أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تماثيل كليوباترا دعاية مغرضة من أيام الرومان
نشر في الصحافة يوم 21 - 09 - 2010

أثارت تماثيل كليوباترا السابعة آخر ملكات البطالمة فى مصر تساؤلات حول مدى جمال هذه الملكة التى طالما نُسجت حولها الأساطير، كونها نجحت فى إيقاع الكثيرين فى هواها، حتى صارت محور الصراع فى الإمبراطورية الرومانية. كليوباترا بدت فى تماثيلها قصيرة بدينة نسبيا، ذات ملامح غير متناسقة وهذا يعود إلى الاضطراب الذى ساد الفن المصرى فى تلك المرحلة بين التقاليد الإغريقية والتقاليد الفرعونية، هذا الاضطراب ظهر فى قطع فنية كثيرة. ولعل الكثير من القطع التى اكتشفت ضمن الآثار الغارقة على شاطئ الإسكندرية فى السنوات الأخيرة التى تكشف ملامح متناسقة لكليوباترا وجمالا نسبيا، وهذا يعود إلى أن هذه القطع صنعت بعناية لتوضع فى القصر الملكى والمعبد الكبير فى الإسكندرية.
لم تكن كليوباترا رائعة الجمال ولكنها كانت جميلة وذات دهاء سياسى وهو ما أهّلها لأن تصبح ذات طموح يهدف إلى السيطرة والتحكم، فعندما تولت كليوباترا حكم مصر العام 51 قبل الميلاد، واندلع لهيب الحروب الأهلية فى روما، مدت يد المساعدة إلى بومبى الأكبر فى صراعه مع قيصر، لكن بومبى هزم وفر إلى الإسكندرية حيث قتله رجال البلاط ليبرهنوا لقيصر الذى تبعه إلى هناك أن مصر قطعت علاقاتها مع أعدائه، وبذلك لم يبق ثمة داع لغزو مصر.
وبعد حرب قصيرة عنيفة تُعرف بحرب الإسكندرية، أوقعت كليوباترا قيصر فى هواها وتزوجته فى مصر وأنجبت منه طفلا، وغادر قيصر ارض الكنانة إلى روما طالبا من كليوباترا إرجاء إعلان زواجهما فى روما حتى تتوطد له الأمور، وسرعان ما لحقت به كليوباترا على أمل أن تصبح إمبراطورة روما، لكن آمالها لم تلبث أن انهارت عندما استثارت مطامع قيصر غضب الجمهوريين الرومان فقبضوا عليه فى العام 44 قبل الميلاد.
وبادرت كليوباترا بالهرب إلى مملكتها، وأخذت ترقب انتصار أصدقاء قيصر انطونيوس واوكتافيوس قبل خريف العام 42 قبل الميلاد. ذهب انطونيوس إلى الشرق ليتولى أمره، وأرسل فى استدعاء كليوباترا لتوبيخها، وما كاد يقابلها فى طرطوس حتى أحرزت نصرا حاسما على قلبه، وعندما عادت إلى الإسكندرية سارع إلى اللحاق بها وقضى فى صحبتها شتاء العام 41 قبل الميلاد مستمتعا بتلك الحياة الفريدة التى خلد الكتاب والشعراء ذكراها فى النفوس وفى الآداب. لكن سرعان ما أجبرته الأحداث فى روما على العودة إليها ليتزوج من أخت اوكتافيوس. ولما عاد إلى سورية العام 37 قبل الميلاد كان الشوق قد استبد به فاستدعى كليوباترا واعترف بها كزوجة له واعترف بولديه التوءمين منها، وتسببت تصرفات كليوباترا وانطونيوس فى استعراض الجند محتفلين بنصر روما على أرمينيا فى الإسكندرية بدلا من روما وتلقيب كليوباترا بملكة الملكات - فى نشوب حرب بين اوكتافيوس وانطونيوس وملكته، وانتهى الأمر بهزيمة انطونيوس وانتحاره قبل دخول اوكتافيوس الإسكندرية ولجأت كليوباترا إلى الحيلة فهربت إلى مقبرتها وطلبت من المنتصر أن يعتلى أبناؤها العرش بدلا منها ولكن اوكتافيوس أخرجها وكنوزها من المقبرة، وحينما تيقنت أنه سيضعها فى مقدم موكب انتصاره فى روما لإذلالها، وليعلن تبعية مصر للإمبراطورية الرومانية، انتحرت لتقضى على أمله هذا. يومئذ قرر السناتور الرومانى اعتبار سقوط الإسكندرية فى قبضة الرومان عيدا وطنيا وبداية للتقويم المحلى فى مصر.
ولا أدل على مقدار كراهية الرومان لكليوباترا وخوفهم منها هى روح الشماتة والسخافة التى تتكشف فيما كتبه فحول عصر اوكتافيوس للإشادة بانتصار هذا الإمبراطور وهزيمة كليوباترا. ولما كانت روما تسيطر على العالم آنذاك، فقد تبارى الشعراء المعاصرون بتلطيخ سمعة كليوباترا ورميها بكل نقيصة يمكن أن يصورها الخيال المغرض من دون أن يجرؤ احد من أنصارها على الدفاع عنها. وظلت كتابات خصومها مصدرا لتاريخها حتى اليوم. ولاسيما الصورة التى صورت فيها واستهوت الشعراء وكتّاب القصة. لكن عندما أخذ عدد من الباحثين المعارضين بتمحيص أقوال القدماء ومقارنتها، تبين لهم أن هذه الصورة مزيفة وان كليوباترا ملكة طموحة أبيّة أكثر من غيرها من نساء الإسكندرية وروما، وأمًا وفية وأنها لم تكن أكثر من غيرها تبذلا واستهتارا، بل لعلها كانت أكثر من غيرها من سيدات الطبقة الراقية وقارا واحتشاما.
والتماثيل المعروضة فى لندن لا تخرج عن إطار عصر هزيمة كليوباترا. فتشويه شكل العدو من خلال التماثيل القبيحة أمر كان شائعا فى العصور القديمة، فما بالنا بملكة أذلت الرومان وحيرتهم، وحين هزموها حرصوا على تشويه صورتها، وتعد هذه التماثيل واحدة من الصور الدعائية القديمة!
وشخصية كليوباترا تذكرنا فى التاريخ المصرى القديم بشخصية حتشبسوت، تلك المرأة القوية التى تولت حكم مصر فى عصر الدولة الحديثة الفرعونية، وتركت آثارا معمارية أبرزها معبدها الشهير فى الأقصر، وحتشبسوت الخامسة فى ترتيب الملكات اللواتى حكمن مصر الفرعونية، وهن مريت نيت، خنتكاوس، نيت إقرت، سبك نفرت، تاوسرت، وتميز حكمهن عن الفراعنة الرجال بالاستقرار. لذا لم يكن غريبا ، آنذاك، أن تتولى كليوباترا حكم مصر الذى عرف الكثير من الشخصيات النسائية ذات الطبيعة المتسلطة حتى العصر الإسلامى، حين اشتهرت شجرة الدر التى كان لها دور بارز فى نقل الحكم من الأيوبيين إلى المماليك وفى حياكة المؤامرات لكى يستقر لها عرش مصر، وانتهى الأمر بقتلها.
وهناك نقطة مهمة تتمثل فى اختلاف مقاييس الجمال من عصر لآخر. فقدماء المصريين الفراعنة كانوا يعتبرون السيدة جميلة، إذا كانت ذات بشرة خمرية، وذات أنف معقوف قليلا، وذقن مستدير، الأمر الذى ينم عن صلابة، وفى مصر العصر المملوكى والعصر العثمانى كانت المرأة تعد جميلة إذا كانت بيضاء البشرة ناعمة الملمس وذات وجه مستدير يشبه القمر فى استدارته، مفرطة فى البدانة، ذات صدر كبير ممتلئ وأرداف عريضة، لذلك أقبلت النساء على العناية بسمنتهن وبدانتهن ليجذبن الرجال.
يبقى أن كل ما يعرض وينشر لكليوباترا لا يتناول كل الوجوه والاعتبارات وهى كثيرة ومتفاوتة فى التفسير والإدراك، لابد من أن يعتبر مجتزأ، كما يبقى أن صورة كليوباترا فى ذاكرة التاريخ أقوى من كل المعارض وكل التماثيل.
صحيفة الشروق المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.