الخميس الماضي وعلى ذمة الغراء «الصحافة» طالب أمين التعبئة بالمؤتمر الوطني بمحاسبة رئيس الحزب بولاية شمال كردفان السيد محمد أحمد الطاهر أبو كلابيش، وسحبه من قائمة التمثيل النسبي، وفصله نهائياً من الحزب، لمخالفته المؤسسية ومبادئ الحزب. وفي ذات الاتجاه وصف عضو آخر من المؤتمر الوطني أبو كلابيش ب «من أسلم ولم يحسن إسلامه» وقال «إن أبو كلابيش كبير في سنه ولكنه صغير في الحزب، وكان معارضاً يسئ للإنقاذ والإسلاميين، لكنه جاء للإنقاذ بعد الفتح». لست بصدد الدفاع عن الأخ أبوكلابيش رغم حبال المودة بيننا التي لم يقطعها اختلاف بائن في الرأي السياسي، ولكني توقفت عند مفردات «الذين اسلموا ولم يحسن إسلامهم»... «والذين جاءوا بعد الفتح»، فإن كان أبوكلابيش من الذين لم يحسن إسلامهم بعد.. ولم يشهد بدراً أو أحُداً مع من شهدها من أهل الإنقاذ ولكنه جاء بعد الفتح، فكيف يكون تصنيف أكثرية أبناء الشعب السوداني الذين تخلفوا عن ذاك الفتح المبين؟ أتراهم ممن يعبدون الأوثان ويعبون من الدنان ويعرضون عن نور الإسلام؟ أم تراهم ممن نكلوا بالصحابة وكانوا في معية جيش أبي سفيان وزوجته هند ومضغوا معها كبد سيد الشهداء على سفح جبل أحد؟! إن نفحات الإسلام الحق والإيمان الأبلج ظلت تعطر سماوات السودان لقرون طوال خلت.. حملتها أفئدة عامرة بالإيمان وبثتها في أرجاء الوطن الشاسع بالسماحة والقول الحسن. اتقدت القلوب بنورها على وقع رزيم نحاس الفونج والعبدلاب، واستضاءت عتمة الوطن بنار قرآنها وهو يُتلى من شفاه ظامئة وقلوب خاشعة تمسك ب «اللالوب» وتصقله آناء الليل وأطراف النهار. نفحات الإيمان تلك حملتها نساء باسلات من أمهات السودان وهن يخرجن في معية ود النجومي لنصرة الدين وصد الغزاة، وإذا ما أطاحت الدانات والرصاص برؤوس أبنائهن وأطفالهن وألقتها في حجورهن هتفن في ثبات «في شأن الله ورسول الله». نفحات استكانت لها أفئدة خاشعة متبتلة في ليل مملكة دارفور.. يكاد الوجد والشوق يقتلها وهي ترقب نوق المحمل تمضي صوب الحجاز. أو بعد كل هذا نرمي السودان وأهله بأنهم ولعدة قرون مجيدة كانوا أهل جاهلية وضلالة ماحقة وكفر مبين لم يثوبوا منه إلا في يوم الفتح.. يوم مجيء الإنقاذ؟ حقاً كم في الفتح من عجب.