ويعد الملتقى الاستثماري في بورتسودان دفعة قوية لتبصير المستثمرين بإمكانات ولاية البحر الأحمر والاستفادة من الموارد الطبيعية والاقتصادية التي تذخر بها ويشكل فرصة للتنقيب عن مجالات الاستثمار الواعدة المتاحة في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات بعد تهيئة البنيات التحتية ومعالجة المعوقات التي تعترض المستثمرين وتحول دون جذب القطاع الخاص لتحريك عجلة النشاط الاقتصادي ليكمل مسيرة التنمية مع رصيفه القطاع العام من خلال شراكة ذكية تخدم مواطن الشرق وتعزز فرص النهضة الاقتصادية والعمرانية . ورغم ما قدمه برامج التنمية والتطوير الريفي والحضري من منجزات حضارية وخدمية إلا أن هناك من يجأر بالشكوى من السياسات الاحتكارية للأنشطة الاقتصادية وغلق مجالات التنافس الشريف بين مختلف مكونات المجتمع في الشرق، حيث يدور همس في أوساط مجتمعات البحر الأحمر عن دوافع عنصرية تقف وراء الاحتكار الذي يتعارض مع سياسة التحرير الاقتصادي وانفتاح السوق للمنافسة الحرة . . وهنا تشير أصابع الاتهام للقيادات الوسيطة في عرقلة خطط التنمية والحيلولة دون فتح مجالات أرحب للإسهامات القطاع الخاص وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي إما لقصور في الرؤية الإستراتيجية أو لفساد في الإدارة . ربما يخلق التنافس السياسي والحزبي ضرباً من الاحتكار للأنشطة الاقتصادية، أو يدفع الفهم للحكم الفدرالي لشيء من الهيمنة الجهوية خاصة وأن ولايات الشرق قد عانت كثيراً من التهميش السياسي والاقتصادي والتسلط المركزي على مواردها في العهود السابقة، وبعد أن آلت الأمور لأبناء الولاية أمكن إحداث نقلة جبارة في مجالات التنمية وتحديث البنية التحتية والخدمات التعليمية والصحية على النحو المشهود في حواضر ولاية البحر الأحمر وأريافه . . وينبغي أن تدار المسيرة التنموية وفق رؤية توازن بين الحفاظ مكتسبات الحكم الفدرالي لأبناء الشرق وحقوق المواطنة لكافة سكان الولاية بحيث يشعر الجميع بالرضا للمساهمة في بناء وتنمية ولاية البحر الأحمر بما يعود بالنفع على الجميع . عادة ما تحدث الملتقيات والندوات وورش العمل فرقعاتٍ إعلامية سرعان ما تزول مفاعيلها إذا لم تترجم إلى برامج عمل وخطط وجداول زمنية للتنفيذ مع بحث قضايا التمويل للمشروعات الطموحة مع رسم آليات تنفيذية واضحة المعالم ذات مصداقية وقدرات عالية في تحمل أعباء التنمية . . فما أكثر الجهود والمشاريع التنموية التي انتكست نتيجة لانعدام الشفافية وتحكم الروتين والبيروقراطية . . وفي ظل افتقار خطط التنمية للضوابط والأسس والمعايير الاقتصادية السليمة ستؤدي التسهيلات الممنوحة للمستثمرين إلى نمو مظاهر الحياة الاستهلاكية دون إحداث تنمية حقيقية للموارد ودفع حركة الإنتاج الزراعي والصناعي .