كأننا عشرون مستحيل .. في اللد والرملة والجليل هنا على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم كقطعة الزجاج كالصبار وفي عيونكم .. زوبعة من نار هنا على صدوركم باقون كالجدار نجوع.. نعري. نتحدى .. ننشد الاشعار ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات ونملأ السجون كبرياء.. ونصنع الاطفال.. جيلا ثائرا.. وراء جيل كأننا عشرون مستحيل... وفي اللد والرملة والجليل إنا هنا باقون .. فلتشربوا البحرا نحرس ظل التين والزيتون ونزرع الأفكار كالخمير في العجين برودة الجليد في أعصابنا وفي قلوبنا جهنم حمرا إذا عطشنا.. نعصر الصخرا ونأكل التراب إن جعنا.. ولا نرحل وبالدم الزكي لا نبخل.. لا نبخل.. لا نبخل هنا.. لنا ماض .. وحاضر .. ومستقبل كأننا عشرون متسحيل.. في اللد والرملة والجليل يا جذرنا الحي تثبت.. واضربي في القاع يا أصول أفضل ان يراجع المضطهد الحساب من قبل ان ينفتل الدولاب لكل فعل رد فعل.. اقرأوا ما جاء في الكتاب.. لعل في هذه القصيدة التي اطلقها الشاعر الفلسطيني توفيق زياد مدوية منذ اكثر من 43 عاما مضت، ويبدو انه كتبها في الذكرى العشرين لاغتصاب فلسطين، ابلغ ما عبرت عنه الحالة الثورية الفلسطينية حتى الآن .. وللحقيقة فإن المقاومة الفلسطينية للمشروع الصهيوني لم تتوقف يوما واحدا ومنذ اكثر من مائة وثلاثين عاما مضت، ففي اواخر القرن ال 19 وتحديدا في الفترة بين 1880 - 1917م، بدأت اولى خطوات المشروع الصهيوني لاغتصاب فلسطين حتى قبل المؤتمر الصهيوني الاول 1897م، ووعد بلفور 1917م، واولى خطوات الاغتصاب هذه بدأت بإحضار بعض اليهود لكراس خشبية ويجلسون بها بجوار حائط البراق الحالي.. وكانت اولى الصدامات في عام 1885م، في ظل الحكومة الاسلامية العثمانية وقد استطاع ابناء فلسطين وابناء القدس منذ ذلك التاريخ منع اليهود من الاقتراب من حائط البراق حتى 5 يونيوعام 1967م، حيث قام الصهاينة باحتلال كل الضفة الغربية بما فيها القدس والمسجد الاقصى.. ورغم صدور عشرات من عصبة الامم ثم الاممالمتحدة والخاصة بفلسطين والتي قد يكون وصل عددها الى اكثر من 250 قرارا حتى الآن، إلا ان القرار الفاعل والمؤثر هو قرار الجهاد والمقاومة والصمود وهذا عمل لم يتوقف منذ نكبة 1948م، وحتى يومنا هذا .. صحيح ان الثورة والمقاومة الفلسطينية كانتا تمران بحالات مد وجزر والسبب هو ليس تقاعس الشعب الفلسطيني وانما ضغوط الانظمة العربية ومحاصرتها للشعب الفلسطيني داخل وخارج فسطين حتى قبل 1967م... فمنذ 1948 - 1967م، كانت تكفي كلمة انا فلسطيني في الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة الاردن آنذاك للزج بالفلسطيني في سجون السلطة الاردنية .. وبعد عام 1967م، رأينا ما جرى عندما كانت المقاومة الفلسطينية تقوم باكثر من 100 عملية (فدائية) ضد العدو الصهيوني انطلاقا من الاراضي الاردنية فعقب زيارة عدد ثلاثة جنزالات من المخابرات المركزية الامريكية للعاصمة الاردنية عمان في عام 1970م، اندلعت مجازر ايلول الاسود ضد الشعب الفلسطيني مما اضطر المقاومة للمغادرة الى سوريا والجولان المحتل لعدة اشهر، ثم الانطلاق غربا الى الجنوب اللبناني 1972 - 1982م، حيث تم الغزو الصهيوي للبنان وخروج المقاومة الفلسطينية (15 الف مقاتل) من لبنان ودخلت المقاومة الفلسطينية في مرحلة جديدة من الشتات والمنافي الجديدة، وهي الدول العربية التي لا تربطها حدود جغرافية مع فلسطين ا لمحتلة ، ورأينا حتى الغارات الصهيونية التي طالت مقر الرئيس الشهيد ياسر عرفات في حمام الشط في تونس (1985م) ، ثم اغتيال القائد خليل الوزير ابوجهاد في تونس العاصمة 1988م، (بإشراف وتنسيق مع جهاز مخابرات زين العابدين بن علي) والذي قامت به وحدات خاصة من الموساد الصهيوني -- والكثير الكثير مما سيقال حول انتفاضة الاقصى االاولى 1987 - 1994م، ثم اتفاق اوسلو 1994 - 2000م، وحصار ياسر عرفات في مقر المقاطعة، ثم انتفاضة الاقصى الثانية 2000 - 2005م، وانسحاب الصهاينة المذل من قطاع غزة (سبتمبر 2005م)، ثم اغتيال عرفات بالسم القاتل نوفمبر (2000م) ثم العدوان على غزة ( 21/12/2008- 2009/1/17م) وحالة الانقسام الفلسطيني (2007 - 2011م)، ثم الثورتان التونسية والمصرية والمصالحة التاريخية 2011/5/4م، وبقدرما استمرت شعلة المقاومة الفلسطينية متأججة بقدرما تآمرت عليها الانظمة العربية العميلة كما هو الحال بين نظام السادات 1970م - 1981م، ونظام حسني مبارك 1981 - 2011م، وخروج مصر من خندق المقاومة منذ 1977/11/20 م، وحتى يناير 2011م، حيث انتصرت الثورة المصرية التي غيرت وجه التاريخ والجغرافيا معا..! تمر الذكرى 63 لاغتصاب فلسطين والكيان الصهيوني يسيطر على اكثر من ثلثي الضفة الغربية ويحيطها بالجدار العازل والمستوطنات، ولا زال مستمرا في مخطط تهويد مدينة القدس واجراء الحفريات اسفل المسجد الاقصى حتى يسقط مع اية هزة ارضية قادمة حتى يبني الصهاينة هيكلهم الوثني المزعوم..! نحن لا زلنا في مرحلة المقاومة ونحن امام الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التي بدأت فعليا يوم 2011/5/15 م، ولن تتوقف حتى تتحرر فلسطين من النهر الى البحر.. كل فلسطين ال 27 ألف كيلومتر مربع من رفح الى الناقورة، ومن سعسع الى ام الرشراش (العقبة).. المسجد الاقصى بانتظار الايدي المتوضئة...