طوال مدة إقامتي في السعودية لم تتح لي فرصة زيارة مملكة البحرين الشقيقة، رغم أن زيارتها بالعربة في منتهى اليسر، حيث لا تجاوز المسافة بين الرياض والمنامة الخمسمائة كليومتر تقريبا، لذلك قررت أن أقضي يومي الخميس والجمعة في البحرين، هذه الدولة الشقيقة والعزيزة علينا نحن السودانيين والتي تستقبلك بترحاب عند جسر الملك فهد «جسر المحبة» الذي شيده الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، حيث يعتبر تحفة فنية بحرية رائعة. عبرت «جسر المحبة» لمملكة البحرين في وقت وجيز، وشدني التعامل الراقي لموظفي الجوازت بالجسر، سواء أكان ذلك من الجانب السعودي أو البحريني، حيث لم تتجاوز تأشيرة الدخول إلا دقائق معدودة، بل تشعر كأنك تتنقل داخل دولة واحدة، وياليت الامر يكون هكذا بين جميع الدول العربية. مرحبا بك يا زول.. هذه أول عبارة سمعتها وأنا اعبر جسر المحبة، قالها لي موظف الجوازات البحريني وهو يسلمني الجواز وعليه التأشيرة التي تمت في ثلاث دقائق فقط.. عبرت الجسر وتجولت عدة ساعات في المنامة ومدينة الشيخ عيسى والرفاع والمحرق، وأكثر ما يلفت انتباهك الابتسامة والترحاب التي يقابلك بها البحرينيون في الشوارع والأماكن العامة، وكم شعرت بسعادة وانا اسمع عبارة «مرحبا يازول هلا بيك». وهنا تذكرت أغنية الفنان الكابلي وهو يتغنى بأغنيته الشهيرة «أغلى من لؤلؤة بضة صيدت من شط البحرين» التي صاغ كلماتها الشاعر البحريني على شريحة. فأدركت أن بالبحرين الشقيقة ددراً ولآلئ تضئ سماءها، وشعرت كأنما نهر النيل العظيم قد امتزج بمياه الخليج الزرقاء، فأذابت كل المسافات وحطمت الأسوار التي تفصل بين الدول العربية التي صنعها المستعمر. لقد أعجبتني حقيقة النهضة العمرانية والأبراج العالية بمملكة البحرين، هذه النهضة التي قادها أمير البحرين رحمه الله الشيخ عيسى بن سلمان وأكملها بعده شقيقه الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ملك البحرين، وأكثر ما يميز البحرين كثرة المتنزهات والحدائق وشاطئ البحرين. لكن قيمة مملكة البحرين تكمن في إنسانها نسبة لتعامله الراقي مع الزوار والسواح. والذي يؤكد ذلك أنه عندما أردت العودة ضللت طريق الجسر، فاستعنت بأول مواطن بحريني فلم يخيب ظني، حيث لم يوجهني إلى الطريق فقط، بل قال لي، تعال خلفي بسيارتك لن أتركك حتى أسلمك الجسر، وفعلا قاد سيارته امام سيارتي لمسافة استغرقت ربع الساعة، وعندما لمحت الجسر أشار لي بيده مودعا، قد يبدو الامر بسيطا، ولكن عندما يقدم لك شخص خدمة بكل شهامة ودون مقابل يجعلك تشعر بسعادة. هذا المواطن البحريني يعتبر أنموذجاً لمواطني البحرين الذين يستقبلون ضيوفهم بكل ترحاب، فتشعر كأنك في وطنك. وفي الختام أهدي هذا المقطع الذي ارتجلته سريعاً للبحرين وشعبها الراقي: تحية وود من ملتقى النيلين يمتزج عبابه بشط البحرين لقيتك باسمة وضاحة الجبين تحفين ضيوفك بعطر ثمين ودعتك وبالقلب شوق دفين وغدا التقيك بلهف وحنين [email protected]