بيان رسمي سعودي بشأن حادث طائرة الرئيس الإيراني    عقار يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم "امتحان الشهادة السودانية"    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    إنجاز قياسي.. مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي للمرة الرابعة توالياً    عائشة الماجدي: نشطاء القحاتة أشباه الرجال بمرروا في أجندتهم في شهادة الغالي محمد صديق    بسبب إحاطة عاجلة عن رئيس إيران.. بايدن يقطع إجازته    ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لم تستقر الأمور في حزب وسط سوداني قوي، فإن حال السودان لن يستقر إلى الأبد
الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد عصام عبد الماجد أبو حسبو ل «الصحافة»:
نشر في الصحافة يوم 18 - 09 - 2010

الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد، عصام عبد الماجد ابو حسبو، صاحب آراء وأفكار ومبادرات، مشغول بالهم الوطني بصورة كبيرة، يحن إلى ماضٍ تليد لكن عينه على المستقبل، ومن أجل هذا المستقبل تأتي آراؤه وأفكاره ومبادراته.. جلسنا معه على مدى ساعات في حوار مفتوح حول قضايا الساعة.
٭ احتفلتم يوم الخميس 61 رمضان الموافق 62 أغسطس بإفطار جماعي بدار الزعيم الازهري كما جرت العادة منتصف كل رمضان والذي يتزامن هذه السنة مع الذكرى ال 14 لرحيل الزعيم الازهري.. فما هى العبرة أو الرسالة المقروءة في هذا الاحتفال؟
- أولاً دعني اتقدم لكم باسمي وباسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد بأطيب الامنيات بمناسبة عيد الفطر المبارك وهى أيضاً مناسبة لنعبر لكم في اسرة (الصحافة) عن كبير تقديرنا وإعتزازنا بهذه الصحيفة العظيمة، صحيفة الكلمة الرصينة والرأى السديد وقولة الحق والمواقف النبيلة، صحيفة صار دورها في التوعية والتنوير في قضايا الوطن دوراً رائداً يوفر الحرية ويفرد المساحة للكاتب وصاحب الرأى والرأى الآخر، وهكذا تكاملت الكلمة الرصينة والمسؤولة مع الادارة الخبيرة والمتميزة وكان الناتج احتراماً لعقل القارئ.
وللرد على سؤالك، نعم فبحمد الله لبى دعوة الافطار الجماعي منتصف رمضان لفيف من الضيوف الكرام والاشقاء الاتحاديين من كل الاحزاب والفصائل الامر الذي شرفنا كثيراً أن يجتمع هذا العدد الكبير والمتنوع في الانتماءات الاتحادية الذين وإن اختلفت رؤاهم في المسائل التنظيمية فانهم بالقطع يجمعون على هذه البقعة المباركة دار الزعيم الزهري مكاناً جامعاً وملكاً مشاعاً لكل اتحادي حيث يتناسى الجميع خلافاتهم عند بوابة دار أبو الوطنية.
ولعله من البشريات ان تزامنت المناسبتان، فقد درج المرحوم محمد على لقاء الاشقاء في إفطار جماعي منتصف الشهر الفضيل والذي صادف هذه السنة الذكرى 14 لرحيل الشهيد الزعيم الازهري الذي رحل جسده عنا في 62 أغسطس 9691 بعد ثلاثة أشهر من انقلاب (مايو). ونحن إنما نقيم هذا الاحتفاء بكل الفخر والاعتزاز رغم الحزن الدفين على فراق الزعماء الذين تبقى أرواحهم وأفعالهم نبراساً وقدوة يُحتذى بها خاصة في الازمات والتي ما إنفكت تتوالى على الوطن. فهذه الايام تحديداً يقف السودان على مفترق طرق وشفا هاوية ونذر الشر تلوح في الافق أنها ستطال وحدته ارضاً وشعباً ومقدرات، وستطال عزته وكرامته واستقلاله الذي عمل من أجله الازهري وكل رجال الحركة الوطنية الصادقين، فما أدعاها من ايام لإستحضار الازهري وصحبه في ذاكرة الوطن ونحن نقف على بعد مائة يوم او ما يزيد قليلاً من التصويت على مصير وحدة البلاد.
نعم هناك عِبَرْ كثيرة ورسالة كبيرة وراء الاحتفاء بالذكرى 14 لرحيل الزعيم وأهمه ان المواقف الوطنية الاصيلة لا تتبدل ولا تتبدد ولا تتغير سواء بفعل الزمن أو أى متغيرات اخرى، لأن المباديء ثوابت.. قد يتغير الزمان والمكان وتظل هى باقية ما بقى اهلها. هذه عظة ورسالة وطنية جمعت السياسة وقيم الدين الحنيف في شهر الفضيلة والحق، شهر يتجرد فيه الانسان عن كل ضعفه ويصفو مع نفسه متقرباً من الله سبحانه وتعالى بالحقيقة والصدق.
إذن فرسالتنا السياسية هى أننا ثابتون وباقون على مباديء الازهري، مباديء الحرية والوطنية الصادقة والديمقراطية الحقة والتي مهما حاولت الانظمة الشمولية تشويهها وإزدراء قيمها الانسانية الراقية والتي تتماهى مع المزاج السوداني فإنها لن تنجح، فهى كالحقيقة المطلقة لابد وان تظهر وتطفو على السطح، فالشعوب ابقى من الافراد والانظمة، والمباديء التي تتبناها الشعوب تبقى وتدوم معها. نعم سنظل نحتفي ونعمل أيضاً على إحياء هذه السنن الحميدة والتي هى نهج أصيل لدينا بأن لا نكل ولا نمل بالعمل المتواصل من جيل الى جيل وبالنفس الطويل، للتوعية وتبيان الحقائق بأن الحرية والديمقراطية هما النهج الاوحد لحكم الشعوب.
٭ كيف تنظرون للعلاقة بين الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد ودار الزعيم اسماعيل الأزهري؟ وهل هذا يتعارض مع جوهر الفكر السياسي الاتحادي الذي أسسه جيل الرواد والداعي لفصل التنظيم كمؤسسة وكإطار سياسي عن البيت أو الطائفة أو أى انتماءات روحانية أخرى؟
- كما قلت لك إن دار الزعيم الازهري صارت رمزاً معنوياً أكثر منها منزلاً لاسرة الزعيم أو مقراً للحزب الموحد، وأنت محق تماماً في نقرك على هذا الوتر الحساس بالسؤال الذكي والمشروع أيضاً الذي يدور في أذهان الكثيرين من الاتحاديين وغيرهم حول شكل العلاقة ما بين الحزب كمؤسسة ذات طرح وبرنامج واطر ولوائح وأهداف استراتيجية وما بين البيوتات السياسية او الطوائف الدينية فالقاريء لتاريخ السودان إبان الحركة الوطنية منذ اربعينيات القرن الماضي وقبلها يعلم تماماً العلاقة البينية والمتداخلة بشكل معقد بين هذه الاطراف بشكل يكون احياناً متشابكاً لدرجة يصعب معها الفصل بين خيوط هذه المنظومة الواحدة. فالطائفة والبيوتات السياسية كلاهما لعبا دوراً هاما في الحياة السياسية السودانية، ولا أحد ينكر ادوارهما المقدرة والعلاقة التكاملية بينهما.
وقد لا يختلف كثيرون على ان أهم طائفتين إرتبطتا بالتطور السياسي إبان الحركة الوطنية هما طائفتنا الانصار والختمية، إذ شكلت الاولى الاساس السياسي لحزب الامة بينما ارتبطت الثانية بالاتحاديين بكل مدارسهم المختلفة. نحن نقر بهذه الحقائق ونعتبرها إرثاً واساساً متيناً لصرح الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي نشأ في واقع الناس وعكس ذلك النسيج الفريد الذي يربط ما بين معتقدات الناس الروحانية وإنتماءاتهم السياسية دون خلل او تناقض. ونحن في جميع الاحزاب والتيارات الاتحادية نؤمن بأن العلاقة تكاملية ولكنها يجب ان تكون منفصلة تماماً في اسلوبها واستراتيجياتها وان تكون بكل مجال مساحته المستقلة وخصوصيته وبرامجه التي لا تتداخل بما يشوه هذه العلاقة، وان أى خلط قد يضر بما قد لا يتوافق مع العالم من حولنا رغم أننا سبق وبلورنا رؤانا التي تستوعب خصوصية تكويننا، لكننا ايضاً نعيش في عالم من المتغيرات المتداخلة مع بقية الشعوب وهناك حاجة لاستيعاب التطور الذي يتسع فيه وعاء السياسة ليشمل عدة محاور من الاقتصاد والاجتماع والصلح الامنية الاستراتيجية في ابعاد خارج اطار الوطن على المستوى الاقليمي والدولي.
إن العلاقة بين دار الزعيم الازهري والحزب الموحد هى ذات بُعد وطني خالص، بعيدة عن أى تأثير طائفي او ولاء اعمى لاشخاص لذواتهم وليس لصفاتهم وملكاتهم وعطائهم. والزعيم نفسه الذي ينتمي لاحدى اعرق الطرق (الاسماعيلية) لم يحدث في حياته ان أشار الى هذه العلاقة من قبيل الاستنصار أو الاستقواء، وعندما اجتمع رأيه ورفاقه في المجموعات الاتحادية الاخرى على تكوين الحزب الوطني الاتحادي كانت الاهداف الوطنية المشتركة هى المعيار الذي جمعهم. الطرق جميعها السمانية والقادرية والختمية والاسماعيلية والبرهانية والاحمدية وجميع الطرق الصوفية هى جميعها من النفحات الطيبات لهذه الامة، ونحن لا نرى ما نعاً تنظيمياً أو أخلاقياً في أن يجمع الفرد أو الجماعة بين إيمانه الروحي والعقدي لإحدى هذه الطرق وبين إنتمائه السياسي للحزب كمؤسسة وتنظيم والتزام.
في رأينا أن الحزب هو أداة سياسية تتبع منهجاً وبرنامجا تكتيكياً محدداً بغرض الوصول لتحقيق الحكم الراشد والعادل عبر وسائط التنافس الديمقراطي الحر مقابل آخرين برؤى متشابهة أو مختلفة، وان هذا العمل هو بالضرورة جماعي وليس فردياً وبه إلتزام وفق الهيكل واللوائح المعلنة ضمن أهداف الحزب. أما الطائفة او الطريقة الصوفية فهى اختيار فردي في المقام الاول يسعى عبره الانسان للإرتقاء بسلوكه وتقوية إيمانه بإتباع إرشادات أُولي الامر والعارفين الذين يجذبون الناس اليهم بسلوكهم وعلمهم وقدوتهم الحسنة ولكن بالتي هى احسن. وفي نهاية الامر فإن الانسان السياسي هو ذاته الانسان الروحاني بكل تطلعاته نحو مجتمع الفضيلة والخير والحياة الكريمة.
٭ الحزب الموحّد هو ثمرة من مكونات المؤتمر الاستثنائي الذي أسسه المرحوم محمد الازهري، فهل هو يمثل ذات الاستمرار للعلاقة بين دار الزعيم والعمل الوطني كيفما إتخذ شكله التنظيمي؟
- أيضاً أكرر لك القناعة الاتحادية بأنه من حسن طالع الاتحاديين ان دار الزعيم الازهري لم تنقطع صلتها بالحركة الوطنية عموماً والاتحادية خصوصا. فبعد إستشهاد الزعيم الازهري في اول عهد نظام مايو في ملابسات ليس هذا مجالها، نقول انه لم تنطفيء شعلة الحرية في دار الزعيم فقد ظلت جذوتها متقدة في ارضها وفي صدور ساكنيها. فمحمد كان صبياً يافعاً لم يتعد الاثني عشر عاماً وقت وفاة الزعيم ومع ذلك بقيت الدار مزاراً وملاذاً آمناً لكل الاتحاديين ولطلاب الحرية، بقيت الدار بعلمها الذي ظل يخفق على الصارية منذ ذلك التاريخ رمزاً للعمل الوطني، يطالعها جبروت العسكر من حين لآخر رغم عدم وجود من يتصدى لهم من أهل البيت، وعندما شب محمد عن الطوق اخذ على عاتقه مواصلة الرسالة الوطنية، فاستقصى ودرس وتفرغ للبحث عن كل مكونات الرسالة الوطنية وبدأ العمل في سن مبكرة مع المعارضة في الخارج بقيادة الشريف حسين- رحمه الله- ومن الداخل مع كل العناصر الوطنية الاتحادية وغيرها حتى كانت نهاية مايو على يد الشعب في انتفاضة ابريل وإستمر محمد يجوّد ويبذل العطاء خلال الديمقراطية الثالثة داخل الحزب الاتحادي إلا ان النهاية كانت سريعة عندما إنقضت (الانقاذ) على السلطة في 03 يونيو 9891، فخاض التجربة الصعبة مع بقية القوى السياسية الوطنية عبر مراحل (الانقاذ) الاولى حتى لاحت تباشير السلام بعد (نيفاشا) 4002 وصار هناك إنفراج نسبي فعقد محمد مع اشقائه (المؤتمر الاستثنائي) في يناير 5002 بهدف استراتيجي وغاية عظيمة هى تحقيق الوحدة الاتحادية والاندماجية لكل الاحزاب والتيارات الاتحادية ولكن شاء قدر المولى عز وجل ان يذهب محمد الى ملاقاة ربه قبل ان يكتمل المشروع فكان ان تقدمت الاستاذة جلاء الازهري من موقع الاحساس بالمسؤولية الوطنية وإدراكها للموروث الشعبي وللقناعة الجماهيرية بضرورة استمرار مشاركة دار الزعيم التي اعطت فداء للوطن كل رجالات البيت، الزعيم الازهري والزعيم محمد. وهو تطوع منها عن قناعة وليس إنطلاقاً من موقع فوقي تفرضه طقوس مقدسة من الإرث أو الخلافة وإنما إنبراء للعمل العام بإرادتها وقناعتها ومواصلة للمشوار الذي كانت قد بدأته في حياة محمد عضواً عاملاً في المكتب السياسي. فكان ان إنضمت لهيئة قيادة الحزب بعد ان تم ترشيحها ثم انتخابها من قبل المكتب السياسي.
ولعل القاريء الكريم يتفهم الطبيعة السودانية التي تتجاوب اشواقها مع الرموز الوطنية والتي يرون فيها عشماً واستمراراً لادوار قيادات ورواد العمل الوطني، وجلاء هى من الجيل الذي سار على درب الرواد عن قناعة وفهم ووعي وإدراك وليس بحكم وضع اليد وإستلام مفاتيح الخزائن وصولجان السلطة. فالامر تكليف وشعور بالمسؤولية وليس تشريفاً بقلائد وتيجان وكراسي السلطة..
مرة اخرى اقول ان العلاقة بين الحزب الموحد ودار الزعيم هى علاقة حميدة ووطيدة وفيها إستمرار ومواصلة للدور الوطني وحفظ لتاريخ النضال والحفاظ على قيم عليا ومباديء ارساها بلا منازع ابو الوطنية الزعيم الخالد الذكر الازهري. وهى علاقة لا إلتباس فيها لأنها قائمة على الشفافية والعفة والصدق ومصلحة الوطن وليس فيها أى أجندات غير حمل الوطن في حدقات العيون. كما قال الشاعر:
(وللاوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق)
٭ كيف تقيم موقف الاحزاب الاتحادية اليوم على ميزان القوى السياسية الفاعلة في الساحة خاصة والبلاد تمر بأخطر مرحلة تستدعي وحدة الصف الوطني عامة؟
- صراحة الاحزاب الاتحادية وصلت مرحلة مأساوية من تردي الحال نتيجة الانقسام والفرقة واحياناً الاختصام والعمل المضاد، وعلى اقل تقدير فإن الاتهام يكون موجهاً لها جميعاً لغياب الحد الادنى من التنسيق، ولا ننسى ان الحركة الاتحادية هى حركة الوسط السوداني كما اسلفنا، ولعل خير مثال على تدهور احوالها نتيجة التشتت الذي تمثل في نتائج الانتخابات الاخيرة والتي خرجت منها جميعها، من قاطع ومن اشترك، بفقدان الجماهير التي لم تجد أمامها من تصوت له على قناعة بأن أصواتها تلك ستأتي بالتغيير الذي طال انتظاره. ولا يمكن ان نخدع أنفسنا بوضع اللوم كله على التزوير لأن الجماهير الاتحادية جماهير واعية ولو كان هناك حزب اتحادي قوي لما ترددت في الوقوف وراءه صفاً واحداً. وضعف الاحزاب الاتحادية جاء نتيجة سياسة حاذقة ومرسومة بعناية قصدت كل الاحزاب خاصة التاريخية مثل الاتحاديين والامة والشيوعيين وبقية الاحزاب التي اصيبت جميعها بجرثومة فرق تسد التي نفثها النظام في شرايين كل الاحزاب حتى التي استقطبها ضمن اطار أحزاب الوحدة الوطنية أو الموالية له.
السجل الرسمي لدى مجلس شؤون الاحزاب لديه (4) سجلات لاربعة احزاب اتحادية، لكن المراقب لواقع الحال يعرف ان عدداً منها إنقسم لمجموعات وتيارات زادت من ضعف هذه الاحزاب وصعبت الموقف على الحادبين على وحدة اتحادية كاملة.
إن سجل المحاولات المتكررة للوحدة الاتحادية حافل بالعديد منها خلال السنوات الاربع الماضية. ولا ننسى ان الحزب الموحد نفسه كان هو ضربة البداية العملية لتوحيد الاحزاب الاتحادية عندما حل (المؤتمر الاستثنائي) نفسه طائعاً مختاراً عبر مكتبه السياسي وإندمج مع فصيلين إتحاديين آخرين مكوناً الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد، نواة وبذرة طيبة لبدء المشروع الوطني بتوحيد الصف الاتحادي، ثم جاءت بعد ذلك قاعة الصداقة في سبتمبر 5002م ثم قاعة الشارقة فام دوم حتى كانت 12 اكتوبر 8002 في دار الازهري.
نحن الآن لسنا بصدد إجترار العثرات ولكننا نتطلع للإستفادة من كل هذه التجارب وأننا واثقون ان الوحدة الاتحادية الكاملة هى أمر محتوم وضرورة تاريخية لابد وأنها حاصلة بإذن الله. ودعونا نكون اكثر صراحة ونقول نحن في الحزب الموحد واثقون بأن كل أزمات الوطن الآن هى نتيجة مباشرة لغياب الحرية والحكم الديمقراطي منهجاً وغياب دولة العدل والقانون واقعاً. إننا نؤمن تماماً انه ما لم تستقم الامور في حزب وسط سوداني قوي كالحزب الوطني الاتحادي أو الاتحادي الديمقراطي اللذان عرفناهما على عهد الزعيم الازهري فان حال السودان لن يستقيم وسيستمر التدهور في شكل أزمات حكم متتالية تتخذ اشكالاً متعددة ما بين السياسة والاقتصاد الى ان نصل الى مرحلة الانهيار الكامل للدولة ومن ثم الوطن كله. كل التجارب السابقة خلال اكثر من نصف قرن شهدت البلاد كل اصناف وأنواع الحكم من اقصى اليسار الى اقصى اليمين، وكانت هناك المحاولات الجهوية والعرقية والاجندات المستوردة التي لا تلائم طبيعة وفطرة السودان لكن اثبتت جميعها أنه ما لم يقم حزب يجمع (عموم أهل السودان) كحزب وسط يتوافق مع التركيبة الاصلية للسودان فان جميع الاجندات والاطروحات السياسية ستظل تتهاوى ولن يستقر الحال إلا اذا توافق أهل السودان على نقطة التقاء في وسط هذه الدائرة الكبيرة.
إذن فإن الدور والمسؤولية التاريخية على الاتحاديين هى الآن اعظم واكبر من ذي قبل. على الاتحاديين ان يتقدموا بالحل لا لحزبهم فقط ولكن لكل البلاد لأن الجنوبي والشمالي وابن الشرق وابن الغرب والقبطي واصحاب كريم المعتقدات وكل من ولد أو عاش على ارض السودان يستطيع ان يقف في منطقة الوسط ما بين اليسار واليمين والاطر الجهوية المغلقة من الداخل على اصحابها بعرقياتهم، يستطيع كل سوداني ان يقف في الوسط ويعلن بالصوت العالي إنتماءه لهذا الوسط وسيجد نفسه مع الاغلبية الساحقة.
٭ إذن والموقف هكذا ماهو الحل العملي في رأيكم لتوحيد الاحزاب الاتحادية وبناء حزب وسط قوي كما عرَّفته؟
- الحل العملي والواقعي والمستوعب لكل التجارب السابقة يكمن في أمرين:
- أولاً: لابد من استمرار توفر الارادة القوية والصمود والاقتناع بإمكانية إيجاد الحل وان لا يصيب الاحباط القيادات، ولنا في جيل الرواد القدوة العملية، فهم اصحاب سابقة في توحيد وإندماج الاحزاب الاتحادية بعد إبرام اتفاقية الحكم الذاتي سنة 3591 حينما إندمجت الاحزاب الاتحادية وشكلت الوطني الاتحادي الذي خاض الانتخابات وحقق اكبر نصر برلماني حتى تاريخ اليوم حاز فيه على ثقة الشعب السوداني المطلقة في اول برلمان.
- ثانياً: المطلوب من القيادات الحالية الاستجابة لمطالب الجماهير وضرورات المرحلة التاريخية بتحقيق هذه الارادة القوية وإنزالها لارض الواقع وتسوية خلافاتهم التنظيمية إن وجدت داخل احزابهم اولاً ثم الاستعداد لمرحلة الاندماج بالاعداد لمؤتمر عام يسبقه اعمال لجان اعداد لإنجاح المؤتمر العام على اساس انه مرحلة انتقالية تستوعب كل الاحزاب والتيارات في مكتب سياسي واحد يناط به انتخاب قيادة الحزب وامانته وأجهزته على أساس ديمقراطي مؤسس إستعداداً للانتخابات القادمة. وبديهي ان الاعداد المسبق للمؤتمر العام سيشكل الحل الجذري اذا فعلاً توفرت له الارادة السياسية من قبل القيادات الحالية للعمل من أجل المستقبل. هذه صورة قد تبدو للاغلبية أنها ضرب من الخيال والاحلام لكن دونها ستكون النهاية المحتومة للحزب التاريخي ان بقى على حالة تنتاشه سهام الفُرقة والشتات.
ومن هذا المنطلق دعني أختص (الصحافة) بحصرية التصريح عبرها بأننا في الحزب الموحد وانطلاقاً من جملة الرؤى والمردود عن التجارب السابقة قد اعددنا مبادرة متكاملة لوضع أسس لمشروع وحدوي. ويسرني أن اعلن عبركم أن المبادرة هى عبارة عن لقاء قمة اتحادية تجمع جميع الرؤساء والقيادات ليلتقوا في دار الزعيم الازهري حول مائدة مستديرة وعلى أجندة وطنية خالصة ليكسروا الحاجز النفسي الذي يدّعي إستحالة لقاء الاتحاديين على مستوى القيادات. وهو لقاء سيكون اولاً بغرض اثبات ان الاتحاديين كتلة واحدة تشكل منطقة الوسط وأن أجندتهم الوطنية واحدة حتى وان اختلفوا تنظيمياً في مرحلة ما، وسيكون اللقاء بغرض خلق جبهة اتحادية للتنسيق ووضع الموجهات العامة للمرحلة الجديدة الحرجة من عمر البلاد بتناول القضايا العاجلة وعلى رأسها الاستفتاء. وسيكون هذا اللقاء إمتحاناً حقيقياً لمدى إستجابة القيادات لرغبات جماهيرها في بداية تدريجية نحو الوحدة الاتحادية حتى وان طال بها الزمن.
نحن وبالتزامن مع ظهور هذا الحديث على صفحات صحيفتكم سنكون قد أعددنا الصيغة المناسبة التي تشرح هذه المبادرة الوطنية وسنكون قد توجهنا بها لجميع الاشقاء القياديين في الاحزاب الاتحادية بتحديد الزمان والمكان للقاء القمة الاتحادية التي نأمل ان تكون خلال شهر من الآن ان شاء الله.
٭ قضايا الوطن الساخنة عديدة وعلى رأسها الوحدة الوطنية والتي يرى الكثيرون أنها باتت في مهب الريح، وقريباً ستواجه البلاد أصعب امتحان عبر الاستفتاء على مصير الجنوب. ماهو تعليقكم على الموقف برمته، وماهو موقفكم من الإستفتاء بإعتباره حقاً دستورياً للجنوب؟
- نحن في الحزب الموحد أقرينا بالوثيقتين- اتفاقية سلام نيفاشا والدستور المؤقت- رغم التحفظات التي سقناها في غير مرة حول حصريتهما على المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، كما أنها كنصوص تعتبر جيدة لكنها تفتقد للروح الملتزمة بها من قِبل من صاغوها. وهى وثائق قننت السلام واوقفت الحرب لكنها لم تحقق السلام الاجتماعي ولا الاستقرار في الحكم ولا العدل ولا الإنصاف لجميع الناس. والاخطر أنها لم تخلق الاجواء الديمقراطية التي كان يمكن ان تحقق المصالحة الوطنية على نطاق اوسع من ذاك الذي يعني فقط بالشريكين. فها هى النتيجة: خمس سنوات من التوتر والخلافات والمشاحنات افرزت انتخابات فاشلة بالتزوير كرّست إحتكار السلطة في ايدي من كانت لديهم أصلاً ولم تحقق المصالحة الوطنية وخلقت حالة من الإرتباك والإنقسام في صفوف الشعب السوداني غابت في ضبابيته الرؤيا وغاب المناخ المواتي لإجراء الاستفتاء على أهم قرار في تاريخ السودان الحديث بعد قرار الاستقلال.
إننا مقتنعون تماماً بأن المؤتمر الوطني ما زال بعيداً عن روح التغيير التي تستهدف المصالحة الوطنية الشاملة، وهو الآن يتوهم ان الانتخابات الاخيرة قد سيدته على كل الشعب السوداني. إننا لنأسف لتضييع المؤتمر الوطني فرصة تاريخية سنحت عبر تلك الانتخابات كان من الممكن أن تشكل بداية طيبة لاستعادة السودان لوحدته الوطنية الحقيقية التي هى مصدر قوته ومنعته، لكنه استمسك بالسلطة المطلقة وهزم بنفسه اطروحة التحول الديمقراطي التي جاءت بها اتفاقية السلام الشامل.
والآن فان الامور على ما يبدو بالنسبة للاستفتاء تجري بنفس العقلية والاسلوب الذي اديرت به الانتخابات القومية وذلك بجملة من الخروقات في تطبيق نصوص البروتوكولات المعنية بهذا الشأن خاصة فيما يختص بالالتزام بالجداول الزمنية للاعداد النفسي قبل اللوجستي لمستحقات هذا العمل الضخم الذي سيحدد مصير وحدة البلاد وسيشكل سابقة خطيرة إما بتعزيز الوحدة لكل السودان أو باطلاق صافرة البداية للانهيار الكبير.
نحن قدمنا في خطاب الحزب للاحتفاء بالذكرى 14 لرحيل الزعيم قدمنا مشروعاً ذا ملامح عامة تمثل رأينا في ظروف قيام الاستفتاء في يناير القادم. وهو رأى حول التوقيت وليس الاستحقاق ويتلخص في مقترحين:
1/ نسبة لاستحالة إجراء الاستفتاء في تاريخه المعلن للاسباب العملية التي باتت معروفة للجميع والتحذير من أن إجراءه في هذه الظروف ستكون نتيجته حتماً الانفصال، فاننا نرى ان يتم تأجيله الى يوم 9/7/1102، أى ان يتم إستيعاب الفترة الانتقالية المحددة بستة أشهر داخل فترة التأجيل على ان يتم الاتفاق على فترة انتقالية تبدأ من بعد ذلك التاريخ لمدة نقترح أيضاً ان تكون سنة على أقل تقدير.
وفي رأينا أن التاريخ المقترح للتأجيل لا يخل بالاستحقاق الاساسي، إذ أنه يحفظ حق الجنوب في الخيارات كما أنه يعطي فرصة لجميع الاطراف لتهيئة مناخ افضل للإجراء ذاته تكون نتائجه مقبولة وداعمة للإستقرار في كلا الخيارين.
2/ واعترافاً بحقيقة فقدان الثقة تماماً بين الشريكين حول كل شيء تقريباً بما فيه الإستفتاء، وإعترافاً بحقيقة إقصاء جميع مكونات المجتمع السوداني عن المساهمة الفاعلة وليست الصورية في تهيئة المناخ الصالح لإجرائه مع تغليب الدعوة الصريحة لخيار الوحدة، فإننا ندعو لتكوين لجنة عليا رباعية باتفاق الشريكين بحيث لا يتعارض وجودها مع نصوص الاتفاقية، ويكون لها دور اشرافي فقط ومتابعة لعملية الاعداد لاجراء الاستفتاء في تاريخه المقترح في 9/7/1102. وتعمل اللجنة بالتنسيق مع المفوضية كمعين لها خاصة في عمية التنوير والاعلام للرأى العام، وهى لجنة وان كانت دون صلاحيات دستورية لكن يمكن ان يكون لها أثر فاعل في تلطيف الاجواء خاصة بين الشريكين أنفسهما وبين القوى السياسية المعارضة.
ونقترح ان تتكون هذه اللجنة الرباعية بقرار من مؤسسة الرئاسة من ستة أعضاء، عضوان لكل من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وعضو يمثل المعارضة (الاحزاب خارج المجلس الوطني) وعضو يمثل المجتمع الدولي (الأمم المتحدة- الاتحاد الافريقي- جامعة الدول العربية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.