مرت الدول الإسلامية والعربية منذ انهيار الخلافة الاسلامية عام 2291م وحتى الآن، بظروف عصيبة تكاد تكون مهنية، تجاذبتها الدول الكبرى حيث قسمتها فيما بينها في اتفاقية سايكس بيكو عقب الحرب العالمية الاولى، تزامنت مع وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا باعطاء فلسطين لليهود عام 7191م. وتضعضعت هذه الدول حتى دخلت عباءات المحاور الكبرى لتحمي لها عروش حكامها مقابل التنازل عن معظم المقدسات وجل المعتقدات، وكامل الهوية، ولم يبق من هذه الدول الا العنوان البارز الدول الاسلامية الدول العربية، وهو عنوان جذاب ولكن داخله خواء كغثاء السيل، أولاً هذه الدول المدعاة إسلامية لم تطبق الاسلام لا في قمتها كما كان فعل ذلك ابو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز، ولم تطبق الاسلام في رعيتها كما كان يفعل ذلك الصحابة والتابعون، فسلوك هذه الدول لا يشبه سلوك المواطنة في الإسلام، ظلم لرعيتها وظلم افدح للمسلمين الآخرين الذين يعيشون في كنفها والذين يعتبرون أجانب، ممنوع العلاج المجاني لهم ممنوع تشغيلهم، ممنوع تعليمهم، ممنوع تزويجهم، ممنوع السماح لهم بتسجيل اسماء عمل الا في حدود ضيقة يكون الميزان فيها المال او صداقة وانساب مع أصحاب الجاه، وهذا السلوك للأسف منتشر في الدول التي يفترض أن تكون حامية بيضة الاسلام وعروبته، والله سبحانه وتعالى أنعم عليهم نعماً لو قسمت لاهل الارض جميعاً لوسعتهم، وكأنه يرسل اليهم إشارة انه بهذا المال يمكن ان تسودوا الناس بالتي هي أحسن اذا طبقتم الاسلام في انفسكم وفي رعيتكم، ولكنهم للأسف سادوا الناس بالتي هي أسوأ.. هل يصدق القارئ أن في بعض الدول الاسلامية العربية تموت النفساء على ابواب المستشفيات ولا يسمح بتوليدها في المستشفيات الحكومية، وهل يصدق القارئ أن آلافاً من المهاجرين قبل عشرات السنين لا يجد ابناؤهم فرصاً للتعليم بحجة أنهم لا يحملون جنسية البلد التي يقيمون فيها، فكيف تكون نظرة هؤلاء المواطنين لهذه البلاد المسماة اسلامية، هل يصدق القارئ ان هناك مواليد في بلاد اسلامية وبلغوا من العمر عتيا ومع ذلك لا يحملون أية وثيقة أو هوية، بل يتندر بهم ويسمون «البدون» يعني بدون هوية.. سبحان الله! حتى انعامنا نطلق عليها اسماء على اعتبار هوية لها، فكيف بمسلم في بلاد الاسلام «الحق». وفي بلاد «الكفرة» كما يزعم علماء البلاد المسماة اسلامية فإن المهاجر اليها يجد حظه في الرعاية الصحية والتعليمية تماماً كمواطن تلك البلاد، ففي بريطانيا في وقت سابق قررت الحكومة عدم معالجة الشخص الذي لا يحمل بطاقة تأمين صحي، وأضرب الاطباء رفضاً لهذا القرار، لأنهم يعتبرون هذا القرار إهانة لانسانية الانسان. أين الاسلام واين المسلمون من هذه الحالة؟! ورغم هذا السلوك الشائن لهذه الدول المسماة اسلامية، ولكنها ترغي وتزبد وتدعو النصر على اسرائيل. كيف يكون النصر، ويجب على الشعوب نزع هذا العنوان من هذه الدول المسماة اسلامية، فهذا العنوان لا تستحقه وليست هناك دول اسلامية، ولا منظمة للمؤتمر الاسلامي، ولا رابطة للعالم الاسلامي، وليس هناك بنك للتنمية الاسلامية، كل هذه العناوين عبارة عن جلباب في هيكل عظمي ميت منذ عشرات السنين «جكوت» ليس الا. ولنزحف لجامعة الدول العربية، وكما يقال الضرب على الميت حرام، ولقد قلت رأيي في هذه الجامعة مثنى وثلاثا، وكنت لوقت قريب اتعشم في أمينها العام عمرو موسى خيراً وطالبته بالاستقالة، ولكن عرفت فيما بعد أنه جسم ميت ايضاً لا حراك فيه، ولا بد أن يبقى ليلعب الدور الى منتهاه.. قل لي بربك يا عمرو موسى ما هو دوركم في الذي يحصل في ليبيا وسوريا واليمن، هذه الدول أصيلة في جامعتكم فما هو دوركم نحوها؟ نريد أن نعرف هل الجامعة مع الانظمة ام مع الشعوب ام دورها في مثل هذه الحالات لم يرسم لها بعد، اذا كنتم مع الانظمة فيجب على الجامعة أن تقف بكل قوة مع القذافي والاسد وعلي صالح، واذا كنتم مع الشعوب فيجب أن تكون آراؤكم ومواقفكم ايضاً واضحة. ولكن أن تسكت الجامعة كما يسكت الاخرس فهذا يؤكد أننا على حق عندما انتقدنا الجامعة في السابق وامينها العام في وقت لاحق. ودورها يقوم به إنابة عنها المجتمع الدولي الذي يضرب القذافي الآن، والجامعة كأن على اذنيها صمما، يا سيدي عمرو موسى اذهب الى اية فلاة ستجد ان راعي الغنم مهما ضعفت بنيته وصغر سنه، وقلة حيلته لا يمكن أن يترك غنمه لأي مفترس غنيمة سهلة الا بعد ان يقاوم ما استطاع الى ذلك سبيلا حتى لو يدق «الروراي» عايز شرح طبعا. هذه الأجسام الميتة لا بد أن تخلفها اجسام، ولكن هذه الأجسام الخلائف لن تنزل من السماء وانما المكان هو المكان والأمم غير الأمم، فهذه مصر أم الدنيا بعد أن اقعدها صديق عمرو موسى فرعون مصر في القرنين العشرين والواحد والعشرين، عن دورها الريادي الاسلامي العربي حتى اصبحت ذيلا لدول كانت تجرها مصر، الآن انتفضت من جديد لتمسك الزمام واول الغيث قطرة، المصالحة الفلسطينية وفتح معبر رفح، والموافقة على قيام مركز للبحث العلمي للعالم أحمد زويل، وكان ممنوعاً إقامة مثل هذه المراكز في زمن الفرعون، حتى يظل الناس عماة يتلقون العلم من الغرب، وهذه هي تركيا الفتاة تلبس ثوبها الاسلامي بثوب حضاري ديمقراطي لتقاوم الاستبداد العربي والغازي الاسرائيلي، وتحمي المقهورين السوريين، والحمد لله لقد بدأت الروح تدب من جديد في الجسم العربي الإسلامي، وها هي أفريقيا تتوجع انتظاراً لمولود جديد ربما يحمل الراية، فهذا المثلث ربما يكون هو النور الذي يتراءى لنا بعيداً بحسب أن بيننا وبينه النفق المظلم المتمثل في النظام العربي الإسلامي الجثة الذي من «عفونته» لن يجد من يدفنه، فلتذره الرياح وتنظفه الأيام، ولينبت على أنقاضه ثائر جديد، وكما قال الشاعر: إذا مات ثائر فهناك ألف ثائر وإذا متنا حاربت المقابر نعم تحارب المقابر ولا تحارب جامعة الدول العربية والدول الإسلامية الحاكمة اليوم.. اقترب أيها الفجر الجديد.