دعا مختصون الى تنظيم التعدين الأهلي وتشجيعه والعمل على تلافي الآثار البيئية والصحية التي قد تنجم عنه، وحثوا وزارة التعدين لفتح الباب واسعا لكل المقتدرين دون قيود متشددة، ولفتوا الى امكانية مساهمة التعدين عن الذهب بشقيه الأهلي والحديث في ردم تناقص الايرادات العامة بعد فقدان الشمال لموارد النفط جراء انفصال الجنوب، وأبانوا أن نشاط التعدين الأهلي يساعد في تحريك قطاعات اقتصادية أخرى، لا سيما المرتبطة بقطاع الخدمات، وحذروا من مغبة ترك الحبل على الغارب للمعدنيين، ونادوا بتنظيمهم في شكل مجموعات والعمل على تأمين مناطق التعدين خشية حدوث تفلت أمني برقاع التعدين . وأوضح ممثل وزير المعادن في ندوة التعدين الأهلي وآثاره الاقتصادية والاجتماعية التي أقامها المركز العالمي للدراسات الأفريقية أمس ،ان أرض السودان تعج بمختلف المعادن في بقاع مختلفة منها على رأسها الذهب الذي انتشر التعدين عنه في الآونة الأخيرة عبر الطرق التقليدية والحديثة ،حيث نشطت العديد من الشركات في التعدين علاوة على ولوج أعداد كبيرة من المواطنين في التعدين عنه أهليا مستفيدين من التقنيات الحديثة التي سهلت عمليات التعدين فقادت لأن يكون للتعدين الأهلي مساهمة فعالة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وأشار الى أن التعدين الأهلي له جملة من الايجابيات حيث انعكس أثره على مناطق التعدين بتحريك عجلة الاقتصاد بها في شتى المناحى، كما أنه أفرز جملة من السلبيات التي يتوجب التصدي للحد منها أو تخفيف حدتها والتي على رأسها تأثير التعدين على صحة البيئة جراء استخدام مادة الزئبق لفصل الذهب عن الصخور، علاوة على مساهمة الحفر الجائر في تكسير المعالم الجيولوجية، حيث أن التعرف على طبيعتها يحتاج الى التقاط صور عبر الأقمار الصناعية في فترات متباعدة لعلو تكلفتها بجانب الاعتماد على الملاحظات الحقلية عبر العين المجردة للتعرف على المعالم الجيولوجية غير أن التعدين عشوائيا يحدث تغييرا في طبوغرافيا المنطقة جراء الاستخدام السييء بالاضافة الى ضلوع التعدين الأهلي في الحاق مخاطر صحية جراء حفر آبار لأكثر من 20 مترا دون دراسات تحدد مدى قابلية التربة لحفر أنفاق مما ينتج عنه الانهيارات فتقود الى الوفيات وفوق كل ذلك أنه لا يوجد عاصم أو مانع يحول دون تهريب الذهب فلا يدخل الى خزينة الدولة لصعوبة الضبط والاحصاء جراء كبر العدد واتساع رقعة العمل مما يصعب معرفة الكميات المنتجة. ومن جانبه، أشار الدكتور عادل عبد العزيز الي أن التعدين التقليدي عن الذهب ليس قاصرا على السودان بل أن الدراسات توضح أن 100 مليون نسمة يمارسونه في أرجاء الأرض، ودعا للاستفادة من التجربة الزيمبابوية في مجال التعدين الأهلي حيث استنت القوانين ونشرت اللوائح المنظمة له، وقال ان التعدين الأهلي شمل مساحات شاسعة بالبلاد وأصبح ظاهرة بفضل التقنية الحديثة حيث سهلت المجسات الحديثة أو أجهزة الكشف في اتساع رقعته وزيادة الاقبال عليه لا سيما بعد تدني أسعارها مؤخرا فغدا بامكان الكثيرين امتلاكها لا سيما بعد السماح بدخولها البلاد دون تعقيدات كما كان في باديء الأمر، وأبان عادل أن ايجابيات التعدين الذهبي يمكن اجمالها في رفد الاقتصاد الوطني والخزينة العام بموارد وعوائد صادر عملات حرة تقدر في العام 2010 بحوالي «800» مليون الى مليار دولار، ربما قفزت حصيلتها الى 3 مليارات في العام الحالي مما يساهم في تغطية الفاقد من موارد النفط بعد تطبيق انفصال الجنوب بشكل كبير حيث سيصبح حينها انتاج الشمال في حدود 100 ألف برميل تكفي لتلبية حاجة الاحتياج المحلي دون الحاجة الى استيراد، الا في بعض الأوقات من مشتق الجازولين تحديدا، وهذا الوضع لا يحوج الحكومة للاستيراد اذ يتراوح الاحتياج الحالي من المواد النفطية يوميا في حدود «85-90» ألف برميل، ولفت عادل الى مناقشات بين الشمال والجنوب على الاتفاق على تصدير نفط الجنوب عبر ميناء بورتسودان والاستفادة من منشآت التصفية والنقل بالشمال على أن يأخذ الشمال مقابل ذلك 4 دولارات للبرميل مما يرفد خزينة الشمال بما يقدر بحوالي 600 مليون دولار سنويا جراء استخدام المنشآت النفطية بالشمال والتصدير عبره. وأشار عادل الى تأثر القطاع الخارجي في الاقتصاد السوداني جراء الانفصال الأمر الذي يستدعي الاهتمام بظاهرة التعدين عن الذهب في ظل المعاناة من عدم القدرة على تفعيل الموارد غير البترولية بالاقتصاد التي تحتاج لفترة زمنية بما في ذلك قطاع الخدمات، ولفت الى ان التعدين عن الذهب جاء في وقت يحتاج فيه السودان اليه لجهة تحريك نشاط التعدين الأهلي لقطاعات اقتصادية أخرى على رأسها قطاع الخدمات التي تقدم الى 200 ألف نسمة تعمل في حقل التعدين الأهلي فأي تحريك لأي قطاع اقتصادي يشكل اضافة للاقتصاد، فضلا عن تحقيق التعدين مداخيل لخزائن الولايات والمحليات وجيوب الأفراد الذين يعملون في التعدين مما يسهم في تقليل نسبة البطالة وسط الشباب والخريجين، ودعا لتشجيع التعدين الأهلي والعمل على تنظيمه وبسط الأمن في رقاعه على ان تحرص السلطات في مكافحة ومحاربة عمليات التهريب التي قد يلجأ لها المعدنون وأن تعمل الدولة على تشجيع القطاعات الانتاجية الأخرى مثل الزراعة بما يحفز العمال على الاقبال والاستقرار فيها حتى لا يكون التعدين خصما على نشاط القطاعات الأخرى، ودعا الى مراعاة التكلفة المادية العالية للتأمين ومعالجة المشاكل البيئية والصحية وانشاء بورصة للذهب وتشجيع المنقبين للتجمع في شكل تنظيمات أو شركات صغيرة . أما الدكتور بجامعة الخرطوم قيصر موسى الزين أوضح في الورقة التي أعدها للندوة أن التعدين الأهلي ظاهرة حديثة تستدعي وتستوجب المتابعة المستمرة حيث يتوقع تعالي وتيرة الصراع حوله على الصعيد الداخلي والخارجي علاوة على الصراع بين الدولة والشعب، وقال ان الأمن متوفر بمناطق التعدين نسبة لتقارب المنقبين وانحدارهم من بوتقة واحدة في شكل جماعات الى مناطق التعدين، غير انه حذر من المخاطر التي تنجم عن الحفر على المنقبين والبعد عن الأسر والأهل لفترات طويلة وعدم العودة اليهم مما يلقي بتبعات وافرازات اجتماعية سالبة جراء افتقاد العائل ، وقال ان العائد من التعدين لن يكون مثمرا اذا لم يرشد وتم صرفه على سبيل التباهي والتفاخر والبذخ وأنه لا توجد احصائيات دقيقة عن الأعداد بمناطق التعدين، ودعا لتوفير الحرية ورفع سقف الفائدة الاقتصادية وبالتالي الاجتماعية ولفت الى عدم وجود خدمات بمناطق التعدين لا سيما ان العمل يتم في مناطق ذات طبيعة صعبة وأنه عند توزيع العوائد تقوى القيم المادية وتضمحل معاني التكاتف ويشتد الصراع وتتأجج نيران الغيرة والحسد بين أفراد المجتمع . فيما دعا المعقب على الأوراق الدكتور الكندي يوسف محمد عثمان وزارة المعادن الى تنويع أنشطتها وعدم حصرها على الذهب دون غيره من المعادن التي تزخر بها أرض السودان وترك الباب مفتوحا لكل من يريد التنقيب دون اشتراطات معجزة وأن الآثار البيئية السالبة مقدور عليها وقلل من تهريب الذهب ان افتقدت العدالة لأنه في نهاية المطاف سيسهم في تحريك الاقتصاد بصورة مباشرة أو غير مباشرة .