يتوجه اليوم الناخبون الجنوبيون نحو صناديق الاقتراع من أجل التصويت على استفتاء يحدد مصير السودان ما بعد التاسع من يناير وفي ظل إرتفاع حالة الخوف من القادم وإزدياد احتمالية نشوب عنف في البلاد بالرغم من تأكيدات الشريكين المتتابعة بعدم حدوث ذلك على سطح الأحداث والتي صعدت على راسها الولاياتالمتحدةالامريكية والتي أعلنت على لسان مسؤليها إستعدادها للتدخل في السودان من أجل منع البلاد من الدخول في حالة من الفوضي بداءت مقدماتها تلوح على الأفق السوداني المحتقن جنوباً وشمالاً مع ترجيح لكفة الانفصال وقيام دولة جديدة كلها أُمور زادت من إهتمام الادارة الامريكية بالوضع في السودان إهتمام حملته صحف بالأمس وهي تاتي بخبر تعيين كولن باول بديلاً لسكوت غرايشن والأول كان شاهداً على توقيع إتفاقية السلام الشامل في عهد الرئيس السابق جورج بوش الإبن. في الاتجاه نفسه قالت وزارة الخارجية الأميركية أن الولاياتالمتحدة متفائلة بشأن الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان لكنها تعتقد أنه ما زال هناك عمل كثير ينبغي القيام به لضمان استمرار السلام. وقال المتحدث باسم الوزارة بي جيه. كراولي في تصريح صحفي في هذه اللحظة «نحن متفائلون بشأن الاستفتاء في مطلع الأسبوع المقبل وفي هذا الصدد نحن ندرك أنه أياً كان اختيار شعب جنوب فما زال هناك طريق طويل نقطعه ودرب صعب ينتظرنا». إلى ذلك قالت سامانثا باورز، مسؤولة شؤون السودان والشؤون الأفريقية بمجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض، «إن الحكومة الأميركية وضعت كل الاحتياطات لمنع وقوع إنفجار في السودان مع إعلان نتيجة استفتاء جنوب السودان». وقالت باورز: «هذه أول مرة أرى فيها الحكومة الأميركية وقد رصدت قواها على مستويات عالية لمنع العنف قبل أن يحدث، بدلا من الرد عليه بعد أن يحدث وأشارت التقارير إلى التخوف من تكرار تجربة «رواندا» في جنوب السودان والتي أودت بحياة الكثيرمن الاشخاص وذلك في ظل حالة التشابه بين النموذجين والأمر لايمكن فصله من نشر أقمار صناعية غربية لأجل مراقبة أوضاع حقوق الانسان في البلاد وهو الامر الذي وصفته الحكمة بأنه عملية «تجسس مرفوضة» إلا أن التساؤل الموضوعي يتعلق بالإشارة لامكانية التدخل الامريكي عسكريا في المتطقة وامكانية تحقيق ذلك في ظل ما هو مرسوم من وقائع سياسية تتعلق بعضها بالراهن السوداني والاخر بالموقف الامريكي في العالم بصورة عامة ومدي استعدادها لخوض تجربة جديدة في جنوب السودان المشحون بالمخاطر حسب راى الامريكان انفسهم وهم يحددون المخاطر التي ستواجه السودان والمنطقة عموما. يبدوا إن الخوف من تجدد الحرب هو ما يحرك الخطوات الامريكية القادمة في السودان ما بعد الاستفتاء حيث لا تكفي تعهدات الأطراف «الجنوب والشمال» بعدم اللجوء إلى الحرب، دون ضمان قدرة أميركا على وقف الحرب إذا إشتعلت ليس معروفا ماذا سيفعل المجتمع الدولي إذا إشتعلت حرب أو حروب في السودان. رغم جهود إيجابية كثيرة قام بها المجتمع الدولي في السودان خلال السنوات القليلة الماضية، ليست له خطة لوقف «مذابح جماعية» في السودان. وأن المجتمع الدولي ربما سيهمل السودان بعد أن ينال الجنوب استقلاله. وقال إن القوات الأميركية المسلحة «تملك القدرة على التدخل في السودان» لكنها مشغولة بالتدخلات العسكرية التي استمرت «10» سنوات في أفغانستان والعراق وغيرهما. وتساءل: «حتى إذا تدخلنا عسكريا لوقف حروب، فهل سننجح في ظروف السودان المعقدة؟. وأشاد إبراموفتش بسياسة «الجزرة والعصا» التي سارت عليها إدارة الرئيس أوباما نحو السودان، وقال إن وعود شطب اسم السودان من قائمة دول الإرهاب، وتخفيض ديونه الخارجية، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الولاياتالمتحدة، أقنعت الخرطوم بعدم معارضة نتيجة استفتاء الجنوب التي يتوقع أن تقود إلى الانفصال. لكن، قال إبراموفتش: تجارب تقسيم الدول ليست سارة، فتقسيم الهند، وفصل بنغلاديش عن باكستان، وتقسيم يوغوسلافيا، كلها صاحبتها حروب وهي المعادلة الأقرب الآن في السودان في ظل حالة عدم الاتفاق مابين كونات العملية السياسية الا انه على العكس تتاتي رؤي من اتجاه اخر تقول بعدم قدرة الولاياتالمتحدة على خوض تجربة ذات طبيعة عسكرية في السودان وهو ما يقول به ل«الصحافة» الدكتور عمر عبد العزيز أستاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا والذي يشير على عدم قدرة الولاياتالمتحدة في التدخل عسكريا في السودان بناء على ما هو متاح في الميدان الذي أكد فيه أن الميدان في جنوب السودان يختلف تماما عن كل الميادين التي دخلتها الولاياتالمتحدة سابقا من تداخل وتشابك على المستوي الاثني والعرقي في الجنوب بالإضافة لغياب سلطة الدولة حتي وأن حدث الانفصال فالحركة الشعبية لن تكن لها القدرة على فرض سيادتها على الجنوب واحتمال قيام حرب أهلية في الجنوب وحرب مابين الشمال والجنوب في ظل عدم حسم كافة القضايا محور الخلاف ولكن عمر يصف عملية التدخل العسكري في السودان في ظل هذا الواقع بأنها مستحيلة وخطوة لن تجرؤ الولاياتالمتحدة على خوضها إستنادا على تداعيات أحدآث في العراق وافغانستان ورفض الراي العام الامريكي لاي أنشطة عسكرية الان على أقل تقدير ويفسر الاتجاهات الامريكيةالجديدة بأنها تعبر عن حالة من الضغوط السياسية من أجل ضمان إكتمال الاستفتاء والاعتراف بدولة الجنوبالجديدة من قبل الشمال وهو ما يعني أن كل الأمور ستتم في إطار المعالجات السياسية وفي نفس الاتجاه يمضي الخبير الاستراتيجي حسن بيومي في حديثه ل«الصحافة» والذي على عدم اتخاذ امريكا لمثل هذا الخطوة او دفعها لقوي عسكرية في المنطقة السودانية الان دون أن يستبعد التواجد الامريكي من أجل الحفاظ على مصالحه ولكن قال أن الامر سيتم من خلال التواجد العسكري السابق في المنطقة خصوصا في يوغندا وكينيا مضيفا أن الولاياتالمتحدة يمكن أن تمرر استراتيجياتها من خلال التواجد الاسرائلي بإعتبار إنه لايمكننا فصل ما هو امريكي عن ماهو اسرايئلي ويشير اذا تم التدخل العسكري يمكن ان يتم عبر قوات الأممالمتحدة المتواجدة وتحويل اختصاصاتها من البند السابع الى البند السادس ويشير بيومي لنقطة اخري تتعلق بإمكانية تدخل القوات الامريكية في منطقة ساحل العاج في أعقاب ما حدث في الانتخابات الاخيرة وهو ما يجعل انشطتها موزعة مابين عدة اتجاهات إذا ما أضفنا العراق وأفغانستان وغيرها من بؤر التوتر في العالم التي تتواجد فيها القوات الامريكية وبشكل اساسي لكن الامر في السودان يختلف والحديث لبيومي مع احتمالية كبيرة للدخول في فوضي ترتفع درجات حدوثها في الجنوب في ظل عدم توافر امكانيات قيام الدولة والاحتقان السياسي وتوفر السلاح كلها عوامل تجعل من الفوضي هي أقرب الخيارات وبالتالي إيجاد تنظيم القاعدة تربة خصبة لممارسة نشاطه في الجنوب انطلاقا من المشكلات المتعددة ويشير الى ان ابيي والحدود قد تكون هي النقطة الاولي لاندلاع الشرارة والتدخلات الامريكية مما يحتم على الشريكين العمل الجاد من اجل ضمان التعايش الاجتماعي بعد ان عزت عليهم عملية الوحدة ويشير مراقبين على أن عملية التحركات الامريكية ما بعد الاستفتاء لن تكون حصرا على الجنوب فقط وأن الشمال لن يكون بمعزل عن ذلك خصوصا في ظل سيادة النزاعات حول مستقبل الدولة بعد الانفصال وتحركات المعارضة مع الوضع في الاعتبار البؤر التي يمكن ان تنفجر في الشمال في جنوب كردفان والنيل الأزرق الوضع المتفجر في دارفور كلها امور تضع الولاياتالمتحدة على البوابة السودانية ويتطلب ابعادها اجراء الكثير من الاصلاحات وإعادة تشكيل الخارطة السياسية على أن يكون ذلك مسبوقا بالاعتراف بالخارطة الجغرافية الجديدة التي تضع الجنوب خارج حدود الدولة السودانية القديمة.