يظل الجار مكان التساؤل الاول عندما يفكر المرؤ بالمنزل الجديد فالجار يكون دائما قبل اية ميزة تفضيلية للمنزل فالجار الذي يخشى الله في اهله وجاره اهم من يكون البيت ناصية او في مواجهة ميدان وتفضيل الجار على اي ميزة ليس اعتباطا فالرسول المصطفى قال في حديثه الشريف ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه ) ولاهل السودان الكثير من الامثلة الشعبية التي تتواءم مع الحديث الشريف مثل (الجار قبل الدار) و(جارك القريب ولا ود امك البعيد ) و( البعد ولا البلاد ام سعد ) وغيرها من الامثال التي تدعونا الى ضرورة حسن اختيار الجيران وتبادل المحبة والتواصل معهم . وبرغم ان الدين الحنيف قد شدد في الوصاية بالجار الا ان الكثيرين ضربوا بتلك القيم عرض الحائط في وقت اختفت فيه صور التواصل بين الجيران فهل هي هموم الحياة المتزايدة يوما بعد يوم ام هي وفرة التقنيات الحديثة التي اخذت حيزا في حياة الناس هي التي قضت على القرابة الجغرافية لتبرز المقولة ( صباح الخير ياجاري انت في حالك وانا في حالي) ( الصحافة ) بحثت هذا الموضوع للاجابة عن تلك التساؤلات الحاجة فاطمة عبد الله الشيخ لم تخفِ تبرمها على الواقع الجديد وقالت : ( حليل زمن اديني وهاك كيف اصبحتو وكيف امسيتو ؟ ) واضافت ان المعنى الحقيقي الذي كان سائدا للجيرة قد غاب هذه الايام كما غاب الاحترام والنوايا الصافية اضافة الى الطمأنينة في التعامل التي كانت من ابجديات التعامل بين الجيران ولم يعد تفقد احوال الجيران محل اهتمام احد كما غابت المشاركات الاجتماعية في مناسبات الجيران، وفي السابق كان منزل الجار بمثابة المضيفة واشارت الحاجة فاطمة الى العادات التي ظلت سائدة بين الجيران قائلة بانها كانت تتبادل المأكولات مع جاراتها غير انها توقفت عن ارسال الطبق بعد مجئ الجارة الجديدة التي اعادت الطبق مرة اخرى واعتقدت انها قد خبأت لها شيئا بداخل الاكل اي ان الشك والخوف حل محل الطمأنينة والثقة بين الجيران . عبد الفتاح أحمد عبدون من سكان الشجرة قال ان الابتعاد عن الجار سببه مشاكل الحياة وضغوطها والبحث وراء لقمة العيش وبالتالي فان عدم التواصل مع الجيران غير مقصود واضاف عبدالفتاح انه من المفترض تخصيص ايام العطلات لزيارة الجيران لان الزيارة تؤلف بين قلوب الناس. سلمى احمد موظفة تسكن احد احياء الخرطوم قالت ان الامثال الشعبية مثل جارك القريب ولا ود امك البعيد وغيرها من الامثال التي شب عليها اهل السودان لا تزل تجري في دمائهم واذا كان هنالك فتور في العلاقات بين الجيران فهذا لا يعني انعدامها واضافت انها عندما تحتاج للجار تجده سواء في السراء او الضراء مشيرة ان العلاقة مع الجار في حالة بيات وسببه مشاغل الحياة وخلصت سلمى الى ضرورة ترتيب الاولويات ووضع الجار في قائمة الاولويات . عائشة يوسف العباس من سكان مدينة النيل بامدرمان قالت انها تسكن بالمنطقة منذ حوالي خمسة اعوام ولم يأتِ جار الى زيارتها واشارت الى ان بعض الوسائط الاعلامية كالقنوات الفضائية وغيرها من وسائل الترفيه جاءت خصما على العلاقات الاجتماعية و طغت على حقوق الجار خلصت عائشة الى ان التكافل والتعامل مع الجيران ما زال موجودا في الاحياء الشعبية مطالبة ان يسود التعامل الراقي بين الجيران لان الدين المعاملة ولابد من وجود ثقة متبادلة بين الجيران الباحثه الاجتماعية تهانى محمد احمد النجومى ارجعت البعد عن الجيران الى الظروف الاقتصاديه فهى السبب الرئيسى واحساس الناس بالخصوصيه ودللت (خصوصية القول احفصه في هول ) الحميمية الزايدة للاولاد والاسرة على حساب الجيران وانه لابد من محاضرات تنويرية عن الحميمية في العلاقات ووضع الجار في مقدمة الأولويات. اما الشيخ عبد الفتاح الجعلي امام مسجد الصحافة قال ان الجيران ليس كما كانوا في السابق اما الآن لا يعرف احد جاره ورجع ذلك الى الدنيا شغلت قلوبهم وملكت افئدتهم ونسوا قول الرسول (ص) :(لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه ) ودعا الى اعادة الوئام بين الجيران واعادة الصفاء والتآلف علينا ان نقوي ايماننا لان الايمان يقودنا الى معاملة الجار معاملة حسنة وقال الرسول (ص) :(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ).