٭ الانقلاب التركي الفاشل كشف عن التحولات العميقة في تركيبة الجيش التركي، اذ ان الجيش التركي انحاز إلى الديمقراطية متخلياً عن منهاجه القديم، فما عاد هو الجيش القابض على انفاس الشعب، فالجيش التركي تخلى عن الطموح السياسي، جيش وطني مهامه حماية التراب التركي وحام للديمقراطية، شريك اصيل مع الاحزاب والنخب التي رأت ان مستقبل تركيا في التطور الديمقراطي. فهذا الانقلاب الفاشل كشف ان الشعب التركي المؤمن بالديمقراطية اقوى من اي انقلابيين، وانه قادر على دبابات ومدافع المغامرين فالحشود التي تظاهرت في كل ميادين المدن التركية والتي نزلت للشوارع ثبتت النظام الديمقراطي قبل ان تثبت الشرعية فلولاها لتكررت تجربة أربكان الذي أطاح به الانقلابيون، صحيح ان نزول الشعب إلى الشوارع قد رفع من أسهم الرئيس اردوغان.. لكن الرسالة الأقوى ان الشعب التركي قال كلمته الأخيرة لكل مغامر.. ان عهود الانقلابات في تركيا قد ولت، وان المؤامرات لن تعيد الحكم العسكري وان تدثر بالنظام الموازي الذي يتزعمه (كولن) فقد انكشف الغطاء وبانت السوءة.. ٭ فتداعيات الانقلاب الفاشل كشفت ان الجماعة العلمانية في السودان وفي المنطقة العربية هي مجموعات لا تؤمن بالديمقراطية وان كل ما كانت تتشدق به هو زيف فهي ضد الاسلاميين وان حملتهم صناديق الاقتراع إلى سدة الحكم، فكان عجيباً ان يهلل العلمانيون لانقلاب قامت به بعض فصائل الجيش التركي على الديمقراطية، عجيب ان يرحب العلمانيون بالسودان بهذا الانقلاب.. فهذه المواقف كشفت زيف العلمانيين وخيبتهم وأبانت ان ترحيبهم بالانقلاب مصوب نحو اردوغان باعتباره اسلامياً قاد تغييراً في مفاصل السياسة التركية، فقد أيد العلمانيون الانقلاب التركي.. كما أيدوا من قبل انقلاباً آخر في منطقتنا العربية.. ووقفوا ذات الموقف تجاه فوز جبهة الانقاذ الجزائرية، فهم بهذه المواقف المخزية يريدون ديمقراطية مفصلة عليهم، فاي ديمقراطية تأتي بغيرهم هي باطلة.. واي انقلاب عسكري عليها هم يرحبون به.. ٭ فالقوى السياسية التركية المعارضة لم تنحز إلى الانقلابيين نكاية بالرئيس اردوغان.. بل وقفت ضد الانقلابيين فانحازت إلى قيم الديمقراطية. وهنا تكون المعارضة التركية بطريقة غير مباشرة قد أرسلت رسالة إلى معارضتنا العلمانية (لو تفهم) ولا أظنها ستفهم، فالمعارضة التركية معارضة واعية.. فما استرخت لاغراء الانقلابيين.. فوقفت بصلابة مع الجانب الصحيح.. فمعارضتها لاردوغان عبر الوسائل الديمقراطية لا عبر البندقية، واعادة تمكين الجيش في السلطة، فالجيش مهامه حماية الديمقراطية وحماية تراب تركيا. ٭ فما جرى في تركيا درس بليغ للذين يرون ان الديمقراطية لها وجهان، ودرس للسياسيين بالتحديد في كيف تدار الازمات وان الاعتماد على ثقة الشعب هو الترياق القوي على من يسعى لاجهاض الديمقراطية.. وهنا نسأل أين الشعب لما وقعت الانقلابات العسكرية في بلادنا؟؟ أظن ان الاجابة معلومة، فمن كانوا يتشدقون بالديمقراطية ما كانوا يوماً مع الديمقراطية، بل كانوا مع طائفية حزبية ترتدي ديكتاتورية مدنية.. أكثر شمولية من شمولية الانقلابيين.. ٭ فالشعب التركي بوعيه وارادته وعزيمته أرجع الانقلابيين إلى ثكناتهم والقى القبض عليهم فأفشل المؤامرة الدنيئة وحطم آمال العلمانيين بأن تركيا المسلمة لن تعود الرجل المريض. والله المستعان