(من الصعب التكهن بالبطل ) هكذا يعبر الرياضيون عن عجز توقعاتهم حينما تكون المنافسة على أحد الالقاب محتدمة بين فرق متقاربة المستوي والإمكانيات الفنية ..وعند العسكر وحينما تكون قوة جيشين متحاربين متساوية يشيرون الى ان المعارك ستكون طويلة الأمد بينهما وستنتهي باتفاق سلام ويتحاشون تحديد المنتصر،وذات الأمر يقوله السواد الأعظم من مواطني ولاية جنوب كردفان حول هوية الفائز بمنصب الوالي في انتخابات الثاني من مايو القادمة ،ويشيرون الى أن حظوظ المتنافسين متقاربة وهو أمر يبدو غيرمألوف على المشهد الانتخابي بالسودان خلال العقدين الاخيرين .فالانتخابات التي شهدها شهر ابريل الماضي كانت بمثابة الكتاب المفتوح فمؤشرات اكتساحها كانت تذهب ناحية المؤتمر الوطني وترجح كفته ليس لضعف وعدم جاهزية الأحزاب وانسحابها لاحقا ولكن لأن الحزب الحاكم لا يعرف خسارة الانتخابات في دول العالم الثالث ، ولذلك لم تأتِ تلك الممارسة الانتخابية شرسة كما توقع البعض حيث خلت من المنافسة الحقيقية ، ووجد كل مرشحي المؤتمر الوطني ان الخطى تقودهم نحو الفوز دون كبير عناء وخاصة في مناصب ولاة الولايات باستثناء ولاية النيل الأزرق .. وإذا كانت كفة الميزان قد رجحت في انتخابات ابريل مبكرا لمرشحي الوطني فإن الانتخابات التي تشهدها ولاية جنوب كردفان في الثاني من مايو القادم يكتنفها الغموض ويعجز المراقب في تحديد وتوقع الفائز بمنصب الوالي وعضوية المجلس التشريعي وذلك على أثر تساوي حظوظ كل المرشحين خاصة على صعيد منصب الوالي الذي يتوقع المراقبون أن يكون التنافس على أشده بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني والمستقل تلفون كوكو إذا ما تقدم وكلاؤه بأوراق ترشيحه اليوم.. وعلى الأرض تؤكد كل الدلائل والمعطيات ان حظوظ مولانا احمد هارون وعبد العزيز الحلو تكاد تكون متقاربة ان لم تكن متساوية فالشارع بغض النظر عن انتماء افراده لأحد الأحزاب الحاكمة أو تلك التي تعارض ينظربعين المساواة لهارون والحلو ويرجع اليهما الفضل في التنمية التي انتظمت انحاء الولاية خاصة على صعيد البنى التحتية وبعض الخدمات ، ويعتبر عدد كبير من سكان الولاية ان هارون والحلو رجلا دولة بكل ما تحمل الكلمة من معان، وانهما يتمتعان بمقدرات فكرية متقاربة وبطاقة لا تهدأ ،وان كل واحدمنهما يملك القدرة الكافية التي تتيح له تسنم منصب الوالي وقيادة ولايةبدأت أخيرا في التعافي من آثار الحرب ، وفي جانب آخر قال لنا السكان ان نموذج الشراكة الذي قدمه الحلو وهارون القائم على الاحترام المتبادل والحرص على تحقيق انجازات على الأرض أسهم في انتقال روح الشراكة الأنموذج الى المواطنين .... أما المرشح تلفون كوكو فهو يحظى بمكانة ومقدرة لدى النوبة الذين يعتبرونه رمزاً ومناضلاً بذل الكثير من أجل قضية الولاية وجبال النوبة واذا ما قدمت أوراقه وبات المرشح الثالث لمنصب الوالي فلن تقل حظوظه بحسب الكثيرين عن هارون والحلو.وحظوظ المرشحين الثلاثة تبدو متساوية وهناك تقارب في الصفات الشخصية والمقدرات الفكرية ، وعلى صعيد الجهات التي تقف خلف كل واحد منهم فالوضع على الأرض يؤكد ايضا تقارب الحظوظ فالحركة الشعبية تتمتع بنفوذ كبيروقواعد معروفة بالولاء التام لها وتتمركز في مدن كاودا وهيبان ، كرتالا ،دلامى ، لقاوة والدلنج ، أما المؤتمر الوطني فهو الآخر له قواعد كبيرة في كادوقلي ، الريف الغربي والقطاع الشرقي ، أما القطاع الغربي أو ولاية غرب كردفان السابقة فالضبابية تسيطر على المشهد ، فبعد حملات المقاطعة للسجل الانتخابي السابقة ،تبدو الصورة غير واضحة ولكن المنطقة بصفة عامةتضع هدفاً واحداً تسعى لتحقيقه وهو اعادة الولاية ، ويعتبر مراقبون ان هذابمثابة كرت الضغط الذي سيلوح به الناخبون في وجه المرشحين وان كان الكثيرمن الذين تحدثت اليهم قد أشاروا إلى أن نفوذ المؤتمر الوطني والحركة الشعبية متقارب في المنطقة .. أما تلفون كوكو أبو جلحة فلا ينضوي تحت لواء مظلة حزبية رغم انتمائه التاريخي للحركة الشعبية التي ناضل معها ثم جاءت واعتقلته في ظروف غامضة ودون ابداء أسباب، وهذا الاعتقال خلق له قواعد كبيرة وسط أبناء قبيلة النوبة الذين تعاطفوا معه ، وفي حالة ترشحه يؤكد الكثيرون بأنه سيبعثر أوراق الحلو وهارون لجهة أنه من أبناء النوبة الذين يطالب جزء مقدر منهم بأن يحكم الولاية أحد أبنائها في اشارة جهوية لاتبدو غريبة بحسب مراقبين في ظل الاجواء السائدة في السودان منذ مجيءالانقاذ.كل الدلائل بالولاية التي يبلغ عدد سكانها اثنين مليون وخمسمائة ألف نسمة تشير إلى أن الصراع سيكون على أشده بين المرشحين في مختلف المستويات على استمالة واقناع 600 ألف مواطن يحق لهم التصويت في انتخابات الثاني من مايو والتي لن ينحصر فيها التنافس على منصب الوالي بل يمتد الى عضوية المجلس التشريعي الذي سيكون صاحب الكلمة الأولى في المشورة الشعبية ...رغم تقارب الحظوظ بحسب قراءات الكثير من المراقبين إلا أن الناطق الرسمي للحركة الشعبية بالولاية محمدين ابراهيم عمر يؤكد اكتساح حزبه للانتخابات القادمة وتوقع أن يحصلوا على 80% من اصوات الناخبين ، غير أنه عبر عن تخوف حزبه من تزوير إرادة الناخبين وقال ان المؤتمر الوطني ومن خلال الانتخابات الماضية وضح أنه يجيد التزوير بدرجة عالية من الجرأة وانه اخترق كل مؤسسات الدولة وسيطر عليها بما فيها مفوضية الانتخابات ، وطالب بتعيين موظفين جدد لمفوضية الانتخابات يتمتعون بالنزاهة والحيادية حتى لاتشهد الانتخابات تواطؤا أو تزويرا . وحول ترشيح تلفون كوكو قال الناطق الرسمي للحركة الشعبية ان تلفون مواطن سوداني يملك حق الترشح لمنصب الوالي ، ونفى تأثر الحركة من منافسة تلفون المتوقعة ، ودمغ المؤتمرالوطني بالوقوف خلف ترشيح الجنرال تلفون كوكو وذلك سعيا وراء شق صف الحركة الشعبية واضعافها.من جانبه يرى الكاتب الصحفي الدكتور صديق تاور ان التكهن بالفائز في الانتخابات القادمة خاصة على صعيد منصب الوالي يبدو أمرا صعبا وقال ان كفتي هارون والحلو تكاد تكونا متساويتين، وان هناك توازن بين المؤتمرالوطني والحركة الشعبية ، وأكد ان ترشيح تلفون كوكو سيربك الحلو وهارون المتهمين بحسب آراء الكثيرين بالوقوف خلف اعتقال أبو جلحة وذلك لابعاده عن المسرح السياسي بالولاية وكشف تاور عن خطورة كبيرة يتوقع أن يشكلها تلفون كوكو على عضوية الحركة والمؤتمر الوطني التي ينحدر اكثرها من قبيلة النوبة التي تشير كل الدلائل الى أنها ستقف خلف ابنها تلفون كوكو ، وعن اتجاهات منطقة غرب كردفان قال ان تذويب الولاية والحصاد الصفري من اتفاقية نيفاشا والصراع في ابيي كلها عوامل تقف ضد المؤتمر الوطني وتصب في مصلحة الحركة الشعبية.ويقول المدير التنفيذي لشبكة تنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان بالولايةعمار نافر ان منظمات المجتمع المدني والمنظمات التطوعية الداخلية والخارجية وسفراء دول الإيقاد وغيرها من جهات حرصت على مراقبة مراحل سير العملية الانتخابية وتعمل على رصد الخروقات والتجاوزات وتعمل بالتعاون مع المفوضية للحيلولة دون وقوع حالات تزوير تؤثر سلبا على نزاهةالانتخابات التي وصفها بالحساسة والخطيرة وأكد ضرورة خروجها بثوب قشيب يخلو من الممارسات السالبة لتأتي نتيجتها مقنعة بكل الأطراف ، وأكد ان المسئولية كبيرة وطالب كل المنظمات الوطنية بالحرص على رقابة الانتخابات القادمة وذلك لقفل الطريق أمام التزوير ربما يقود الولاية ان حدث إلى مربع الحرب.إذن توقعات بتنافس شرس بين الأطراف المختلفة ولكن ما يستحق الملاحظة هو أن الولاية تشهد استقراراً كاملاً ولاتلوح في الأفق بوادر خلافات او صراعات تقودالى مايخشاه الجميع ،وأكد عدد كبير من المواطنين أن الحفاظ على السلام واستدامته هدف يشترك فيه الجميع وان المشورة الشعبية تحوز على الاهتمام أكثر من المنافسة على منصب الوالي وفي هذا الصدد تركز كل أحزاب الولاية على مقاعد المجلس التشريعي الذي سيقرر مصير الولاية .