عندما نذكر عبارة (الزمن الجميل) نعني تلك الايام الخوالى من العمر. ايام كان ظل كل شئ مثلة وكلمة كل انسان على قدر قامته عندما كان عبير الورود الفواح اصيلا وعندما كان لون الازاهر طبيعيا، وعندما كانت السحابات البعيدة لاتكذب ابدا اذا تجمعت جادت بالعطاء وارسلت قطرات المزن على سفوح تلك التلال المتربعة على عرش اقصى الصعيد فتهدينا باقات يانعة من الدعاشات العطرة ليعانقنا الاريج العبق فتسبح ارواحنا فى عالم جميل من الاحلام الوردية. كانت فصول الزمن الجميل لاتكذب صادقة ممعنة فى الصدق والوفاء الصيف صيف الشتاء شتاء الخريف هطال ونعاق، كان سخيا بخيوط الغيث الوافر الذى يعانق الاودية الوادعة الساكنة لتنجب غطاءً اخضر من سنسد رائع تغرد فيه اسراب طيور الجنة وطائر الحبار الصداح فترقص القماري فيعرض الهدهد مختالا بزيه الجميل يلوح بجناح الشبال. ايام الزمن الجميل كان العشق نبيلا ونبض القلوب صادقا عندما تخفق تخفق طهرا وعفة بعيدا عن دنيا الرجس والشيطان، وكان لكل مقام مقال وكان التوافق ميزان الحياة فى عجلات الزمان والفكر والايمان . يا انت من اين انت اتيت مثل الحورية من قاع البحر خرجت بل مثل شعاع الشمس عند الفجر عبر النهر خلال الصخر انت ولجت كيف مشيت حافية القدمين على حوار المحار كيف مررت بين اشواك الصبار كيف عرفت طريقك عند الدجى فوق الوحل بين جذور الاشجار كيف تسلقت فوق تلك الاسوار هذى الاسوار عالية الجدران هذى الاسوار محكمة القضبان مداخلها مجهولة مثل الاقدار انت وصلت اجيبينى يا رائعة الاحداق ردك على مثل الترياق عندما كنت امير الأشواق اين كنت؟ عندما صرت ملك العشاق اين كنت؟ عندما كنت سخيا كالسيل الدفاق اين كنت؟ عندما كنت بهيا كالتبر الرقراق اين كنت؟ عندما كنت كالنسر الحداق يلتقط لؤلؤة البحر من الاعماق اين كنت؟ اجيبينى يا رائعة الاحداق انا الان شديد الحزن كثير الاطراق انا الان رهين الوهن انا الان حبيس الاطواق الحزن كبلنى طوقنى مثل العملاق ليلى محفوف بالارق جسدى مسكون بالارهاق ماعادت ايامى مشرقة غاب زمان الاشراق الان حدائقى ماعدت غناء جدائلها صارت جدباء كل الاشجار اضحت جرداء من اعشاشها طارت الورقاء صغيرتى لن ترجعى خالية اليدين فأنت جميلة رائعة العينين هناك بين الغصنين ارى وردة خاطفة اللونين اقطفيها خزيها وارجعى من حيث اتيت .