قبل عدة أيام انعقد اجتماع لأبناء محلية الدامر بمدرسة المرافئ الثانوية بأركويت بحضور عدد مقدر من أبناء المدينة ومحلياتها. وكان الجانب الحكومي ممثلا في الفريق الهادي عبدالله والي ولاية نهر النيل، ود. السعيد الشيخ وزير الشؤون الاجتماعية والثقافية، وحسن الحويج معتمد محلية الدامر، وشكل الجانب الآخر من أبناء الدامر حضورا فاعلا باختلاف اتجاهاتهم السياسية والمعرفية، فقد كان بروفيسور عمر المقلي حضورا شارحا وموضحا لجوانب اقتصادية مهمة في مسيرة المحلية، بعد استعراض خطة معتمد الولاية، وكان هناك الدكتور عبد الله حسن أحمد، وكان كل الحوار يتجه نحو ان الدامر مدينة العلم والعلماء، وكان الصحافيون من ابناء الدامر عبد الحمن الأمين وابراهيم علي ساعد واسامة حسنين، وقد احسنت مدرسة المرافئ في عمل ابداعات فنية بقيادة الأستاذ نصر الدين السيد «النصير». وحلق بنا بروفيسور أحمد بابكر الطاهر في سماوات الدامر شعرا والقا ثقافيا.. وقد حلقت في تلك الليلة في السماوات والأزمات ونظرت من نافذة الرؤية الى نافذة القطار وكاتبه البروفيسور عبد الله الطيب المولود بغرب مدنية الدامر «أم الطيور»، في عام 1921م، وتلقى تعلميه ببخت الرضا وكلية غردون التذكارية وجامعة لندن، ونال الدكتوراة من جامعة لندن، وعمل بالتدريس ببخت الرضا وجامعة الخرطوم، ثم مديراً لجامعة الخرطوم ورئيسا لمجلسها في عام 1974م. وكان أول مدير لجامعة جوبا عام 1975م، وعمل في نيجيريا حيث أسس جامعة بايبرو بكانو، وانتقل للمغرب استاذا للغة العربية بجامعة سيدي حمد بن عبد الله بفأس. وله كثير من المؤلفات أشهرها «المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها»، و«مع أبي الطيب المتنبئ»، و «شرح أربع قصائد لذي الرمة» و «مع أبي العلاء المعري» و «من نافذة القطار». وعودة من نافذة القطار لابناء الدامر الذين عطروا مساءات الدامر مدينة العلم والعلماء، ومنهم بروفيسور عبد الرحمن محمد الحسن وحسن تاج السر وعثمان وحسن هارون وعوض الله خطاب ومجذوب بشيش والحريري وبادي عبيد، فقد هاموا في تلك الليلة عشقا في دامر حمد وكانوا ثلة كبيرة من العلماء نكتبهم جميعا، وكانوا نجوماً في تلك الليلة، وقد قال البروفيسور أحمد بابكر الطاهر إن توفيق صالح جبريل قد قال عن الدامر: أيا دامر المجذوب لا أنت قرية ٭٭ تبدو بداوتها ولا أنت بندر وأقول له إنه قد رد عليه البروفيسور عبد الله الطيب : بلى أنا حقاً فوق ذلك كله ٭٭ ودوني خرطوم وبارا وبربر ويا دامر المجذوب أنت مليحة ٭٭ تذكرتها يا بعد ما اتذكر وفيك بنو المجذوب أبناء بيرق ٭٭ وأبناء عبد الله والفضل يذكر وفيك جليس المصطفى كان دمعه ٭٭ من الشوق لما شامه ينحدر وفيك عميد القوم لما أراده ٭٭ بنوه على ترك ابنه وهو أكبر تذكرت يا خلي ليالي مبيتنا ٭٭ بمسجدها والقوم باك وذُكر وكان ابن نور الدين نشوان صيتا ٭٭ وكن زميلي في الدراسة أبجر وإذ داركم فيها السماحة والندى ٭٭ ووالدك الحبر للمديح يُحبر وإذ أنا فيكم مثلكم وحفظتمو ٭٭ ذمام أبي إني لذلك أشكر اتذكر شرحا قد نقلناه مرةً ٭٭ وللقرشي بالعروض تبصر فدونك أبياتا إليك بعثتها ٭٭ وهيجني صوت رخيم معبر وأذكر أن «من نافذة القطار» كانت حفرة في ذاكرتي في تلك الليلة التي كانت في حضرة من نهوى وهي مدينة الدامر بحراكها وسكناتها بناسها وطيرها وخيرها.. فهي مدينة تتمدد في الوجدان تصحبنا في حلنا وترحالنا، في صحونا ومنامنا، في احلامنا واحلام اهلها الذين اجتمعوا ليروها شامخة ترسل من علمائها العلم، وتتواصل فيها إشارات وإشراقات العلماء الذين ظلوا يتلألأون خيراً وجمالا لكل السودان والعالم العربي والإسلامي، منهم فيلسوف الشعراء حاج حمد عباس حمودة، والعاشق المتبتل في محراب الحق محمد المهدي المجذوب، وصاحب الرؤى والأفكار الشاعر عمر العوض، والباحث محمد أحمد قدور، وصاحب معظم الغناء السوداني السر أحمد قدور.. والدامر ممثلة في اتحاد الشعراء بالدكتور عمر قدور. والدامر نار وشرافة ذكر ومعرفة، تدين وتصوف، تسوق، ومحبة خضرة وجمال، وعلم زراعي وهندسي واستثماري تجلى في استعراض برنامج تلك الليلة من الحويج المعتمد، والفريق الذي قال إننا لا بد أن نبني تاريخ وتراث هذه المدينة للأجيال القادمة، وأن لا ينسوا في يوم من الأيام إنها مدينة العلم والعلماء دامر المجذوب ودامر حمد.