كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس .. لمن الدرس ..؟
نشر في الصحافة يوم 16 - 01 - 2011

انتهى حكم (بن علي) وبدأت أكثر من علامة استفهام تدور في ذهن الكثير من الحكام العرب والافارقة وشعوبهم ايضا، نصيب الحاكمين منها ارق يقلق مضاجع نومهم ، فيما تحلق شعوبها فوق احلام الخلاص المنتظر ، هكذا يقول المشهد التونسي المتصاعد منذ الثامن عشر من الشهر الماضي والذي وصل محطته النهائية يوم امس الاول فاتحا الباب واسعا امام سيناريوهات يمكن ان تقود الى اصلاحات غير مسبوقه ، كخطوة استباقية لموجة الغضب التي انتظمت العواصم العربية مؤخرا ، فالمتمعن لما قاد التوانسة يجد الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعه بهم ، اكدتها حالة الفرح التي سادت العواصم العربية والتجمعات التي احاطت بسفاراته في العديد من البلدان دعما لما اقدم عليه التونسيون وتوجوه ليل الجمعة.
(1)
(خبز وماء.. وبن علي لا) ، هتافات لم يمنعها خطاب الرئيس التونسي الذي اذاعه عشية يومه الاخير في السلطة من الاستمرارلتصبح حقيقة قبل ان تمضي اربع وعشرون ساعة على تعهدات بن علي التي وعد فيها الشعب الثائر باجراء تغييرات وقال بطريقة ابانت ان ارادة الشعوب لن تكسرها كل الوان القهر « الآن فهمت الرسالة، التي أرسلها العاطل عن العمل والسياسي الذي يريد مزيدا من الحريات، واضاف فهمتكم جميعا» ، فحل الحكومة ورفع القيد والرقابة عن الاعلام واطلاق معتقلي التظاهرات الاخيرة وحتى امر قوات الشرطة بعدم استخدام القوة المفرطة.. لم تكن فاتورة كافية يمكن ان تعيد المتظاهرين الى بيوتهم بعد ان سقط العشرات من القتلى وجرح من جرح ، رسائل عدة وصلت ليل امس الى كل الشعوب الباحثة عن الخلاص وقبلهم للحكام حتى يتحسسوا اماكنهم.
قبل ان تفضح النظرية التي يرتكز عليها كل الحكام المنتشرون على طول وعرض المنطقة للبقاء على كراسي الحكم ، فالابتعاد عن نبض الشارع واستشراء الفساد والتضييق على المواطنين حتما يأتي بالمفآجات التي لا يستطيع اي نظام مهما تحصن خلف الترسانات الامنية من ايقاف مدها ، فسنوات بن علي الثلاث وعشرين التي ظن فيها ان عرشه المحروس بالرصاص لن يهتز دليل دامغ لا يحتاج الى تبيان، فالدروس التي تحكي فصولها ثورة التوانسة ، لا يستبعد الباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور حاج حمد من انعكاسها على كل المنطقة، ويضيف يمكننا ان نقول ان كل الدكتاتوريات المدنية اصابها «شاكوش» وعليها ان تستوعب الدرس مبكرا وتلتفت للاصلاح، مشيرا الى ان عسكرة النظام والسلطات المطلقة لا توقف ارادة التغييرعند الشعوب ،وحذر من ان الشارع يمكنه ان يصمت صمت القبور، لكن اشتعاله لن توقفه اي تنازلات مهما كبرت ، ما ذهب له محدثي هو ما عبر عنه شعب تونس الذي رفض الانتظار حتى حلول العام الرابع عشر بعد الالفين ليتنحى بن علي كما قال في خطابه الاخير زاعما انه سيكون عامه الاخير بالحكم، ليختار الغاضبون الرابع عشر من يناير يوما لتتويج ثورتهم الممتدة طوال شهر كامل بداية لكتابة تاريخ جديد بعد ان ارغموا الرئيس على مغادرة كرسي الحكم بعد 23 عاما ، فالوعود والقرارات الاصلاحية التي اعلنها بن علي قبل يوم من انتصار الثورة هناك لم تأتِ اكلها كما اراد ولم تكن بمثابة الرغوة لكي تطفئ لهيب الشارع الذي اطلق شرارته بائع متجول يدعي محمد البوعزيزي قبل نحو شهر من الآن ، احتجاجا على تعنت قوات الشرطة واحساسه بالغبن ما دفعه للزهد في الحياة ، شرارة احرقت جسد بوعزيزي ابن الستة وعشرين عاما اولا ، قبل ان تحرق تاريخا حافلا بالقهر والجبروت ظل شعب تونس رازحا تحت وطأته عقدين ونيف من الزمن ...حاج حمد يقول مالا يعلمه الحكام ان من الشرارة يندلع اللهيب وتابع: علي الحكام ان ينفذوا حكم القانون ويمنحوا القضاء الاستقلالية حتى يهنوا بالحكم ،مؤكدا ان موجة التغيير باتت الآن مطلباً لن يقدر احد على تجاوزه ،واشار الى ان من يقودوه هم الاجيال التي تربت تحت ظل هذه الانظمة الحالية .
(2)
صمت عربي لم يستمر طويلا قابله ترحيب دولي بشكل سريع، لما حدث في تونس ، فالاشادة « بشجاعة وكرامة» الشعب التونسي التي بعث بها الرئيس باراك اوباما عقب ساعات من انتهاء حكم بن علي كما جاءت في بيان البيت الابيض دعا فيه لاجراء انتخابات نزيهة وحرة قبل ان يدين ويستنكر استخدام العنف ضد المدنيين في تونس.
وأضاف: أنّ «الولايات المتحدة تقف مع المجتمع الدولي شاهدًا على هذا النضال الشجاع من أجل الحصول على الحقوق العالمية التي علينا جميعا أن نلتزم بها، وسنتذكر لفترة طويلة صور الشعب التونسي وهو يسعى إلى جعل صوته مسموعًا».
تلته فرنسا التي كان بن علي أقرب حلفائها، وأعلنت اعترافها بالانتقال الدستوري الذي حدث في تونس ومغادرة الرئيس للبلاد.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي: إنَّ بلاده تأمل في نهاية سلمية للعنف وإنه من خلال الحوار وحده، يمكن تحقيق تغيير ديمقراطي.. وأن فرنسا تقف جنبًا إلى جنب مع التونسيين في هذه «الفترة الحاسمة» وإنه يعترف بالانتقال الدستوري.
بينما تحفظ المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية مارتن داي على إبداء موقف حول رحيل بن علي، مكتفيًا بأن حكومته «تتابع التطورات الحاصلة في تونس أولاً بأول» رافضا التعليق عقب ساعات من الاطاحة بالرئيس التونسي واوضح أن «اجتماعات تجري في لندن ستحدد موقفنا من الأحداث الأخيرة»
وعلى الصعيد العربي لم تصدر أي مواقف رسمية حول مغادرة «بن علي» البلاد حتى صباح السبت باستثناء ما أعلنته الخارجية القطرية عن احترامها لإرادة الشعب التونسي، فيما يعدّ أول تعليق عربي على مغادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بلاده ، واعقبته تأكيدات اعلنت فيها الأمانة العامة للجامعة العربية اهتمامها الشديد ومتابعتها باهتمام خاص تطورات الأوضاع والأحداث التي تشهدها تونس، على إثر الصدامات الموسعة التي أفضت بالإطاحة برئيسها زين العابدين بن علي، وأرغمته على مغادرة البلاد، دون أن تتبنّى موقفًا أكثر وضوحًا من التطورات الأخيرة، وبعد ساعات من منتصف نهار الامس رحبت الحكومة السودانية بخيار الشعب التونسي في تحديد مستقبل بلاده السياسي، وعبرت عن أملها بأن يكون التغيير الشعبي المستحق سانحة وطنية لتحقيق الحرية والرفاه والأمن والاستقرار للشعب التونسي. وأكدت وزارة الخارجية متابعتها لتطورات الأوضاع في دولة تونس عن كثب مؤكدة أن السودان سيظل يحتفظ بعلاقات أخوية طيبة ومتطورة مع الشعب التونسي واحترام خياراته الديمقراطية كما جاء على لسان المتحدث بإسم وزارة الخارجية خالد موسى .
(3)
سارعت قوى المعارضة السودانية بدعم الهبّة الشعبية التي اطاحت بالرئيس التونسي ، وقدمت التهانئ للشعب الثائر هناك ، الا ان الملاحظة التي حملها بيانا ( زعيم حزب الامة الصادق المهدي وقوى الاجماع الوطني) كل واحد على حدة خلوهما من ابراز المقارنة ومطالبة الشعب السوداني ،باتخاذ ذات الخيار بشكل واضح وباين ، فالامام الصادق الذي اختار لبيانه عنوان « كلنا اليوم توانسة» قال فيه ان الشعوب العربية تسلط عليها طغاة باسم شعارات مختلفة سلبوا السيادة الوطنية معناها واستبدلوها بسيادة الطغمة، وسلبوا الديمقراطية جوهرها واستبدلوها بتعددية مدجنة وانتخابية زائفة، وفرضوا على الشعوب نظما بوليسية ماثلت الاحتلال الأجنبي ذراعا بذراع فأقاموا احتلالاً داخلياً فرض على الشعوب حوكمة ملة واحدة تقوم على الحزب الغاصب، والإعلام الكاذب، والأمن الضارب والاقتصاد المتكالب الى ان وصل الى قوله «كنا نظن أن الشعب التونسي أكثرنا امتثالا لتلك الملة القابضة فإذا به ينال إعجاب الأحرار في كل مكان بغضبة الحليم في الحق وينتزع ريادة مستحقة»، دون ان يضع السناريو التونسي كحل متوقع في البلاد التي تشهد خصومة عالية عبر عنها المعارضون خلال الكثير من التصريحات في الفترة الاخيرة وصلت في اغلبها مرحلة التهديد باقتلاع النظام القائم ، ولم يذهب بيان قوى الإجماع المكتوب تحت عنوان تأييد وتضامن مع شعب تونس ، الى اكثر من التذكير بان ما حققه شعب تونس ليل امس الاول يعد تكرارا لما قام به الشعب السوداني في مرتين الاولى في 1964م والثانية في مارس ابريل 1985م ، وخلا البيان بدوره من عقد مقارنة او تعبير عن امكانية تكرار الخطوة بالبلاد واضعا في الاخيرعبارة ولتسقط رايات الظلم والظلاميين في بلادنا ، حاج حمد علق قائلا ما حدث بتونس فيه دروس للجميع حتى قوى المعارضة في بقاع الارض عليها ان تعلم ان انتظار الشارع لا يأتي بالتغير فالقوة التي دفعت التغيير في تونس اكدت قدرتها على افراز قيادات قادرة على تحمل المسؤولية فالمتظاهرون هناك اظهروا وعياً كبيراً وهو ما يجب ان يفهمه الجميع .
في ذات الاتجاه عبر الحزب الاتحادي الديمقراطي المشارك في الحكومة ،وقوفه الى جانب ثورة الشعب التونسى وقال بيان تحصلنا على نسخة منه ان الحزب ظل يتابع مع جماهيرالشعب السودانى التواقة للحرية والديمقراطية ،تطورات الاحتجاجات الشعبية بتونس الشقيقة التى تحولت الى ثورة شعبية باسلة أفضت الى التغيير الدستورى للسلطة فى تونس، وأكدت أن إرادة الشعوب الحرة لن تقهر مهما حاول الطغاة ذلك،والحزب الاتحادى الديمقراطى إذ يشيد ببطولة وبسالة الشعب التونسى الشقيق،ليبارك انتفاضته الشعبية المباركة ،ويؤكد إحترامه لخياراته،ويعلن وقوفه الى جانبه فى إقامة نظام حكم ديمقراطى حقيقى يحارب الفساد ويعالج البطالة ويرسخ الديمقراطية ويكفل حقوق الانسان وسيادة حكم القانون.
تم التغيير في تونس بإرادة شعبها ، وقدم التونسيون دروسا ستبقى مكان احترام لكل شعوب العالم ، وبذلك يكونوا قد أزاحوا حكما من الظلم دام سنوات ، وفتحوا الكثير من ابواب الامل امام شعوب أخرى ، قارعين اجراس الانذار في آذان الكثير من الطغاة ، اجراس رنينها لا يقول الآن سوى شئ واحد هو فليفهم الحاكمون الدرس قبل فوات الأوان !.
البائع المتجول مات قبل أن يجني ثمرة انتفاضت
بوعزيزي أشعل جسده فأطلق ثورة الغضب في كل تونس
دبي : فراج إسماعيل
مات البائع المتجول الشاب محمد بوعزيزي متأثرا بإشعاله النار في جسده، احتجاجا على مصادرة عربته التي يبيع عليها الخضار، دون أن يدري أن ما فعله أشعل انتفاضة الشعب التونسي وأسقط حكم الرئيس القوي زين العابدين بن علي.
يوم 17 ديسمبر الماضي صادرت السلطات البلدية عربته اليدوية التي يبيع عليها الخضراوات والفواكه، تسمى في بعض دول المشرق العربي «كارو» فذهب لإدارة البلدية ليشكو ويحاول استردادها لأنها كل رأس ماله التي يقتات منه هو وأسرته، فصفعته إحدى الموظفات على وجهه.
خرج بوعزيزي من مبنى البلدية وأضرم النار في جسده وتوفي بعد أسبوعين، عقب أن زاره الرئيس بن علي في المستشفى.
بوعزيزي ? 26 عاما ? خريج جامعة، ظل عاطلا عن العمل لسنوات. ولم يجد سوى العمل بائعا متجولا على عربة تدفع باليد، لكن السلطات البلدية صادرتها منه لأنه لم يحصل على ترخيص لها.
اندلعت المظاهرات الغاضبة لمناصرته بعد وقت قصير من إشعاله النار في نفسه، ثم توسع الغضب ليشمل معظم العاطلين عن العمل، واندلعت احتجاجات واسعة سرت بسرعة كبيرة لتشمل الطبقة المتوسطة وهي التي تعاني من نسبة بطالة عالية تصل إلى 14% حسب التقديرات الرسمية وإلى نحو 25% حسب تقديرات غير رسمية.
أطلق بوعزيزي بإشعاله النار في جسده مظاهرات شعبية ضخمة بصورة لم تشهد لها تونس مثيلا. خرجت الاحتجاجات بشكل عفوي ليس لتحتج على الغلاء والبطالة فقط وإنما للمطالبة بالحريات والإصلاحات السياسية.
ظل المتظاهرون والمحتجون يرددون اسم «بوعزيزي» حيث بدأت الاحتجاجات من ولاية سيدي بوزيد لتسري إلى مدن أخرى أكبر وأكثر تأثيرا مثل القيروان وسوسة ثم العاصمة نفسها وبنزرت، ولم تنجح قوات الأمن أو الجيش في وقفها.
وجاءت المحاولة الأخيرة لوقف انتفاضة شاب ميت، من الرئيس بن علي نفسه ليلة الخميس الماضي بخطابه الذي أعلن فيه إطلاق حزمة من الإصلاحات السياسية بدءا من الحريات الإعلامية، لكن كل ذلك يبدو أنه جاء في الوقت الضائع.
لم ينضم إلى انتفاضة بوعزيزي العاطلون عن العمل فقط، أو الجوعى والفقراء، بل ضمت شبابا عاملا في المجالات المختلفة جمع بينهم السخط على الأوضاع والمطالبة بالإصلاحات الاجتماعية والسياسية ووضع حد لسيطرة بعض العائلات على مفاصل الثروة والنفوذ.
زار الرئيس بوعزيزي في المستشفى الذي كان يرقد فيه بحالة سيئة جدا يوم 28 ديسمبر، وظهر في الصور التي بثت لتلك الزيارة وهو يطمئن عليه ويسأل عنه الأطباء، حيث كان وجه الشاب مغطى بالضمادات.
لم يتحدث بوعزيزي طيلة الزيارة ولم يعرف ما إذا كان ذلك بسبب حالته الصحية أو أي سبب آخر. لكن الغاضبين والمحتجين فهموا الأمر على أنها رسالة منه بأن الأمر لم ينته وأن عليهم أن يستمروا في انتفاضتهم.
وفي أوائل العام الجديد مات بوعزيزي وهو لا يعلم أن الثورة أو الانتفاضة التي أشعلها بجسده كتبت السطر الأخير أو أغلقت الصفحة الأخيرة في كتاب حكم بن علي، وهي أسوأ ما يمكن أن تنتهي به مرحلة حاكم.
شبيه الأخطبوط بول اختارها لخلافة زوجها في الحكم
ليلى الطرابلسي.. «الكوافيرة» التي سيطرت على قصر قرطاج وكتبت نهاية حاكمه
عواصم -وكالات
انتفاضة الشعب التونسي وجهت اتهامها الأول بالفساد لعائلتي الماطري والطرابلسي، والاثنتان تشكلان عائلة الرئيس بن علي.
هذا الاتهام لم يأت على خلفية ما كشفه موقع ويكيليكس عن ذلك.. ولا كتاب صدر في باريس لمؤلفين فرنسيين بعنوان «حاكمة قصر قرطاج.. يد مبسوطة على تونس» ولكن تمتد إلى عام 1997 عندما بدأت أسماء أفراد العائلتين تظهر في المفاصل الاقتصادية والمالية للدولة.
ويأتي في المقدمة محمد صخر الماطري زوج ابنة الرئيس وهي الابنة البكر للسيدة الأولى ليلى الطرابلسي، الزوجة الثانية للرئيس بن علي، تزوجها بعد طلاقه من السيدة نعيمة بن علي التي انجب منها ثلاث بنات، وله من ليلى ابن في نحو السادسة أو السابعة من عمره وهو الابن الوحيد بين أختين شقيقتين هما سرين وحليمة.
محمد صخر رجل أعمال من مواليد 1980 ينحدر من عائلة الماطري، ومن أبرز من ظهر منها الدكتور محمود الماطري أول رئيس للحزب الحر الدستوري الجديد، وهو عم والده الذي كان أحد الضباط المتورطين في المحاولة الانقلابية لعام 1962، وقد حوكم آنذاك بالإعدام قبل أن يصدر العفو عنه من قبل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة
تزوج صخر من ابنة الرئيس عام 2004، وهو عضو منذ عام 2008 في اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم.
يمتلك الماطري هولدنغ وإذاعة الزيتونة الدينية، وقد عرف عنه تدينه. واشترى عام 2009 مؤسسة دار الصباح التي تصدر عنها جريدة الصباح وهي أعرق الصحف التونسية، ثم أسس مصرف الزيتونة وهو بنك إسلامي.
وكان كثير من المحللين يعتبره الخليفة المحتمل للرئيس بن علي وأنه يعد لوراثة الحكم. وقد أثار جدلا عندما صرح لوكالة فرانس برس بأنه يسعى لاشاعة التدين في البلاد، خصوصا أنه ينتمي للعائلة الرئاسية، وفسر المراقبون ذلك بأنه سعي لترسيخ التدين المعتدل لمواجهة الغلو والتطرف في بلد عرف بعلمانيته.
نشأة في ظل عائلة بسيطة
إلى جانب اتهامات الفساد الموجهة لعائلة الماطري، فإن السيدة الأولى ليلى الطرابلسي والدة زوجته نالت الجزء الأكبر من الاتهامات، أهمها أنها عينت أفراد عائلتها في مناصب الدولة الحساسة وتمكنوا بذلك من السيطرة على الشركات والاستحواذ غير القانوني على بعض الممتلكات والثروات.
ولدت ليلى عام 1957 في عائلة بسيطة، وكان والدها بائعا للخضر والفواكه الظازجة. حصلت على الشهادة الابتدائية والتحقت بمدرسة الحلاقة، وعملت كوافيرة، ثم تعرفت على رجل أعمال يدعى خليل معاوي وتزوجته وهي في الثامنة عشرة من عمرها.
وعاشت معه ثلاث سنوات قبل أن يطلقها، تعرفت خلالها على محيط رجال الأعمال، وكما يقول كتاب « حاكمة قرطاج» المحظور حتى الآن من دخول تونس، لكن تم توزيع نسخ ألكترونية منه، أنها عملت في التجارة بين تونس وإيطاليا، إلى أن ألقي القبض عليها وسحب منها جواز سفرها.
طلبت من أحد معارفها وهو الجنرال طاهر مقراني التدخل لاسترجاع الجواز وكان الرئيس بن علي وقتئذ مديرا للأمن.
ويقول الكتاب إنه في السنوات الأولى من حكم بن علي كدس المقربون من النظام ثروات هائلة. وبعد زواجه منها استحوذ أخوها الأكبر بلحسن على شركة الطيران «كورتاجو إيرلاينز» ثم سيطر أقاربها على قطاعات الاقتصاد. وهناك اتهامات أيضا يسوقها الكتاب ضد عماد الطرابلسي باختلاس يخت قيمته مليون ونصف مليون يورو.
واتهمت السيدة ليلى بأن سلطاتها تفوق سلطات الوزير الأول، حيث كانت تقيل الوزراء وتعين السفراء والمدراء العامين، يقول كتاب «حاكمة قرطاج.. يد مبسوطة على تونس» إن شبكة أقاربها ضربت خيوطا عنكبوتية على كل القطاعات مثل الهاتف الخلوي والتعليم الحر.
ومن الطريف أن بعض التونسيين أتوا بشبيه للأخطبوط بول الذي اشتهر بتوقعاته في كأس العالم ووضعوا أمامه عدة أسماء لخلافة الرئيس بن علي، من بينهم اسم ليلى الطرابلسي فوقع اختياره عليها. وأعيدت العملية ثلاث مرات وتكرر اختياره لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.