الكويت هي بلاد العرب والكويت الحديثة بعد أن رسم بُناتها وجهتها ورفعوا قامتها وخطوا مسارها ونجدها أسهمت في بناء الثقافة العربية وكان لها القدح المعلى تحديثاً للثقافة العربية الحديثة.. ويحدث ذلك لأن الكويت منذ بداية الخمسينات تصدر مجلة العربي الشهرية ويكتبها عرب ليقرأها كل العرب، والكويت تهتم بالابداع والمبدعين في كل مجالات الابداع تراعي كل الجوانب الفنية في الحياة الابداعية من اللغز إلى الرمز في التشكيل إلى دوزنة الموسيقى وصخب الايقاعات، تنقب الكويت عن الشعر والشعراء وفصاحة العرب تبحث في التراث والآثار وتهتم ببناء العمارة العربية والقصيدة العربية وتعيد طباعة كل الكنوز المعرفية وبها حركة نشر واسعة تسهم في بناء الواقع العربي الثقافي وتنشد المستقبل للأمة العربية، ويبقى وجه الكويت ناصعاً طالما فيه الدكتورة سعاد الصباح مدافعة عن وطنها وبني وطنها ضد الغزاة وضد الجهل فهماً معرفياً شعرياً.. وتشكل د. سعاد الصباح نهجا معرفيا فكريا متجذرا في البحث والتخطيط ان كان في مجال الاقتصاد حسب دراساتها وان كان في الشعر باندياح قصائدها التي تشكل اضاءات معرفية في شكل خطاب شاعري متمكن من أدواته واشاراته القريبة والبعيدة ، وكما خططت للاقتصاد الانمائي في الكويت فانها خططت للمرأة العربية في الحاضر والمستقبل من خلال تناولها لهموم المرأة العربية وقد شكلت اصداراتها وأشعارها رصيدا عقلانيا للمرأة العربية، ان كان ذلك في «فتافيت امرأة» أو (حوار الورد والبنادق) أو «ومضات باكرة» و«إليك عمري» و«امرأة بلا سواحل» وكثير من القصائد والكتابات التي جعلتها شاعرة كويتية متفردة وعربية ترتبت أبجديات اللغة الجديدة في سماء الشعر العربي وأدهش خطابها الشعري خطاب المرأة الأعاجم قبل العرب، وقد ترجمت قصائدها إلى عدد من اللغات منها الانجليزية والفرنسية والصينية والفارسية وذلك لأن منتوجها الشعري يشكل نقلة كبيرة في الشعر الحديث بذت فيه عمالقة الشعراء العرب، وذلك لأن الصورة الشعرية في قصائدها مدهشة وتعبر عما هو انساني في تجرد ونكران ذات، لأنها تحب الانتماء للفقراء من الأمة العربية وبرغم رغد العيش لديها وانها من أسرة مالكة ولكنها لم تركن انما فجرت دواخلها ومواهبها من أجل الانسان العربي وفي اشعارها تمردت على القبيلة والتقاليد في الحب والزواج وأرادت ان تكون هي سعاد الصباح التي ملأت العالم شهرة وجسارة عربية أصيلة عندما تقول:- يا سيدي مشاعري نحوك.. بحر ما له سواحل وموقفي في الحب لا تقبله القبائل يا سيدي.. أنت الذي أريد لا ما تريد تغلب ووائل ان الذي أحبه ولا يهم مطلقاً إن حللوا سفك دمي واعتبروني امرأة خارجة عن سنة الأوائل ويتضح من الأبيات السابقة ان الدكتورة سعاد الصباح امرأة ناضجة فكرياً ومبادرة في كسر حاجز العزلة على المرأة العربية وتلامس جراحاتها وجراحات أمتها وتقف على أرضية معرفية تحدد أسباب انزوائها وتتمرد باسمها على ما هو قديم وليس القديم المطلق انما القديم النسبي الذي يشكل حجر عثرة في طريق تقدم وتطور الأمة العربية وتخرج بها إلى فضاءات أوسع من الحرية والديمقراطية التي تحكمها العقلانية في حراكها وتعرف جيداً متى تنطلق القصيدة وما هي مساراتها بداياتها ونهاياتها فتقول:- يقولون إن الكتابة اثم عظيم فلا تكتبي وإن الصلاة أمام الحروف حرام فلا تقربي وإن مداد القصائد سم فلا تكتبي فإياك ان تشربي وهاأنذا قد شربت كثيراً فلم أتسمم بحبر الدواة على مكتبي وهاأنذا قد كتبت كثيراً وأضرمت في كل نجم حريقاً كبيراً فما غضب الله يوماً على ولا استاء النبي وأقول دكتورة سعاد ان الله إن شاء الله راضي عنك وعما تقدميه من استنارة ورؤى للأمة بشرابك لحبر الدواة وتسجلين في دفاتر الأمة العربية مفهومية المعرفة الفكرية للمرأة التي تنشد الحب والخير والجمال لبني جلدتها وتعكسين في مرآة المرأة مرارات الواقع الذي تعيش فيه وتفيضين بالأسى والحزن شعراً دافقاً من مخزونك العاطفي الذي يتفجر ينابيع من امرأة وليست أي امرأة إنما أنت دكتورة سعاد الصباح المرأة التي تتدفق بعواطفها وتصدح بها في ظل مجتمعات عربية ترى أن الأمر عندما يتعلق بالمرأة فان مظاهر التخلف تتبدى وذلك رغم الحداثة والانفتاح الثقافي ومظاهر التكنلوجيا ، وان المرأة العربية ما يعترض طموحها وتفردها المفاهيم السائدة والمجبرة المرأة على التعامل معها والانقياد إليها وعدم التحليق خارج السرب وهو سرب الثقافة الذكورية ولكنك دكتورة سعاد كنت ومازلت امرأة خلاقة ومبدعة وشاعرة عظيمة التجربة ويتميز شعرك بتجربة متفردة وفي كل قصيدة تظهر مظاهر شاعريتك وأسلوبك في معالجة شتى القضايا وأنت تقولين:- سيظلون ورائي بالبواريد ورائي والسكاكين ورائي والمجلات الرخيصات.. ورائي فأنا أعرف ما عقدتهم وأنا أعرف ما موقفهم.. من كتابات النساء غير أني ما تعودت بأن أنظر يوماً إلى الوراء فأنا أعرف دربي جيداً والصعاليك.. على كثرتهم.. لن يطالوا أبداً كعب حذائي لن ينالوا شعرة واحدة من كبريائي فقد علمني الشعر بأن أمشي ورأسي في السماء أي شموخ وأي عز وأي ثقة تلك التي تحملينها بين جوانحك أيتها العصفورة المغردة في حرية وأنت تسطرين الأبيات السابقة الدكتورة سعاد الصباح.. ان ما تحملينه بين جوانحك هو انك تعرفين ملكاتك ومقدراتك وان كبرياءك هو الحاضر في اشعارك من خلال الثقة التي تكتبين بها وماذا يقول الآخر وتشريحك للنقد ذاتية وموضوعية من خلال منتوجك الأدبي وفهمك للعزة والكرامة وانك تحفرين في ذاكرة قد تشوهت عند البعض بسبب سطحية بعض الاشياء يا عميقة المعاني يا سعاد الصباح وأنت تطوعين الأحرف والكلمات لمعالجة القضايا العربية ترفعين وتضمين الكلمات والأحرف لتعبر عن المرأة العربية وتوضحين بكسر الأحرف ان الأنثى العربية بقوتها ومجدها وتاريخها وشخصيتها تتميز عن الآخر وتسطرين:- إني احتاج أحياناً لأن أمشي على العشب معك وأنا احتاج احياناً لأن أقرأ ديواناً من الشعر معك وأنا كامرأة يسعدني أن أسمعك فلماذا أيها الشرقي تهتم بشكلي ولماذا تبصر الكحل بعيني ولا تبصر عقلي إني أحتاج كالأرض إلى ماء الحوار فلماذا لا ترى في معصمي إلا السوار ولماذا فيك من بقايا شهريار كن صديقي وما أجمل قصائد وأبيات الدكتورة سعاد الصباح عندما تقول:- أنا لا أطلب أن تبتاع لي يختاً وتهديني قصوراً وتمطرني عطراً فرنسياً وتعطيني مفاتيح القمر هذه الاشياء لا تسعدني فاهتماماتي صغيرة.. وهواياتي صغيرة وطموحاتي هي أن أمشي ساعات وساعات معك تحت موسيقى المطر وطموحي هو أن اسمع في الهاتف صوتك عندما يسكنني الحزن ويضنيني الضجر ونجد ان صوت سعاد الصباح في الشعر هو صوت المرأة العربية وظلها الممتد وهي بوارجها وأنهرها التي تتدفق لتسقي شواطئ الجدب الفكري وان صوتها هو ضميرها وضمير المرأة الصافي الذي يشكل صيرورة وديمومة الحياة بأحزانها وأفراحها وتجاذباتها وان مشوار الحياة عند الدكتورة الشاعرة هو مشوار معرفة وتحد وادراك ورفض للاستعباد حتى ولو بالحب ففي خطابها الشعري في إحدى قصائدها تصدح ب:- أنا امرأة من فضاء بعيد ونجم بعيد فلا بالوعود ألين ولا بالوعيد أنا لست أنثاك يا سيدي فنحن نقيضان في كل شئ ونحن غريبان في كل شئ فماذا الذي تريد إن الصورة السابقة تؤكد التأكيد بالتضاد في بناء الأبيات الشعرية وإن الصورة الشعرية بسيطة ولكنها ذات دلالات ومعاني فلسفية عميقة توضح الدكتورة من خلالها معرفتها بالآخر وبكل سكناته وخلجاته من خلال بناء شخصية الشاعرة الذي اتضح انه بناء امرأة تمثل أمة وانها لسان حال صويحبات المقدرات العقلية التي توزن الاشياء وتدوزن معنى الحياة. ونجد ان دكتورة سعاد الصباح تحمل في دواخلها ثورة وهذه الثورة تستند ببعد انساني لحزب الفقراء من أبناء الأمة وبهم تجهر بالتحدي:- اتحدى كل من يحترفون السلب والنهب ومن خانوا تراث الصحراء اتحداهم بشعري ونثري وجراحي وانفجارات دمائي اتحدى ألف فرعون على الأرض وانضم لحزب الفقراء ما أجمله من انضمام وما أروعك من شاعرة وباحثة وأديبة في سماء الأمة العربية وأتت مؤسسة لدور نشر ومشجعة للشباب العربي على الابداع العربي الأدبي والعلمي من بداية الثمانينات وان آخر الترجمات لقصائدك في الحب ما ترجم للفارسية من موسى بيدج ودكتور سمير أرشدي وقد وجدت ان أجمل ما وصفك به د. سمير أرشدي «انك نجمة مشرقة في سماء الحركة الشعرية في العالم العربي حيث عبرت من قصائدك عن أهم التحديات الوطنية والانسانية التي تواجه أمتها». ونأمل أن تشكلي حضوراً في وطنك السودان كما شكلتيه في وجدان السودانيين يا قمر الكويت وشمس العرب وستجدين في السودان ان حفيدات مهيرة بت عبود وبنونة بت المك وغبشة المرغومابية ورابحة الكنانية والكنداكة يشكلن حضوراً في الشعر السوداني والعربي وان حضورك للسودان لهو عصف فكري لبنات بلادي وانك ان كنت في أية بقعة من بقاع الأرض فأنت صوت المرأة العربية وفكرها واتساع أفقها وانك باب للمعرفة الشعرية من المحيط إلى الخليج وسلام عليك صوت نسائي صادحاً بالفكر والجمال.