رغم الجهود المقدرة التي ظلت تبذلها الادارة العامة لشرطة المرور بمختلف أنحاء السودان سعيا لسلامة المواطنين..وبالرغم من ادراك المواطن لأهمية وجود رجال المرور في الطرق الداخلية والسريعة لتنظيم حركة السير والحيلولة دون وقوع حوادث تؤدي بالأنفس ..رغم كل ذلك تبدو العلاقة بين المواطن ورجل المرور متوترة في أغلب الحالات ،ففي الوقت الذي ينظر فيه المواطن والاعلام بعين الرضا والتقدير لانجازات المباحث الجنائية في حل طلاسم أكبر الجرائم والوصول الي منفذيها في أوقات قياسية ،ينظر المواطن بريبة وشك وسخط الي رجال المرور حيث يعتبرهم مجرد متحصلي أموال عبر التسويات والغرامات ..وأسهمت لائحة التسويات الأخيرة التي تم التراجع عنها او فلنقل تخفيضها في توسيع الشقة مابين أصحاب اللون الأبيض والمواطنين ،ليبرز هنا تساؤلان هامان مفادهما لماذا هناك تباعد وتوتر مابين المواطن ورجل المرور؟ وماهو السبيل لجعل العلاقة بين الطرفين تقوم علي التعاون والاحترام؟ . قبل الاجابة علي السؤال السابق لابد من الاشارة الي أن شرطة المرور في السودان وخلال السنوات الأخيرة ظلت تحقق نجاحات منقطعة النظير علي الأصعدة كافة والوجود الشرطي الواسع لضباط وجنود المرور يبدو غير خاف في مختلف الطرق داخل وخارج المدن ،وأسهمت مجهوداتهم الضخمة والكبيرة في تقليل حوادث السير في طرق تفتقر لأبسط مقومات السلامة وذلك عبر تنفيذ قوانين المرور ..ولكن رغم ذلك يرجع بعض المواطنين أسباب التوتر بينهم ورجال المرور الي عدد من الأسباب أبرزها :التعسف في تطبيق القانون ..عدم العمل بروح القانون ومراعاة ظروف المواطن وحالته النفسية والمادية عند وقوعه في مخالفه..الترصد والبحث عن الثغرات لتحرير المخالفات ...تعقيد اجراءات ترخيص المركبات ورخصة القيادة والرسوم الكثيرة المفروضة علي هاتين الخدمتين ..التسويات المرورية الباهظة التي يعتبرونها فوق طاقة المواطن المكبل بسوء الأوضاع الاقتصادية...التعامل الحاد الخالي من الانسانية والرحمة ..التسبب في تأخير الركاب عند ايقاف المركبات العامة وعدم مراعاة ظروفهم. يقول الفريق عثمان فقراي ان وجود شرطة المرور أمر بالغ الأهمية وذلك لضبط حركة السير وضمان سلامة المواطنين ، وأشار الي ان عمل شرطة المرور يقوم في المقام الأول علي ارشاد مستخدمي الطرق عبر التثقيف والتوعية وذلك حتي لايقع في مخالفات تؤثر علي حياته وممتلكاته ،وأبان أن المواطن عندما يرتكب مخالفة مرورية لا يصنف علي أساس أنه مجرم بل يتم التعامل معه بالارشاد واذا كانت المخالفة كبيرة يفترض أن يعامل بطريقة طيبة حتي لايكرر مخالفته مجددا ..وأرجع الفريق فقراي التوتر بين المواطنين ورجال المرور الي أن شرطة المرور تحولت مؤخرا الي واجهة للجبايات والرسوم وتنفيذ قوانين ولوائح المحليات التي تفرض رسوما علي الترخيص تتحصل عليها بواسطة شرطة المرور ،وهذا الأمر خصم كثيرا من شرطة المرور هذا بخلاف التسويات التي تعتبر السبب الأساسي في أن تكون هناك مسافات من الجفوة بين المواطن والمرور ،وفيما مضي كان من يرتكب مخالفة يتم عرضه علي القضاء ويعطي فرصة لمعالجة الخطأ الذي أرتكبه ،وأكد فقراي علي ضرورة تقوية العلاقة بين المواطن ورجل المرور وقال ان هذا الأمر تقع مسؤوليته علي قيادة شرطة المرور وذلك لان العلاقة الطيبة بين الطرفين تسهم في تجويد الأداء وتنفيذ القانون بطيب خاطر. من جانبه، نفي العقيد الطيب الآمين مدير شرطة المرور بولاية القضارف تجاوز رجال المرور لصلاحيتهم وممارستهم للتعسف تجاه المواطن ،وقال ان رجل المرور يقوم بتطبيق القانون ويؤدي واجبه ويحرص علي سلامة المواطنين ،وعمل رجل المرور في المقام الأول ارشادي وتوجيهي وتثقيفي ولا يلجأ لتحرير المخالفات الا عند ارتكاب التجاوزات التي تستحق أن يعاقب مرتكبها حتي لايكرر خطأه ،ونفي العقيد الطيب مايتردد حول حرص رجل المرور علي تحرير المخالفات سعيا وراء تحقيق ربط محدد من المال مفروض عليه ، وقال ان هذا الحديث لا أساس له من الصحة وذلك لان مهمة رجل المرور الأولي الحفاظ علي سلامة المواطنين. مدير شرطة المرور السريع بولاية الجزيرة العقيد جمال محمد صالح أكد علي ضرورة أن تكون العلاقة جيدة بين رجال المرور والمواطنين وذلك لان الهدف مشترك وهو تحقيق أكبر قدر من السلامة المرورية، وأضاف :نعي أدوارنا جيدا ونحن قبل كل شئ مواطنين سودانيين نحرص علي أداء أدوارنا كما ينبغي تجاه الوطن والمواطن ونعمل علي تنفيذ قوانين تصب في مصلحة المواطن الذي يعلم جيدا أن رجل المرور يحرص علي سلامته ،وأعتقد أن التسويات هي التي جعلت البعض يتذمر من تطبيق القانون وهنا لابد من الاشارة الي ان التسويات المرورية موجودة في كل دول العالم وبالتأكيد السودان ليس استثناء والهدف منها ليس جباية الأموال بل تنبيه السائق حتي لايقع في مخالفة مجددا وهي طريقة لايقاف تجاوز القانون والحد من التجاوزات المرورية ،وفي تقديري أن كل صاحب مركبة اذا ماعمل علي تنفيذ كل قوانين المرور فلن تكون هناك تسويات بل أن هذا الأمر اذا حدث يسعدنا لأنه في النهاية يقود الي السلامة التي تحرص عليها شرطة المرور ،وأتمنى بمثلما قامت الولاياتالمتحدة بالغاء قانون صفوف الانتظار بعد أن أصبح ثقافة تحترم ،أن يأتي يوم ويتم الغاء التسويات المرورية وهذا الأمر يتوقف علي تجاوب وتعاون المواطن وحرصه علي تطبيق واحترام القانون المروري الذي تم وضعه من اجل سلامته ،وهنا أؤكد أن قيادات شرطة المرور ظلت تحرص علي اقامة الدورات التدريبية والورش والسمنارات من أجل تجويد الأداء بل تشدد علي جميع افرادها علي ضرورة التعامل بصبر وتحضر مع المواطن . ويري الأستاذ خالد فتحي المختص بشؤون الجريمة والشرطة بصحيفة «الأحداث» أن أسباب توتر العلاقة بين المواطن ورجل المرور نفسية في المقام الأول وأنها ظاهرة لاتقتصر علي السودان بل موجودة في معظم دول العالم ،وأرجع فتحي السبب الي أن المواطن يعتقد ان رجل المرور يجبره علي تنفيذ القانون علاوة علي ان النفس البشرية جبلت علي حب المال والتسويات المرورية هي السبب المباشر في سخط وغضب المواطن ،وتساءل فتحي عن أسباب غضب المواطن لجهة أن رجل المرور يطبق القانون علي من يتجاوزه بعيدا عن استعمال القوة والعنف ،ورغم ذلك طالب فتحي رجال المرور باعمال مبدأ روح القانون قبل تنفيذه وذلك لان هناك من يرتكب مخالفة دون تعمد ونتيجة لظروف خارجة عن ارادته ،ورمي فتحي باللائمة علي الصحافة وخاصة كتاب الأعمدة وذلك لمساهمتهم في خلق جفوة بين المواطن ورجال المرور ،وضرب مثل بلائحة التسويات الأخيرة التي جاءت وفق معايير دولية من أجل تقليل الحوادث المرورية وليس من أجل تحصيل الأموال للدولة، وكشف خالد فتحي أن 80% من الحوادث تعود الي الانسان وليس الطرق او المركبة لذلك كان لابد من وضع القوانين التي تحد من الحوادث ،وتمني فتحي أن يكون التعاون هو اللغة المتداولة بين المواطنين ورجال المرور. اذن تختلف الأسباب حول توتر العلاقة بين المواطنين وشرطة المرور ولكن تبقي الحقيقة ومفادها أن التعاون والتفاهم والاحترام بين الطرفين مفردات مطلوبة لأنها تقود الي سلامة الأرواح والممتلكات وتقليل الحوادث المرورية وهذا هو الهدف المشترك بين الجميع.