من عمر الاتفاقية ووصفوا الدعوة بانها محاولة للالتفاف حول الدعوة التي تقدم بها رئيس الجمهورية وابدت بعض القوى السياسية موافقتها المبدئية عليها قبل ان تعود متحججة بحجج واهية حسب وصفهم للامر قبل ان تاتي المعارضة او قوى جوبا لعقد مؤتمرها الموسع وهو ما بدأت خطواته الفعلية على ارض الواقع بالرغم مما يعترضه من مصاعب ومعوقات ياتي علي رأسها وحسب رؤية مراقبين عدم مشاركة المؤتمر الوطني فيها وعدم رغبته في المشاركة وذلك لموقفه من المعارضة وتحديده القاطع لاوزانها وتاثيرها علي مستوى الشارع وعلي تحديد مسار القضايا وهو ما تؤكده الاحداث التي مرت من تحت الجسر بسودان مابعد نيفاشا، وهو ما يعني ان غياب المؤتمر الوطني سيطول عن انشطة المعارضة او ان صح الامر انه سيتجاوزها خصوصا في ظل العلاقة المتبادلة من عدم الثقة مابين الجانبين فان دعوة المؤتمر الاخيرة لقوى المعارضة تم وضعها في اطار ان المؤتمر الوطني يحاول ان يجعلها شريكة معه في وزر الانفصال الذي بدت تداعياته تلوح في افق السودان وينتظر فقط اقامة الاستفتاء في مواعيده او في غير مواعيده وبحسب ما يتم الاتفاق عليه مابين الشريكين والتي ستظل طبيعة العلاقات مابينهم وتكتيكاتهم السياسية عائقا آخر امام تحقيق اهداف المؤتمر الجامع بالسودان وهو الامر الذي اعتبرته القوى المعارضة هدفا استراتيجيا ستسعى لتحقيقه على ارض الواقع بغض النظر عن رؤية الشريكين في ذلك واضافت ان حدوث الانفصال سيظل وزرا يتصل بكل القوى السياسية السودانية وتبدو محطة الخلاف بين المؤتمر الوطني واحزاب تجمع جوبا حول أجندة الملتقى الجامع، والتي قادت لتأجيل الملتقى وتسببت الخلافات بين المؤتمر الوطني من جهة وأحزاب تجمع جوبا من ناحية اخرى حول أجندة الملتقى الجامع في تأجيل الملتقى السابق ومقاطعته، حيث رهنت احزاب المعارضة مشاركتها في الملتقى الجامع الخاص بالاستفتاء، بالاتفاق مسبقاً مع المؤتمر الوطني على اللجنة التحضيرية والموضوعات والاجراءات وآليات تنفيذ مخرجات الملتقى، وحددت أربعة أجندة للحوار في الملتقى الجامع هي «الوحدة، دارفور، الحريات، الاحوال المعيشية» ، لكن المؤتمر الوطني بالمقابل قطع بأن الملتقى غير معني بتلك القضايا «وانما يبحث في قضية الاستفتاء دون سواها»، وكانت أحزاب جوبا انتقدت في مؤتمر صحفي عقدته الاسبوع الماضي الطريقة التي قدمت بها دعوة المؤتمر الوطني للملتقى الجامع بأنها دعوة لأشخاص وليست للاحزاب، مؤكدة موافقتها على تلبية دعوة المؤتمر الوطني شريطة الاتفاق على الموضوعات والاجراءات مسبقاً، في وقت وصفت فيه دعوة المؤتمر الوطني للملتقى الجامع بأنها التفاف على دعوة «نداء الوحدة» التي اطلقتها أحزاب تجمع جوبا للاحزاب السياسية، متهمة المؤتمر الوطني بالسعي لاتخاذ الاحزاب «ديكوراً» لدعم مواقفه. واتهم الامين السياسي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، المؤتمر الوطني بالسعي لتحطيم تحالف جوبا، ووصف الدعوة للملتقى بأنها «كنانة 2»، وقال ان هذه الدعوات كانت في اطار حملات النفرة، ولا يمكن ان تصبح هذه القوى جزءا من الأزمة التي يصنعها المؤتمر الوطني، واعتبر ان المؤتمر الجامع الآن في يد القوى السياسية وليس المؤتمر الوطني، وقال «هي التي تشكل اللجنة التحضيرية لتحدد موعد اللقاء والآليات والموضوعات»، واضاف«اننا سنبدأ بالقضايا الأساسية وقضية الحريات ستكون رقم واحد» الاجندة التي وضعتها المعارضة والتي بدأت في العمل من اجل انجازها على ارض الواقع لن تكون سوى اضافة جديدة لسلسلة وعود العمل التي طرحتها المعارضة في ظل نزاعها مع المؤتمر الوطني طوال الايام السابقة وحتى فترة ماقبل الانتخابات التي اتجهت فيها نحو الحركة الشعبية والتي حققت مراميها وتركت المعارضة لاحقا من اجل تحقيق تطلعاتها الخاصة والتي تأتي عملية اقامة الاستفتاء في مواعيده على رأس اولوياتها الآنية وغير القابلة للتأجيل والتاخير لاي ظرف من الظروف وهو امر يتطلب منها ان تتعاطى بشكل ايجابي مع الشريك الآخر المؤتمر الوطني وعدم اثارة حفيظته بالتحالف مع القوى المعارضة من اجل اقامة مؤتمر اجماع ستكون ايجابياته اقل من سلبياته بالنسبة للحركة والتي تنحو بشكل اساسي نحو خيار الانفصال وتكوين دولة جديدة بالجنوب وهو امر يتناقض وبشكل اساسي مع دعوة قوى جوبا والتي تبدو انها دعوة من اجل تبيض ماء الوجه اكثر منها دعوة حقيقية لايجاد معالجات للازمة السودانية في وقتها الراهن وتمهيد الطريق نحو الوحدة وهو امر يبدو بعيدا وبحسابات المنطق والواقعية وبمقدرات هذه القوى الداعية لقيام مؤتمر جامع وهي دعوة صارت متداولة بكثرة في محيط السياسة السودانية ولكنها كانت تأتي في السابق من قوى آحادية اي من حزب واحد قبل ان ينادي بها اخيرا تجمع قوى جوبا من جهد هذه القوى سعياً لترسيخ الوحدة فأي جهد وطني خالص يصب في مصب وحدة السودان هو جهد مطلوب وباهظ الثمن والقيمة، ولكن في ذات الوقت فإن أي تحرك ينبغي أن يكون على (محجة بيضاء) لا على آمال وتمنيات، ونحن هنا ودون أن نستبق نتيجة حراك قوى جوبا هذه نستطيع التأكيد على أنه يبدو مثل (أداء واجب) ترغب هذه القوى القيام به تخلص نفسها من أية عواقب محتملة مع أنها لو كانت جادة لما رفضت المشاركة في الحكومة والعمل بفاعلية من داخلها وان كان اخلاصها خالصاً للجهد الوطني والمصالح العليا للبلاد لقامت بهذا المجهود منذ ازمان مضت هذا ما ابتدر به حديثه للصحافة الدكتور اسامة زين العابدين قبل ان يقول ان نسبة نجاح هذا التجمع تبدو ضعيفة بقراءة الماضي القريب وبتحديات الراهن الذي تتداخل فيه مجموعة من القضايا المتشابكة والمتداخلة وان بقيت على رأسها قضية عدم تحمس الحركة الشعبية للامر كما كان يحدث في السابق وبالتالي فقدان هذا النوع من الانشطة لفاعليته وان كان هنالك سؤال اكثر موضوعية وهو هب ان هذه القوى نجحت في عقد ملتقاها وخرجت منه بتوصيات ونتائج فهل لها القدرة على انزالها لارض الواقع وفرضها على شريكي نيفاشا الموتمر والحركة الشعبية ؟ سؤال اسامة زين العابدين يتداخل مع مجموعة من الاسئلة الاخرى هل تنجح تلك القوى في اقامة منبرها القومي اولا وهل ستصل الى نتائج تقود لحلحلة مشاكل البلاد والعباد اما أن الامر سيبقى كما هو في يد الشريكين وتظل تلك القوى في محطة المناداة ببسط الحريات .