٭ فجعنا في الاسبوع الماضي برحيل المهندس عبيد خوجلي، الرجل الشامخ العاشق لوطنه والذي توفاه الله بعيداً عنه في المملكة العربية السعودية بعد سنوات ثرة في مدينة بريدة حاضرة القصيم، والتي عرفنا فيها عبيداً ببسمته الدائمة وروحه المرحة وبداهته النافذة تلك التي منحها له الواهب العطاي، فكان نبوغه ومعرفته وإلمامه بكل مداخل العلم ومخارجه. ٭ جاء عبيد خوجلي من «كركوج» يحمل في دواخله البساطة والأصالة والمرونة و(البركة)، فأقام في بريدة (كركوجاً) مصغرة جمع فيها الشمل رجالا ونساء وأطفالاً فصارت (مملكة) في قلب (المملكة). فتح أبواب منزله ليقصده القاصي والداني بلا فرز.. نحر الذبائح واكرم الوفادة.. منح الضيف (منز لاً) و(منزلة) فتمددت علاقات الجمال والصفاء والاخاء والنقاء حتى عمت (القصيم) بأكملها، وصرنا (حيران) عند كرم عبيد الذي اتخذ من الجميع اخوة واحباباً. ٭ ارتبط عبيد بأهله افي (الشريف كركوج) وكان يحزم حقائبه سنوياً ليرتوي عشقا ومحبة من أهله وليستزيد من الكرم (الشريفي) المنداح دوما ليعود الى المملكة العربية السعودية لينثر عبير كرمه الفواح ثانية فيجمعنا لتنداح الاريحية والجمال.. ٭ غرس عبيد في ذريته الشجاعة وقوة الشخصية وقول الحق، وكان صديقا لهم يزودهم بالنصح والارشاد والتربية حتى نشأوا رجالاً تتقمصهم شخصية والدهم الفذة التي منها شربنا حتى الثمالة كرماً واخلاقاً ووجوداً ندياً. ٭ كان عبيد (عمدة) في الغربة امتدت علاقاته بلا حدود وجسر تواصله مع الناس، لم يكن فيه (قف) ابداً.. قصدت منزله كل الجاليات العربية والاجنبية فترفق بهم ومنحهم من دفق الاصالة كؤوساً ندية. ٭ غادر عبيد الفانية بعد علة لم تمهله طويلاً، ففقده أهله واحباؤه وأصدقاؤه وهم كثر ارتفعت أصوات النحيب وعلا الصراخ لأن مثله قلما تجود الدنيا به فهو (وجه الحقيقة) بلا مراء وقلبها النابض بلا تردد، ومثله يبكيه الجميع ولكن (يتعذر) عليهم احصاء مآثره لأنها كثيرة ولا تحصى.. ذرفناها الدموع وآلمنا المصاب وإنا لفراقك لمحزونون.. ٭ رحم الله عبيداً فقد كان شمعة وسط الظلام ونوراً أبلج يضيء اينما كان.. ووجهاً مغسولاً دائما بالرحيق والمطر فبيته غمام مستدام يلوذ به الجميع.. اللهم اسكنه فسيح جناتك، وألهم زوجته فتحية وابناءه صداح ووضاح ومحمد الصبر الجميل، ومعهم أعزي نفسي وأعزي بكري العقيد وعادل كوم وعمار عيسى وحسين عيسى وحسين أحمد البشير وفيصل سليمان وسليمان المصباح وعصام (أبو روف).. همسة: وتأخذني امنياتي لبر بعيد.. غير أن الحزن يأسرني كثيراً.. فانطوي على وجعي.. واكتب على أوراقي مآثرك.. ففيها سلوانا الوحيد..