(تحقيق العدالة والمصالحة والأمن ) أضلاع المثلث التي وضعها الاتحاد الافريقي كخارطة طريق تقود لتسوية نهائية لثمانية اعوام من الاقتتال والصراع في اقليم دارفور وجسر يتم العبور من خلاله نحو السلام المستدام في الاقليم ،وهو المثلث الذي حمل المبعوث جبريل باسولي الوسيط المشترك للاتحاد الافريقي والامم المتحدة الى السودان من اجل تحقيقه او قل جبريل باسولي جاء وفي حقيبته تلك الاهداف في سبيل ايجاد واقع جديد على الارض الدارفورية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين عبر التفاوض قبل ان يدخل على سطح الاحداث السودانية طرف آخر وبهدف قد يبدو غير بعيد عن هدف الاتحاد الافريقي هو لجنة حكماء افريقيا التي يقودها افريقي آخر هو الرئيس الجنوب الافريقي السابق ثامبو امبيكي لتتدخل ثنائية اخرى للصراع في دارفور او قل حالة من التنافس بين الرجلين في مسعاهما لتحقيق السلام الدارفوري بدأت سلبياتها تطفو على سطح الاحداث وتؤكد عليها الوقائع الميدانية في دارفور . قبل ان يشهد شاهد من اهلها هو باعث باسولي نفسه الاتحاد الافريقي الذي اطلق بياناً هاجم فيه عدم تحسن الاوضاع في الاقليم واتهم بيان صادر عن مجلس السلم والامن الافريقي الجمعة الماضية من أديس أبابا، باسولي بتجاهل توجيهات الاتحاد الافريقي بالتنسيق مع الفريق رفيع المستوى للاتحاد الافريقي المكلف بتنفيذ خريطة طريق دارفور، برئاسة ثابو امبيكي. وقال بيان مجلس السلم الافريقي انه «خلال الاثني عشر شهرا الماضية،منذ الانتهاء من تقرير لجنة الاتحاد الافريقي وقبول توصياتها كسياسة الاتحاد الافريقي ، فإن تنفيذ تلك التوصيات مخيب للآمال ، على مستوى تحقيق العدالة والمصالحة ، والأمن ، وعملية السلام والعملية السياسية ، كما انه لم يتحقق سوى القليل مما كان يؤمل »،ووجه البيان انتقادات مباشرة لاستراتيجية باسولي فيما يتعلق بعملية السلام، قبل ان يرمي الاتحاد الافريقي بثقله للتنفيذ على عاتق ثامبو امبيكي قبل ان يتهم باسولي بعدم التنسيق معه من اجل الانجاز مما جعل الاتحاد بلا دور في عملية السلام الجارية حاليا في الدوحة موجها اياه بانتهاج سياسة جديدة تتعلق بضرورة التنسيق معه ومشاورته في كل القرارات خصوصا تلك المتعلقة بتمديد عملية السلام في الدوحة وتحديد موعدها النهائي ويبدو ان عملية التنافس بين الرجلين بدأت كفتها تميل لصالح امبيكي الذي قضى الفترة السابقة يبذل الجهد فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل وصولا لمحطتها الاخيرة . ويبدو أن الإتحاد الأفريقي أراد التركيز على امبيكي، لأنّه يدعم بقوة إستراتيجية تعزيز السلام من الداخل عبر الحوار الذي تشارك فيه جميع مكونات المجتمع الدارفوري بالداخل عبر زعماء العشائر والمجتمع المدني والنازحين في المعسكرات. بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي، يدل على أن المنظمة الأفريقية ضاقت ذرعاً من تصرفات باسولي الذي اتهمه المؤتمر الوطني من قبل على لسان الحاج آدم القيادي في الحزب، بأنه - أي باسولي - أصبح جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من حلها، وانه بات ينفذ أجندة دول غربية، ما جعلنا لا نطمئن لدوره كوسيط، وان مهمته ينبغي أن تكون في المقاربة بين وجهات النظر بين الأطراف حتى يتم التوصل لحلول مرضية. وهو ما يعزز فكرة ان الرجل بات في موقف لايحسد عليه يضاف لذلك فشله في تنفيذ الاستراتيجية الموكلة اليه والاتجاه نحو خطوة توحيد الحركات الدارفورية وهو امر ايضا لم يلازمه فيه النجاح بالاضافة لعدم استطاعته اقناع حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد في الانضمام لعملية السلام التي تجري الآن في الدوحة. باسولي الذي تولى مسؤولية الملف الدارفوري خلفاً للثنائي سالم أحمد سالم ويان إلياسون مبعوثي الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة إلى دارفور بعد أن فشلت كل جهودهما للخروج بالأزمة في دارفور من نفقها المظلم، وبينما أرجع البعض عدم نجاح المبعوثين في مهمتهما إلى قلة التنسيق الكامل بينهما، ما دفع لتعيين جبريل باسولي لتولى المهمة عسى أن يصيب شيئا مما أخفق فيه سلفاه.تعد مهمته هي الأولى التي يباشر فيها مبعوث سلام مهامه وهو مقيم بالسودان، حيث كان المبعوثان السابقان إليانسون وسالم يمارسان هذه المهام عبر الزيارات للسودان، وكذلك تشير مصادر الاتحاد الأفريقي إلى أن تعيين باسولي ليعمل على أساس دائم معظم الوقت إقتضته الأزمة السياسية والأمنية المتنامية في دارفور، وهي التي دفعت لاختياره لهذه المهمة من واقع مبادراته التي دفع بها لحل القضية كوزير لخارجية بوركينا فاسو، وكذلك لخلفيته الأمنية المتمثلة في عمله كضابط بالجيش ثم وزيراً للأمن. الا انه فيما يبدو فان التاريخ يعيد اخطاءه فيما يتعلق بعملية عدم التنسيق في ادارة دفة الملف الدارفوري وحسم قضاياه الشائكة والمعقدة، وتضع مجموعة من الاستفهامات حول مستقبل الحلول الداخلية او تلك المتعلقة بانشطة المجتمع الدولي ببعديه الاقليمي والدولي ؟ حيث يرى الاستاذ عبد الله آدم خاطر احد المهتمين والناشطين في ملف دارفور حيث قلل من التأثيرات السالبة التي يمكن ان تفرزها خطوة الاتحاد الافريقي فيما يتعلق بالعلاقة بين باسولي وامبيكي خصوصا في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الثاني مسؤوليته المباشرة تتمثل في مراقبة تنفيذ المتبقي من نيفاشا ويضيف ان باسولي هو المسؤول المباشر عن عملية التسوية السلمية لملف دارفور وقفل خاطر كذلك من الدعاوي التي تحاول ان تجعل باسولي مقربا من الحركات في المقابل ان امبيكي يبدو الاقرب للطرف الحكومي ويؤكد على ان الوضع الصحيح هو أن مسؤولية باسولي تتخذ الطابع الاقليمي والدولي بحسب تكليفه وقال ان عملية التعاون بينهما ضرورية من اجل وضع تسوية للازمة وهو ما يتطلب توفر اقصى درجات التعاون بينهما لاجل هذا الهدف قبل ان يختم حديثه بان الامر يتطلب ضرورة خلق حالة من الاتفاق بين الاطراف المختلفة وضرورة توحيد الرؤى التفاوضية للحركات وهو الامر الذي يسعى اليه باسولي وترغب فيه الحكومة . الا ان حديث خاطر المتعلق بتباين المواقف بين الرجلين يقود نحو تناول الموضوع المتعلق بالسلام من الخارج والسلام من الداخل فبينما يركز باسولي مجهوده مع الحركات نجد ان امبيكي يدعم الاتجاه الآخر الا ان الوجهتين المختلفتين برغم الاتفاق بينهما لم تقودا نحو تحقيق السلام مما جعل الكثيرين يوجهون سهام نقدهم نحو الدور الذي يقوم به منسوبو المجتمع الدولي ومساهماتهم في تحقيق السلام بل ان كثيرين اعتبروهم مساهمين في الازمة اكثر من معالجين لها محملين ازدياد عدد الحركات الى الاتحاد الافريقي وتحولت بموجبها ازمة دارفور لسوق كبير تحقق فيه الكثير من المجموعات مآربها الخاصة ومصالحها الضيقة على حساب آلام اهل دارفور ومعاناتهم بل ان البعض تناول الامر من خلال تفشي ظاهرة الفساد وان قضية دارفور تحولت لعملية بزنس وان الكثيروين لن يتركوا الامر يصل لنهاياته لاستمرار تكسبهم من القضية . وفي ثنايا آخر تقرير قدمه امبيكي للإتحاد الأفريقي عن سير سلام دارفور في نوفمبر الماضي، أقر بأنه حقق تقدماً ضئيلاً تجاه إحلال السلام في الإقليم بقوله: (خلال الإثني عشر شهراً الماضية فإن ما أنجزناه في جهدنا الرامي لتحقيق السلام والمصالحة والعدالة لأهل دارفور كان دون طموحنا). ووجّه امبيكي في تقريره هجوماً مباشراً على الإستراتيجية التي يتبعها باسولي والمتعلقة بعملية السلام في دارفور، وأضاف امبيكي أن قصر المحادثات على المجموعات المسلحة وحدها سيزيد من عناد هذه الحركات المسلحة، وأشار إلى أن حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، ترفضان المشاركة المباشرة في مُحادثات الدوحة ما يجعل أي إتفاق يتم التوصل إليه في الدوحة (صورياً). وهو التقرير الذي تبدو من بين صوره عملية اتهام واضح لباسولي وفشله في تحقيق تطلعات المجتمع الدولي في دارفور وجلب السلام والمصالحة والاستقرار للاقليم الاستقرار الذي تتقاذفه الآن عدة مجموعات الحكومة باستراتيجيتها الداعية للسلام من الداخل والحركات بتمترسها حول مواقفها المتقلبة ذات اليمين وذات اليسار والمجتمع الدولي وفقا لمؤشر اتجاه مصالحه المتباينة واخيرا صراع امبيكي باسولي، وكان قدر اهل الاقليم ان تنتقل عملية الخلاف حول القضايا التي صنعت الحرب الى الاختلاف حول من يصنع السلام الذي بات تتقاذفه الآن أمواج الرجلين.