٭ سعدت بالمداخلة التي جاءت من الدكتور مختار عجوبة.. وانا سعيدة جداً ان يكون دكتور عجوبة من قراء «صدى»... حد التفاعل مع ما يجيء به من تناول لتاريخ السودان.. وعظيم شكري له وللبروفيسور عبد الله عووضة حمور. من مختار عجوبة الى الاستاذة آمال عباس، صاحبة عمود «صدى» اليومي بجريدة «الصحافة» الغراء، تحية مودة وزمالة ومعرفة فكرية بيننا امتدت لعشرات السنين، وقراءة متواصلة لما تكتبين، ولكنني في هذه المرة لا اود ان اعقب على ما تكتبين، ولكنني صراحة اود ان اصحح كثيرا مما كتبه صديقنا البروفيسور عبد الله عووضة حمور، وخاصة ما ورد في عمودكم بتاريخ 62/1/0102، فقد كتب عن الشيخ الهدي كثيرا وكلما تمادى في الكتابة، تعددت الاخطاء والخلط بين الاحداث والوقائع مع تبريرات غير منطقية لاحداث تاريخية معروفة ولاشعار متداولة واقوال مأثورة عن المعارك التي خاضها «الشيخ الهدي» ضد الاتراك، وقد تكون التبريرات والاعتذارات والمسوغات هي اسوأ ما ورد في تعقيباته المتتابعة، وكأنه مسؤول عن تبرئة من شاركوا في احداث ومواقف اصبحت في ذمة التاريخ، فمثلاً في كتابات سابقة وقع في اخطاء ارتجفت لها فرائص الناس عندما وصف مهيرة بت عبود باوصاف معينة، وللعلم فان مهيرة التي ساهمت في معارك الشايقية ضد اسماعيل باشا «لم تكن فتاة عذراء وانما كانت امرأة ناضجة ومتزوجة ومنجبة حين وقعت معركة «كورتي» ضد الغزاة، اما ما روى عنها من بعض اشعار، فانها لم تقلها، ولدينا شعر اصيل لها، اما تلك الاشعار التي نسبت اليها فانها في غالب الاحوال من نسيج خيال كتاب المسرحيات في النصف الاول من القرن العشرين. وبعد معركة «كورتي» الاولى بما يزيد على الستين سنة، وقعت معركة كورتي الثانية بين الشيخ الهدي كقائد لحركة الانصار في منطقة الشايقية وبين الجيوش التركية بقيادة «مصطفى ياور»، وقد قاد الشيخ الهدي ووجد تحالفا مدهشا لتناقضاته، مؤلفاً من خلفاء الختمية ومن انصار المهدية ومن الاحمدية والتيجانية من حيث الطرق، ومن زعماء الشايقية وبعض البديرية والقبائل البدوية كالهواوير والحسانية ومن المناصير بزعامة «الشيخ نعمان ود قمر» ومن قبل معركة «كورتي» كان الشيخ الهدي يقوم باسقاط كثير من حاميات الجيش التركي، ومن بعد ذلك يسلم مواقع تلك الحاميات لغيره من امراء المهدية، ومن ذلك مثلا تسليمه مديرية بربر لمحمد خير الغبشاوي، والاسم الاصلي محمد الخير هو محمد ود ضكير، كما ان الاسم الاصلي للشيخ الهدي هو أحمد ود زايد، ويبدو ان الامام المهدي لم يعجبه اسم «ود ضكير» فغيره «للخير» كما انه فيما يبدو لم يعجبه «ود زايد» فغيره الى «الهِدْي»، هذا على الرغم من ان مريدي الشيخ الهدي من أهل «الباسا» يقولون بان مسمى الهدي قد اطلقه عليه زملاؤه من حيران خلوة «ود الرضي» بالدبيبة، جنوب مروي مباشرة، وذلك لما اشتهر به من التقوى والورع والاستقامة منذ صغره، فقد ظهرت عليه ومنه علامات الولاية والصلاح التي شهد بها «ود مشو» في كثير من مدائحه. اما دوافع الشيخ الهدي لقيادة معارك ضد الاتراك في منطقة الشايقية وتحالف زعماء الشايقية وخلفاء الختمية معه ومنهم بابكر ود المتعارض والذين من المفترض ان يكونوا حلفاء للاتراك وقد كانوا كذلك سواء قبل المهدية او اثناءها او من بعدها، ولكن يقال انهم تحالفوا مع الشيخ الهدي حماية لعروضهم كما اقنعهم بذلك الشيخ الهدي نفسه وذلك حتى لا يقعوا في الخطأ الذي وقع فيه عبد الله ود سعد مما قاد الى هزيمته واستباحة «المتمة» كما هو معروف. ويقال ان الشايقية عندما شهدوا تضعضع الحكم التركي، ايقنوا بان الاتراك منهزمون لا محالة، فطمعوا في الاستيلاء على اسلحتهم غنيمة لهم، ولعل هذا ربما يفسر لنا ان المهدي نفسه كانت تراوده بعض الشكوك في نوايا «الشيخ الهدي» ولعله لم يكن راضياً تماما عن المعارك الاولى والمناوشات التي قادها الشيخ الهدي ضد «مصطفى ياور» مدير مديرية دنقلا، فقد كان من الاتراك المماليك ولكنه كان تقياً وصوفياً ورعاً ولذا كان المهدي يحاول استمالته وينصحه ويرشده بالانضمام الى المهدية لما عرف عنه من استقامة وزهد في الحياة، ولعل هذا ايضا ما جعل الحكومة المصرية التركية تشك في ولاء مصطفى ياور، لها حتى انهم شكوا في حديثه في حروبه ضد الشيخ الهدي، مما تطلب ارسال بعثة لتقصي الحقائق بقيادة اللورد كتشنر وقد جاء كتشنر الى المنطقة مستقصياً وليس محارباً كما ذكر ذلك البروفيسور عووضة، وبالفعل كتب تقريرا يبري فيه مصطفى ياور من الشبهات التي حامت حوله. اما بالنسبة لمعارك الشيخ الهدي في المنطقة. اواصل دكتور مختار عجوبة