سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    البرهان ينعي وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته ومرافقيه إثر تحطم مروحية    والى ولاية الجزيرة يتفقد قسم شرطة الكريمت    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    هنيدي يبدأ تصوير الإسترليني بعد عيد الأضحى.. والأحداث أكشن كوميدي    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    إنطلاق العام الدراسي بغرب كردفان وإلتزام الوالي بدفع إستحقاقات المعلمين    رشان أوشي: تحدياً مطروحاً.. و حقائق مرعبة!    (باي .. باي… ياترجاوية والاهلي بطل متوج)    الجنرال في ورطة    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    محمد صديق، عشت رجلا وأقبلت على الشهادة بطلا    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    نائب رئيس مجلس السيادة يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم ويؤمن على قيام الإمتحانات في موعدها    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكتوبر:بارك وحدتنا الوطنية
نشر في الصحافة يوم 17 - 10 - 2010

أيام معدودة، وتحل علينا ذكرى هبة شعبية، هبها الشعب السوداني، في الحادي والعشرين من اكتوبر 1964م،كنت حينها في رحم الغيب،لكني سمعت عنها الكثير، الذي جعلني أفاخر بأمتنا العظيمة ومنجزاتها العظام، التي سطرها التاريخ، في جبينه بحروف من نور،تمر تلك الذكرى العطرة، وقد لا يبارك أكتوبر الأخضر وحدتنا الوطنية،التي تغنى بها الأستاذ محمد الأمين، بعد أن نسج كلماتها(الملحمة الملهمة) زميلنا الاستاذ الكبير، فضل الله محمد ، الذي ضل طريقه من الفضاء الواقف أو الجالس، الى فضاء القريض المغني، ومهنة البحث عن المتاعب، لكنه ولجها كبيرا.
تمر ذكرى أكتوبر، وبلادنا هي الأخرى تمر بمنعطف خطير، ولا أدري هل سنردد مع ود الأمين مقاطع ذلك النشيد؟ الذي طالما تغنينا به :
أكتوبر واحد وعشرين
يا صحو الشعب الجبار
يا لهب الثورة العملاقة
يا ملهم غضب الأحرار
الى أن نرفع معه أكف التضرع الى الله، وليس الى أكتوبر الشهر فنقول:
بارك وحدتنا القومية
وأعمل من أجل العمران.
( وحدة وطننا باتت الآن في خطر حقيقي)
ولو عمل ساستنا جميعا ،منذ فجر أكتوبر الأخضر، الذي سرقوه منا بليل فقط ،من أجل العمران في كل أرجاء السودان، لبارك الله في وحدتنا، ولم يجعلها في مهب الريح ، يتقاذفها الشريكان تماما مثل كرة الجوارب، التي كنا نلعب بها في أيام شبابنا الباكر، وكنا في مقالنا السابق قد أشرنا من باب المشاركة لبعض الساسة، دفن رؤوسهم في الرمال، بأن الانفصال مجرد إشاعة، لكننا بعد أسبوع واحد ربما أصبحنا اكثر يقينا، بأن إخواننا في الجنوب، لن يكونوا معنا في وطن واحد، يجمع شملنا، حينما تعود ذكرى اكتوبر المجيدة العام القادم ، وقد لا نردد مع الأستاذ محمد وردي، كلمات رائعة الأستاذ محمد المكي ابراهيم، التي يقول في خاتمتها :
كان اكتوبر في غضبتنا الأولى
مع المك النمر
كان أسياف العشر
ومع الماظ البطل
وبدم القرشي.. حين دعاه القرشي
حتى انتصر.
نعم قد لا نمجد ذلكم البطل الجنوبي الأبنوسي، عبد الفضيل الماظ ،وقد لا يحتفل السيد ياسر عرمان، بدار البطل العامرة في امدرمان ، لأنه قد يختار مع رفاقه الشماليين، من أمثال الدكتور منصور خالد ووليد حامد ،وغيرهم العيش مع رفاق الكفاح والأحراش، ليس في عاصمة سودانهم الجديد، بل في جوبا عاصمة الدويلة التي ستولد قريبا،وقد يعتزل العمل السياسي، أو يعود اليى مقاعد الدرس مجددا ،لأن حلمه حينما التحق برفيقه الراحل قرنق، لم يكن انفصال الجنوب، ولكن بناء السودان الجديد، الذي طالما حدثونا عنه، لكننا لم نعرف كنهه ،ولا أظن أن قادة الحركة سوف يكرمون نضاله ،بتنصيبه رئيسا،لدولتهم الجديدة،ولا حتى منحه رئاسة الوزارة، رغم ترشيحهم له لرئاسة الجمهورية، في الانتخابات السابقة،لكن ربما يردون الجميل إليه، بتعيينه وزيرا للإعلام، أو مستشارا لرئيس الدولة الجديد، ولعل مناضلي الشمال داخل صفوف الحركة الشعبية ،هم الأكثر حسرة،على ما سوف تؤول إليه أحوال البلاد عما قريب،لكن هكذا هي السياسة، دائما لعبة قذرة كما يقول المثل الانجليزي .
تهب علينا نسمات ذكرى أكتوبر،وعقول الحاكمين والمعارضين صماء، وبالتالي فهم لا يسمعون سوى أزيز الطائرات المقاتلة ،والمدافع، وهدير الدبابات،وقعقعة الأسلحة الأخرى، التي تزودت بها جيوش شريكي الحكم ، فالحرب أقرب إليهم من شحمة آذانهم وقلوبهم الغلف، نعم ستكون الحرب مختلفة، لا كتلك التي خبرناها، كما قال الامين العام للحركة الشعبية، باقان اموم، ولن تستخدم فيها أسياف العشر، كما فعل أجدادنا البواسل ،مع أعداء السودان ، فالتاريخ السوداني الناصع ،الذي أشعل نارا فاشتعل، ضد الغزاة الأجانب، وضد الأنظمة الشمولية سوف يشتعل هذه المرة ،لنحترق نحن معاشر الشماليين والجنوبيين، بنيران صديقه ،حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا،ذلك أننا كشعب عجزنا أن نقوم بثورة شعبية تقتلع شريكي الحكم من جذورهما، فالكنوز التي انفتحت في باطن الأرض تنادي ،كنا نأمل أن تكون خيرا للشمال والجنوب ، نعمة للمواطنين في كل مكان ،لكنها أصبحت نقمة،فالحرب حقا أكبر نقمة وابتلاء،ابتلي بها شعب السودان ،والحقول القليلة التي كنا نأمل، أن تشتعل قمحا ووعدا وتمني ، سوف تجدب هي الأخرى، وسوف تقضي الحرب على أخضرها ويابسها ،وحائط السجن الذي ظننا أنه قد إنكسر في كوبر وفي غيرها من مدن البلاد، سوف يبني من جديد ،ذلك أن الحرب دائما ما تكون فرصة، لمن بيدهم السلطة، للزج بمن يسمونهم عناصر الطابور الخامس والخونة،في غياهب السجون،وقد فاقت الحركة الشعبية ،المؤتمر الوطني في قمعها للمعارضين،وفي ظل انبثاق دولتهم الجديدة في الجنوب، لابد ان قادة الحركة، يفكرون في فتح المزيد من السجون، لتستوعب تلك العناصر المخربة، وعندها سوف نحرف في ذلك البيت الذي يتغني به وردي مفاخرا:
من غيرنا يعطي لهذا الشعب معني ان يموت ويحتضر؟ ..بدلا من أن يعيش وينتصر؟وسيكون جيلي أنا وليس جيل ود المكي من يبكي على ضياع حلم الوحدة الوطنية ،ولذلك سوف يستحثنا يومنا الذي نعبره نحو الضياع ،أن نفهمه وأن نعي فيه دروس الأمس،حيث اكتوبر الأخضر، ورجب ابريل الأغر، وأن نغنيه مع وردي وود الامين وغيرهما،أغنية في الصباح وفي المساء ، ان نغطيه وندعو له بالرحمة ،وان يبارك الله لنا فيه، ما تبقي من الوطن، وأن نقرأ عليه ونتقي فيض حلمه،فهذا الوطن المسمي بالسودان يئن تحت جراحه سنين عددا،فماذا يفيدنا هذه الأيام البكاء والأسى في أعيننا؟ والخور والضعف في جسد وطننا العليل؟ بل ماذا يفيد رفع الرايات الحزينة على مراكبنا؟ ونحن نغلق أرواحنا بالصواري، ونطلقها تجاه الشواطئ،التي لن نجد فيها سوى رصاصات تدوي، لتحصد أرواحنا،ثم نقدمها هدية وعربونا، لمجانين نيفاشا وجلادينا، من قادة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية .
شكرا لصديقنا صلاح الباشا، الذي حرضني لأكتب عن ذكرى شهر كنا نحسب بعد ما يقارب نصف قرن من الزمان، ان القيود التي قيدنا بها الأعداء قد انسدلت، فعلا جدلة عرس في الأيادي ، لكن هاهم من بيدهم مقاليد الأمور، يقيدوننا من جديد ويسوقوننا الى الجحيم، سوق النعاج الى المقصب الآلي ،فمن أين لنا يا اكتوبر الأخضر، ببذور نزرعها في يباب وطنا ،الذي يقبع في دواخلنا، ويمتد وتتأزم حالته يوما بعد آخر؟ ليلف حول رقابنا حبلا متينا،يكاد يخنق فينا الأمل، في العيش بسلام في ظلال وطن امن، ونعجز أن نفعل شيئا تجاهه ؟ثم تنطفئ عيوننا ،عن النظر الي ذلك الغد المشرق الزاهي، الذي طالما تغنى وحلم به كل سوداني.
ويسربلنا العجز والحزن غير النبيل ليمنحنا صك الموت البطيء، في وطن (حدادي مدادي) هو وطن الآباء والأجداد ، الذي تغنى به الراحل العطبراوي:
كل أجزائه لنا وطن إذ نباهي به نفتتن
نتغنى بحسنه أبدا دونه لا يروقنا حسن
يا بلادا حوت مآثرنا كالفراديس فيضها منن
فجر النيل في اباطحها يكفل العيش وهي تحتضن
رقصت تلكم الرياض له وتثنت غصونها اللدن
وتغنى هزارها فرحا كعشوق حدا به الشجن
حفل الشيب والشباب معا وبتقديسه القمين عنوا
نحن بالروح للسودان فدا فلتدم انت أيها الوطن
هذا الوطن الكبير لم يعد يسعنا، لأن الساسة ضيقوه علينا. ولن تكون كل أجزائه وطنا لنا بعد انفصال الجنوب، تمر ذكرى أكتوبر وسحب الحرب تلبد سماء الوطن ،وابيي عواصفها عاتية، والحرب كما قال الامام الصادق المهدي تدور رحاها الآن في الجنوب ونذرها في الشمال ماثلة ، والجنسية المزدوجة،لن تكون جواز عبور الى حدود الدولتين بل ستكون مجرد أوراق لذكرى وطن ذبيح،وابيي التي قالوا إنها تسبح في بحيرة من النفط أو الذهب الأسود ، قد يحترق فيها كل شئ ،وهي ليست بحال من الأحوال كما تصورها الدعاية الغربية ،نفطها محدود ،لكن رغم ذلك فسوف يستخدم شريكا نيفاشا سكانها من دينكا نوك والمسيرية ،دروعا بشرية، ووقودا لحرب داحس والغبراء الجديدة ،التي يعدون العدة لها، ووقتها لن يتحدث احد عن كشمير آسيا ،سواء كانت تتبع لباكستان، أو الهند، لأن أخبار كشمير السودان، سوف تطغى عليها وما لم تنصلح نوايا الطرفين ،وترمم جسور الثقة بينهما ،وما لم يجلسا بتواضع ،على الأرض، لتسوية قضايا الحدود والنفط، وابيي والمواطنة فيها ،والجنسية والديون وغيرها، من الأمور العالقة، فلن نهنأ في الشمال والجنوب .
لكن دعونا نوجه بعض الأسئلة الكبرى للمشير البشير، هل يستطيع اخراج البلاد من عنق الزجاجة؟هل يستطيع أن يجنبها الحرب؟ هل حزبه قادر عليى تقديم من التنازلات لكل المهمشين؟هل حزبه جاد على منح الجنوب 70%من نفطه؟هل بامكانه طي صفحة دارفور بنهاية هذا العام؟هل بامكانه الحفاظ على السودان، الذي ورثناه من الأجداد؟ إن كانت هذه الأسئلة لا تؤرق مضجعه ومضاجع إخوانه فليعد إلى حوش بانقا لقضاء بقية عمره وليعد إخوانه اليم ساقط رؤوسهم .
صحيفة السوداني :عودة حميدة
سررت كثيرا بسماعي نبأ عودة السوداني، في ثوب قشيب زاه،وددت أن أكتب كلمات قليلة عن هذه الصحيفة التي احتضنتني في منتصف الثمانينيات وأنا ألج مهنة البحث عن المتاعب ،أو بلاط صاحبة الجلالة،كأن وقتها الأستاذ الأنيق الخلوق الذي يقول للناس حسنا ،محجوب عروة رئيس التحرير والأستاذ صلاح عمر الشيخ نائبا له،والأديب الأريب عبد الرحمن ابراهيم مديرا للتحرير،كانت مبانيها بالقرب من إستاد الخرطوم ،مجرد مبان متواضعة،ومكاتب محدودة المساحة،لكنها كانت تضم ثلة من الصحافيين، والكتاب المميزين، أذكر منهم الزملاء راشد عبد الرحيم ،معاوية ابوقرون،صلاح مبارك، عثمان نمر، ابراهيم الصديق ،بثينة عبد الجليل،د/ البوني،تاج السر الملك (حاليا في أمريكا)حسين حسن حسين(في السعودية)حمدي عبد الرحمن، وأسامة علي، وإيمان نفيد، وتودد وابتسام عثمان،وهالة حسن فرح ،ومحمد يوسف عثمان،وعبد المجيد عبد الرازق،ونصرالدين عبد الحي، وعبد المولي الصديق، والمصورون شالكا والفادني وغيرهم ،ممن لا يسع المقام لذكرهم جميعا فلهم جميعا مني التحية و العتبى حتى يرضوا ،وأذكر أن أول تغطية لي كانت برفقة الزميلة إيمان نفيد،حيث سرت شائعة مفادها أن كوبري النيل الأبيض القديم الذي يربط الخرطوم بامدرمان، قد انهار،فذهبنا الى هناك والتقينا بروفسير دفع الله الترابي ،وكان يومها أستاذا في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم فنفي لنا الخبر جملة وتفصيلا ،غير انه لم ينف حدوث بعض التصدعات التي تحتاج الى معالجة سريعة،كان الاستاذ عروة رجلا في غاية التواضع،حيث كان كثيرا ما يأتي إلينا أيام العطلات بما لذ وطاب من المأكولات ،وكنا وقتذ ممن لم يستطيعوا الباءة،بل كان يأخذنا بسيارته الي بيوت كبار السياسيين،ومن أكثر تغطياتي التي لا تنسي في السوداني تحقيق أجريته مع زميلي الاستاذ الكبير معاوية أبو قرون، لحادث بص السفينة الشهير علي طريق مدني الخرطوم ،وقدمت الصحيفة لكلينا حافزا،والإضراب الشهير للعاملين بسودانير،وانقطاع خط السكة حديد بمنطقة التراجمة، وغيرها من التغطيات التي ما زالت عالقة بالذاكرة،كانت اسرة السوداني أسرة جميلة وكان بها عدد من أفضل المصممين ،عملنا فيها حتى ليلة انقلاب البشير وأذكر إنني صبيحة الجمعة قد أيقظت الزميل حسين حسن حسين، وكنا نسكن منزل زميلنا السر الملك بالحلفايا، وقلت له البلد فيها انقلاب،ونهض مفزوعا من فراشه وبدأنا نسمع الموسيقى العسكرية ،حتى أعلن البشير بيانه الأول، وتشردنا لبعض الوقت، والحق يقال ان عروة لم يقصر معنا، فقد منحنا حقوقنا التي مكنتنا من اجتياز تلك الأيام العصيبة.
واليوم تعاود السوداني الصدور، وعلى رأسها زميلنا النبيه الاستاذ ضياء الدين بلال ،وثلة من الزميلات والزملاء، الذين عركتهم المهنة، وعركوها ،فأنا إذ أهنئهم بالعود الحميد ،ورغم انه لم يتسن لي مطالعة الأعداد القليلة، التي صدرت حتى الالآن، أتطلع لأن تحمل الصحيفة في حدقات العيون هذا الاسم الحبيب إلى النفوس(السوداني) ،وأن تكون الصحيفة فعلا قد ارتدت ثوبا ورديا جميلا، لا يكشف الا سوءات الفاسدين مهما علت مراتبهم ، ثوبا شفافا نطالع من خلاله كل قضايا الوطن،لا نريدها منقبة عما يريد القارئ معرفته من أخبار،لا نريدها ذات ابتسامة صفراء، ذلك إن صحافة لا تعني بقرائها وهمومهم ومشكلاتهم هي صحافة بائدة، في نهاية المطاف حتى لو تغير مالكها وكل العاملين فيها ،لأن المواطن السوداني ،هو الرهان الوحيد لتحقيق نجاحها واتساع رقعة توزيعها، وبالتالي تحقيق مكاسبها المادية، من خلال التوزيع والإعلان، بكسب ثقة القارئ ، فالقارئ أولاً هو الذي يرفع معدلات التوزيع، وبه يرتفع حجم الإعلان الباحث دوماً عن أكثر الصحف توزيعاً. وبذلك تتحقق نظرية أن الصحافة رسالة وصناعة، والرسالة التي لا تحقق أهدافها فاشلة، وكذلك الصناعة التي لا تحقق للمستثمرين العائدات المنتظرة فاشلة أيضاً، ، أما الفشل فنتيجته غير ذلك. ومن حسن الطالع ان الرجل الأول فيها ،السيد جمال الوالي،رجل له موقعه لدى شريحة واسعة من الشعب السوداني، بحسبانه رئيسا لناد جماهيري كبير ،هو نادي المريخ ،فضلا عن موقعه في صفوف رجالات الحكم ،كواحد من رجال الأعمال الكبار، ولابد من تحية الرجل الذي اقتحم بشجاعة يحسد عليها، فضاء الإعلام المرئي والمقروء في بلادنا ،فإذا كان إفساد ذوق القارئ مهمة أخذتها بعض الصحف على عاتقها ، دون أن يكون لسلوكها المعوج هذا أي تفسير، اللهم إلا سعيها المحموم للتوزيع والكسب ، وصولاً إلى رفع نسبة التوزيع، وهو هدف لن تحققه سوى الصحف الجادة التي تمارس العمل الصحفي بمهنية عالية ووعي كبيرين لدورها في التنوير والإصلاح، وكشف مواطن الخلل، في كل ما يتعلق بمصالح المواطنين، وتنمية الوطن ورتق نسيجه الاجتماعي، فإننا نربأ بالسوداني والزملاء الذين أخذوا على عاتقهم قيادة مركبها في هذا الظرف الدقيق، من تاريخ امتنا ،الذي يتطلب من حملة القلم سواء كانوا من أولئك الذين يمارسون فنون التحرير، المختلفة من خبر وتحقيق وحوار واستقصاء أو استطلاع أو تصوير الخ أو الكتاب والمحللين للشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي ممن استقطبتهم الصحيفة ، نربأ بهم أن يجعلوا من السوداني صحيفة تلف في أوراقها الأحذية، وغيرها بل صحيفة رصينة جادة في كل طرحها أن يمنحونا ويعطوا للسوداني قيمة مضافة حتى لا تكون نسخة طبق الأصل لعشرات الصحف السودانية التي يفترشها الصبية في قارعة الطريق ،أو تتكدس بها أرفف المكتبات ، بل نريدها صحيفة لها عطر مميز تتضوع به الأنفس،فضاء يغذي العقل والروح ،لا تخشي مقص الرقيب بل يجب أن يكون حامل كل يراع هو الرقيب على ما تخط أنامله فالقارئ السوداني يعيش هموما كثيرة طاحنة ، وأحداثا سياسية مقلقة، تمثل تحديات لا طاقة له على مواجهتها، مما يتطلب أن يجد في صحافته خاصة السوداني التي تحمل اسمه ، عوناً له عن طريق معالجة ما يمكن معالجته من معضلاته الملحة، تحاشياً لتبعاتها المستقبلية السلبية ،وهو ما يحتم على السوداني في ثوبها الجديد ،أن تكون مختلفة عن أخواتها ، وذلك بأن لا يكون عرضها للقضايا المختلفة عرضا سطحيا لا يدل على جدية المناقشة أو التغيير المنشود، ويجب أن تكون مهمومة دائما بالرغبة في الوصول إلى حل، لتلك القضايا حتى وإن أدى ذلك إلى تجاوز المحاذير الوهمية التي تجد فيها بعض الصحف تبريراً لتقصيرها تجاه القارئ، وهمومه وقضاياه المختلفة التي لم تعد خافية على أحد.
* كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.