كما هو تقليد فى دول العالم المتحضر يتم إستنساخ اللوحات والرسومات والتماثيل النادرة فى المتاحف والأماكن العامة والشوارع لربط الحاضر بالماضى العريق فى إشارة ودلالة عميقة للتعريف بحضارة الأمه الضاربة فى القدم، تعميماً للمعرفة بالتراث وحضارة البلد، جلباً للسياح وتسويقاً للقيمة التاريخية لهذه الأعمال والتحف النادرة، الا اننا مازلنا فى حالة إهمال للتراث ولم نهتم به بالصورة المطلوبة ودوننا شعوب تاريخها يرجع الى العصر الحديث نجدها تحتفى بأمجادها وتحكى عن عراقتها كأنها شهدت مهد الحضارة الإنسانية التى سطع نجمها من ارض النيلين قبل مرحلة العصور الحجرية مروراً بحضارات «كرمة، ونبتة ومروى» والتى ازدهرت لقرون عديدة قبل الميلاد. الفنان والرسام عبدالله عبدالرحيم الحسن، صاحب فكرة إستنساخ اللوحات التاريخية وإعادة رسمها من جديد يقول لدينا فكرة يتم تنفيذها لأول مره بالسودان وذلك بإعادة رسم لوحة فرعونية عمرها «300» عام قبل الميلاد موجودة بالجبانة الملكية للملك بعانخى اشهر وأعظم ملوك حضارة نبته التى تسمى بالأسرة «25» فى الحضارة المصرية وأثارها الحالية موجودة فى منطقة «الكرو» بالولاية الشمالية فى منطقة مروى وتحديداً فى الضفة الشرقية محازاة لمدينة كريمة، والتى تضم أشهر المواقع الأثرية في السودان، وتعود للفترة النبتية ويعتقد ان حاضرتها نبته كانت العاصمة الدينية لعبادة الإله «آمون رع»، إذ يشمل الموقع معابد لآلهة متعددة بنيت على الطراز الفرعوني وأشهرها معبد « الإله آمون» الذي مازالت بقاياه تدل على عظمته، ويضم الموقع ايضاً مقابر لملوك مملكة نبتة «731 -332» ق.م وتعتبر مقبرة الملك « تانوت أمني « من أشهر المقابر وذلك لما تحويه من عظمة في بنيانها ومناظر جميلة ملونة على جدرانها تمثل الحياة في العالم الآخر وهي نفس المناظر التي تزدان بها مقابر ملوك الفراعنة في «وادي الملوك»، وتمتد الحضارة العريقة الى مدينة «نوري» الأثرية وتضم حوالي «32» هرماً لملوك وملكات هذه الفترة، وأكبرها هرم الملك «تهارقا» ويقع على الضفة المواجهة لمدينة كريمة. ويقول الرسام عبدالله عبدالرحيم انه تم الاتفاق مع وحدة تنفيذ السدود على إستنساخ اللوحة التاريخية الموجودة فى مقبرة «تانوت آمنى» التاريخية على جسم السد بصورة مطابقة للرسومات الأصيلية الموجودة فى المقبرة، وسيتم تنفيذ العمل على الرخام بحجم «15 فى 4» أمتار، واكد عبدالرحيم انه تم إجراء الدراسات المستوفية من النواحى الفنية والإنشائية منذ ثلاث سنوات والملف موجود بوحدة تنفيذ السدود بعد ان ابدوا رغبتهم بتنفيذ المشروع على جسم سد مروى لعكس حضارة وعراقة المنطقة ولإضفاء البعد التاريخى للسد الذى حمل اسم اعظم حضارة فى التاريخ القديم. وقال عبدالرحيم ان الملف ظل عند وحدة تنفيذ السدود قرابة عامين لم يتم تحريكه ، وناشد عبدالرحيم الجهات المعنية الاهتمام بالمشروع والإسراع بتنفيذ العمل الذى يجسد تاريخ السودان ليتحد انجاز الحاضر «السد» بعظمة ماضى الجدود، لافتاً الى ان اللوحة سيتم تنفيذها أيضاً فى متحف القصر الجمهورى بإعتباره المكان الأنسب لرمزيته العميقة لسيادة البلاد. وتجدر الإشارة الى ان اللوحة التى سيتم تنفيذها فى جسم السد موجودة فى منطقة الكرو فى مقبرة للملك تانوت امني او «تانوت آمون» ويعتبر من اهم الملوك الذين حكموا مصر، ودفن في الكرو في الجبانة الوسطي، وكانت مقبرته عبارة عن هرم ولكن بمرور الزمن تهدم البناء الهرمى، وقامت مصلحة الأثار بعمل بناء فوقى لحفظ المقبرة التى تشكل جوهر الحضارة نسبة لإحتوائها على جميع تفاصيل الحياة الدينية والعقائدية والجنائزية وتصويرها للعالم الأخر من خلال اللغة التصويرية والكتابات المصرية القديمة التى تعرف باللغة «الهيروغليفية» وتوضح اسم الملك ونسبه وانجازاته التي قام بها وايضا تحكي عن حروباته وتصور مجموعة من الالهة التي تحرس الملك اشهرهم الاله «امستي» «وقبجستوف » «وحعبي » و«دواموتيف» وهؤلاء ابنا الاله حورس وايضا الكوبرا والجعران ويسمي جعران القلب وهذه الالهة فى اعتقادهم تحرس الملك من الارواح الشريرة، وتحكى اللوحة الشهيرة عن «العالم الأخر» وتصور محاكمة الملك تانوت آمنى فى إشارة الى إيمانهم بمبدأ «الثواب والعقاب» ومحاسبة الملك على أعماله فى الدنيا ويظهر فى الصورة «جعرانة الملك» ووضع قلب الملك على ميزان لمحاكمته من قبل الأله حورس والذى يتولى أبناؤه حراسة الملك وإدخاله الى ساحة المحاسبة.