بدأ الملتقى القومي لأهل السودان لحل مشكلة دارفور باجتماع اللجنة التحضيرية ببيت الضيافة بتاريخ 13 يوليو 2008م، لينعقد خلال الفترة 16 - 30 اكتوبر 2008م، بالخرطوم وكنانة بحضور ومشاركة واسعة من ممثلي الاحزاب والتنظيمات السياسية والشخصيات القومية وممثلي منظمات المجتمع المدني والاتحادات الفئوية والمرأة، واعضاء السلك الدبلوماسي وبحضور ومشاركة كل من السيد/ عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية، والسيد/ جان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، والسيد/ احمد ابو الغيط وزير الخارجية ممثل جمهورية مصر العربية، والسيد/ د. علي التريكي ممثل الجماهيرية العربية الليبية، والسيد/ احمد بن عبدالله آل محمود ممثل دولة قطر، والسيد/ يماني قبرياي ممثل دولة ارتيريا، والسيد/ جبريل باسولي الوسيط المشترك للامم المتحدة والاتحاد الافريقي.. الهدف الاساسي للملتقى القومي كما جاء في التقرير الختامي هو (استهداف الملتقى القومي لأهل السودان الوصول الي رؤى وافكار تشكل اطارا لحل سودني شامل وعادل ودائم لقضية دارفور عن طريق حوار يشارك فيه الجميع دون استثناء، لنقل دارفور من الحرب والعنف الى السلام والامن والاستقرار والمصالحة، وذلك وفق حلول يلتقي حولها ويتحمل مسؤوليتها الجميع). اما مهام الملتقى القومي فقد وردت في اربع عشرة نقطة لعل اهمها: 1/ الاطلاع على الاتفاقيات المبرمة والمبادرات المقدمة والمقترحات والافكار التي تقدمت وتتقدم بها احزاب وتنظيمات، او منظمات مجتمع مدني سودانية، او مؤسسات علمية او اية جهة لها مبادرات لرصد الحلول السياسية لمشكلة دافور، خاصة مبادرات المجتمع الاهلي بدارفور. 2/ بلورة مقترحات السياسة الخارجية المرتبطة بحل مشكلة دارفور خاصة العلاقات مع المجتمع الدولي والمنظمات الاقليمية والدولية، مع اعداد مقترح لتحرك دبلوماسي وشعبي يبشر بالخطوات الايجابية في اتجاه حل المشكلة ويناهض التدويل الضار. 3/ القيام بمهام التعبئة الكبرى لترقية العون الانساني الوطني والعالمي لدارفور، وتقديم كل اشكال الدعم والمساندة والعون للنازحين واللاجئين والمتضررين. 4/ رسم استراتيجية واضحة المعالم لازالة كل المعوقات التي تحول دون العودة الطوعية للنازحين واللاجئين لقراهم ومناطقهم الاصلية من خلال تعزيز العون للاسر لتتمكن من مواصلة الحياة العادية حيث كانت. 5/ وضع خطة واضحة تستند الى ما ورد في الاتفاقيات الموقعة والتقدم بأفكار عالمية جديدة لجبر الضرر سبيلا لاستعادة الحياة العادية ومقدمة للمصالحات والتعايش السلمي بين الاهالي جميعا. 6/ وضع خطة اسعافية وخطة استراتيجية للتنمية والاعمار في دارفور تتوافق مع خطة شاملة لتعزيز الخدمات وتطبيع الحياة في ولايات دارفور، خاصة في مجالات الطرق والجسور والكهرباء وخدمات المياه والتعليم والصحة والبنيات الاساسية الضرورية الاخرى. 7/ حشد التأييد الاقليمي والدولي لمبادرة اهل السودان لحل مشكلة دارفور خاصة تأييد ومساندة الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والمنظمة الافريقية الباسفيكية ومنظمة س، ص، وسائر المنظمات والهيئات والقوى الدولية المساندة للعملية السلمية في دارفور. هذه هي اهم مهام الملتقى القومي لأهل السودان لحل مشكلة دارفور كما وردت في التقرير الختامي. اتخذ كذلك الملتقى منهجا عمليا تمثل في: (أ) تنظيم الجلسات. (ب) هيكلة ادارة الحوار. اما اجتماعات الملتقى فقد كانت على ثلاثة انماط تمثلت في جلسة افتتاحية افردت لمخاطبة المشاركين في الملتقى وجلسات حوار، افضت الى تحديد مسار الملتقى ولجانه المتخصصة، ثم جلسة ختامية لاجازة توصياته. بعد الجلسة الافتتاحية في الخرطوم انتقل الملتقى الى كنانة حيث خصص خمس جلسات عامة صباحية ومسائية جميعها برئاسة السيد رئيس الجمهورية، افضت الى هيكلة ادارة الملتقى القومي حيث تم تكوين هيئة رئاسية للملتقى من السادة: 1/ المشيرعمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية. 2/ الفريق سلفاكير ميارديت النائب الاول لرئيس الجمهوري. 3/ الاستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية. 4/ المشير عبدالرحمن سوار الدهب. 5/ السيد/ احمد الميرغني «رحمه الله». 6/ الامام الصادق المهدي. 7/ د. الجزولي دفع الله. 8/ السيد/ مني اركو مناوي. 9/ د. نافع علي نافع. 10/ السيد/ موسى محمد احمد مساعد رئيس الجمهورية. 11/ السيد/ عبدالله مسار مستشار رئيس الجمهورية. 12/ د. الصادق الهادي المهدي. 13/ الشرتاي ابراهيم عبدالله محمد احمد. 14/ د. علي حسن تاج الدين. 15/ الاستاذ / مصطفى محمود. 16/ الاستاذة/ زهرة ابوبكر اسحق. 17/ بالاضافة الى السادة رؤساء اللجان المتخصصة. ثم تسمية السيد/ د. الطيب حاج عطية مقررا للملتقى، والسيدة/ تريزا سريسرو إيرو نائبا للمقرر، كما تم تحديد الامانة العامة لمجلس الوزراء لتولي مهام سكرتارية الملتقى وسكرتارية لجانه المتخصصة. كما افرز الحوار والنقاش والتفاكر اقرار سبعة محاور لتغطي سبعة مجالات تتم معالجة تفصيلاتها بصورة متزامنة تمثلت في: محور خيارات الحلول، محور النازحين واللاجئين والعودة الطوعية ، محور العدالة والمصالحات والسلام الاجتماعي، محور البُعد الخارجي لمشكلة دارفور، محور التنمية والخدمات، محور الاعلام والعلاقات العامة وتعزيز مناخ السلام، ومحور الامن، وعلى سبيل المثال تشكلت لجنة خيارات الحلول على النحو التالي: الاستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية رئيسا، السيد/ موسى محمد احمد / مساعد رئيس الجمهورية رئيسا مناوبا، الاستاذ بونا ملوال/ رئيسا مناوبا، والاستاذ احمد سعد عمر مقررا، بالاضافة الى (48) عضوا من عضوية الملتقى القومي. على هذا المناول تم تشكيل اللجان لبقية المحاور. بهذه الاضاءة الخفيفة على ملتقى كنانة اردت ان اشير الى ان الاستراتيجية الجديدة قد اخذت ملامحها العامة منه في الجانب الموضوعي «إن صح التعبير»... لنطرح السؤال وهو التحدي الاكبر للاستراتيجية الجديدة: ما هو الجانب الاجرائي الذي ستوفره او تشكله لتحقيق مقاصدها؟، بعبارة اكثر وضوحا، اردت ان اقول اذا كان الملتقى القومي لأهل السودان الذي توفرت له الامكانات الموضوعية والاجرائية والسيادية منذ اواخر العام 2008م، تم تجميده لا سيما البنود المتعلقة بالتنمية، والاعلام الايجابي والاعلام الشعبي والحل الثقافي ان صح التعبيرالذي ورد في التوصيات والذي جلس له خبراء الاعلام في السودان وشاركوا في وضع خططه وميزانيته منهم على سبيل المثال لا الحصر، السيد كمال عبداللطيف، السيد كبشور كوكو ، السيد عبدالدافع الخطيب، السيد محجوب عروة ، السيد النجيب آدم قمر الدين، السيد/ د. صلاح محمد احمد، السيد د. هاشم الجاز، السيد سيف الدين البشير، السيد اسماعيل محمد اسماعيل، السيد تاي الله محمد سليمان، السيد عبدالقادر السماني محمد علي، والسيد ابن عمر ابراهيم، هذا غير اعضاء اللجنة الموقرين، وقد ضربت مثلا بالتنمية والاعلام لأنهما من الاساسيات التي تهيئ الاجواء لتحقيق عملية السلام والامن في النفوس، والافكار قبل الواقع. الآن وقد خرجت الاستراتيجية الجديدة مستوحية فكرها ممن ملتقى اهل السودان، فإن السؤال المشروع هو كيف سيتم تنفيذ الاستراتيجية؟ مثلا اذا سلمنا جدلا بأن مشاريع التنمية والخدمات سيتم تنفيذها من خلال المؤسسات الرسمية، كيف سيتم تنفيذ محاور العدالة والمصالحات والسلام الاجتماعي؟، وكيف تنفذ اشياء مثل نزع السلاح واستبباب الامن دون اعلام واستنفار للأهالي واعادة الثقة بين اهل دارفور في وحداتهم الادارية وحتى مدتهم بأجهزة الدولة الرسمية التي خذلتهم طوال العقد الماضي، كيف يتم دون ايجاد مشاورات مع منابر اهلية وشخصيات قومية وارادة سودانية متكاملة، توفرت في ملتقى كنانة وتم تجميدها؟. لقد وردت في الاستراتيجية اشارة الى ملتقى اهل السودان في كنانة بعبارة مختصرة جدا في ص 6 ،«وتجدد الحكومة ، بجانب الاتفاقيات الموقعة ، التزامها بما اشتملت عليه مبادرة اهل السودان المعبرة عن آراء غالب اهل السودان، وتسعى لاعتمادها لتهيئة ارضية منبر مشاورات دارفور»، لقد استعصى علىّ فهم هذه الاشارة؛ لأن ملتقى اهل السودان ليس اتفاقا مع اطراف، بل هو مشروع حكومة في اعلى مستوياتها ، بل هو برنامج عملي شهد عليه العالم لاخراج الاقليم من ورطته بل تحسين الوضع فيه ليكون ملائما لبذر السلام الدائم والاستقرار والبناء، فكيف تحول الى مجرد توصيات.. يؤخذ بها او منها؟ (لكن الحكومة مخيرة بالتسوي في ر وحها) المهم في خضم حيرتي هذه عُرضت الاستراتيجية على مجلس الوزراء وحسنا فعل السيد رئيس الجمهورية عندما امر بتضمين اربع نقاط واضحة للاستراتيجية منها (ملتقى اهل السودان في كنانة) اما كيف؟ فيُحمد للدكتور غازي بأنه دائما يصرح بأن هذه الاستراتيجية خاضعة للمراجعة الدورية وقابلة للتعديل وفقا لتطورات الاوضاع في دارفور. ونرجو ونأمل ان نرى توضيحات عملية واجرائية مصاحبة للاستراتيجية؛ لأن الملتقى القومي لأهل السودان في كنانة كان متقدما جدا، حيث امتلك استراتيجية عملية واضحة تمثلت في عضويته ولجانه وهيكلته العليا والسكرتارية، ثم الادبيات الخاصة بالمحاور السبعة والتي لم تكن معدة سلفا، بل كانت نتيجة عصف ذهني امين وصادق والاهم شكلت عضوية الملتقى المكونة من 60% من اهل دارفور والشخصيات القومية تكاملا وطنيا منقطع النظير، تقاصرت دونه كل الحزازات الشخصية والمواقف الفكرية لتتطاول ارادة الاجماع الوطني بعشم وطني صادق ونبيل. لقد كان تحسين العلاقات مع دولة شاد احد اهم التوصيات في ملتقى كنانة، والآن هذا الانجاز الكبير المهم بالنسبة للدولة ولشعبي البلدين لماذا لا يُقيّم على انه احد انجازات توصيات الملتقى..؟! الآن تم اعتماد مقررات الملتقى القومي لأهل السودان كأحد اهم المرجعيات في مفاوضات الدوحة، لكن لو توفرت الرغبة والارادة السياسية لاصبحت مقررات الملتقى القومي لأهل السودان حُجة وتأكيدا على قدرة الحكومة في حل مشكلة دارفور، والاستراتيجية الجديدة الآن بكل ما اشارت اليه وبكل ما توفر لها من (شركاء خارجيين) تفتقر الى ثقة اهل دارفور في رغبة وقدرة الحكومة على تغيير الواقع، (ولو) انطلقت مقررات ملتقى كنانة في مسارات العمل التنفيذي لوفرت ارضية الثقة في الحكومة، ولاصبحت حجة عملية للمفاوضين بدلا من ان تصبح كلاما مكتوبا وما اكثر الكلام المكتوب..!! نرجو أن نرى ونسمع ونلمس تقدما واضحا في التكامل، ولا اقول التنسيق بين الملتقى القومي لأهل السودان في كنانة والاستراتيجية الجديدة لحل ازمة دارفور؛ لأن المطلوب الآن هو توفر الثقة قبل كل شئ..!!
