٭ في الجزء الحادي عشر من المذكرات وبعد ان تكون التنظيم السياسي لثورة مايو الاتحاد الاشتراكي وتحت عنوان (من السوق الى الوزارة) كتب رائد معاش زين العابدين بن محمد احمد عبد القادر في مذكراته الآتي:( قضيت عامي 3791و4791 خارج السلطة حيث اخترت الاعمال التجارية بالتحديد بمكتب الصديق محمد احمد توفيق هيبه.. صاحب شركة آفرو آسيا للقموسيون والتجارة ليمتد.. خلال هذه الفترة تكون مجلس الشعب لاعداد الدستور الدائم وعندما فرغ من مهمته واجيز الدستور قمنا انا وخالد حسن عباس ومامون عوض ابو زيد وابو القاسم هاشم بارسال برقية تهنئة للرئيس نميري نهنئ فيها ثورة مايو بهذا الانجاز العظيم ونتمنى لها التوفيق.. فعلنا ذلك ايضاً عند اجازة قوانين 4791.. وكنا كل شهرين أو ثلاثة نحرص على زيارته ونتجاذب اطراف الحديث معه.. في عام 4791 ونحن خارج السلطة وقعت ما يسمى باحداث شعبان وكانت عنيفة للغاية ( بتحريض من المعارضة الاسلامية لطلاب المدارس) عمت المظاهرات العاصمة المثلثة وتجاوزتها الى بعض عواصم المديريات واشتبك المتظاهرون والطلاب مع الشرطة. وكان الوضع في جامعة الخرطوم ملتهباً للغاية فالمعارضة الاسلامية وقتها لم تجد طريقة لمحاربة ثورة مايو إلا بواسطة فلذات اكبادها من الصغار والشباب المندفع. ٭ وكان نميري خارج البلاد وكان النائب الاول لرئيس الجمهورية وقتئذٍ اللواء محمد الباقر أحمد وهو الذي يمسك بدفة الأمور.. ٭ استدعانا اللواء الباقر ونحن خارج السلطة.. خالد حسن عباس ومامون عوض أبو زيد وشخصي بوجود ابو القاسم محمد ابراهيم وقال لنا (مهما كان منصبي فأنتم الذين صنعتم هذه الثورة واود ان اتشاور معكم فيما ينبغي علينا ان نقوم به لمواجهة هذا الموقف الخطير الذي نعيشه). ٭ بعد مداولات واسعة مبنية على اطلاعنا على الموقف الامني ومهدداته وتقارير المختصين في هذا المجال توصلنا الى ضرورة اغلاق المدارس بكل مراحلها واعلان حالة الطواريء وحظر التجول للسيطرة على الامن.. وافق اللواء الباقر واتخذ القرارات اللازمة. ٭ بعد ثلاثة ايام عاد الرئيس نميري من الخارج بعد ان هدأت الاحوال وعادت المياه الى مجاريها وفي المطار تظاهر بالغضب من القرارات التي اتخذها اللواء الباقر مدعياً بأن الموقف لا يستحق كل هذه الضجة. ٭ وقال له اللواء الباقر انك سلمتني امانة.. كنت حريصاً على اعادتها اليك سالمة وقد استشرت اخوانك الذين تحركوا معك من (خور عمر) وتحملوا المسؤولية التاريخية في تفجير الثورة وتوصلنا الى ما توصلنا اليه بعد تمحيص وتدقيق وتداول مسؤول. ٭ ومن المطار اصدر نميري قراراً بالغاء كل القرارات التي اتخذها اللواء الباقر.. صدم اللواء الباقر وهو الرجل الشجاع الحكيم صدمة لم يتحملها.. وبعد اشهر قليلة رفع استقالته لنميري بدعوى ان حالته الصحية لا تسمح له بالاستمرار فقبلها نميري وعين أبو القاسم محمد ابراهيم مكانه نائباً لرئيس الجمهورية. ٭ في يناير عام 5791 وانا بمكتب الصديق محمد احمد توفيق هيبه اتصل بي ابو القاسم محمد ابراهيم وقال لي ان الرئيس يود ان تقابله بمكتبه بالاتحاد الاشتراكي في الساعة الواحدة ظهراً ذهبت للموعد المضروب ووجدت مع الرئيس الاستاذ بدرالدين سليمان (في الهامش جاء) كان بدر الدين سليمان من بين (التكنوقراط الذين برزوا في الساحة بعد خروجنا منها). ٭ تحدث معي نميري حديثً طيباً عن سوء التفاهم في العمل العام.. والتغييرات التي تفرضها الظروف وقال لي لا احد يشك في مقدراتك ومساهماتك في الثورة وحرصك على استمرارها والدليل على ذلك البرقيات التي كنت اتلقاها منكم وانتم خارج السلطة وختم مقدمته بقوله ( اننا في النهاية ومهما حدث اصدقاء ومن الاجدر ان ننسى ما حدث في السابق.. ومواقعكم لا تزال شاغرة وبودنا ان نستفيد من جهدك وطاقاتك وعليه فقد رأيت ان اعرض عليك منصب وزير الشباب والرياضة والشؤون الإجتماعية واتمنى ان تقبل العرض.. ٭ شكرته على حديثه الطيب وقلت له ان من الاسباب التي ابعدتني في الماضي عدم التجانس في مجموعة العمل التنفيذي واود قبل ان اقبل العرض ان اعرف عضوية المجلس الذي سأعمل فيه ومعه. أواصل مع تحياتي وشكري