تفشى المرض الناتج من بكتيريا (إي كولاي) في أوروبا مطلع شهر يونيو 2011 في ألمانيا ، كما ظهرت حالات في بلدان أخرى مثل هولندا، والولايات المتحدة. واعلنت السلطات الألمانية أن تناول الخيار الإسباني هو المصدر المحتمل لتفشي المرض. وقال مزارعون إسبان إن مبيعاتهم تراجعت في شكل حاد وقد يفقد 70 ألف مزارع عملهم، في بلد يعاني من أعلى معدل بطالة في الاتحاد الأوروبي.و دعا مفوض الصحة في الاتحاد الأوروبي ، ألمانيا إلى تكثيف جهودها لتحديد مصدر هذا التلوث الذي تسبب بأزمة صحية خطيرة في الاتحاد الأوروبي وبانهيار سوق الخضار والفاكهة. وتحدثت المفوضية الأوروبية عن (أزمة استهلاك في كل أوروبا مع انخفاض كبير في استهلاك الفواكه والخضار وليس فقط الخيار). وأعلنت وكالة حماية المستهلكين أن روسيا حظرت استيراد الخضار الطازجة من جميع بلدان الاتحاد الأوروبي، ودعت إلى التخلي عن الخضار المستوردة وتناول المنتجات المحلية، معتبراً أن المعايير الصحية المعمول بها في روسيا أفضل من تلك التي في الاتحاد الأوروبي. تابعتُ عن كثب القضية المثارة في أوروبا حاليا بشأن تلوث بعض الخضروات خاصة الخيار والطماطم وبعض الخضروات الورقية التي تؤكل طازجة ووصل الأمر إلى التشكيك في وصول التلوث إلى الفاكهة أيضا. وحقيقة الأمر أن أغلب دول أوروبا وبسبب إرتفاع معدلات الدخول إتجهت إلى إستهلاك الخضروات والأغذية العضوية والمنتجة من دون إستخدام الكيماويات سواء أسمدة كيميائية أو مبيدات أو منشطات أو هرمونات وغيرها وهو شيبه بما كان يحدث طبيعيا قبل العصر الصناعي وبداية إستخدام هذه الكيماويات في الزراعة. إحلال الأسمدة الكيمائية إستلزم إستخدام كميات كبيرة من الأسمدة العضوية والتي تتكون من المخلفات البشرية والحيوانية والداجنة بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من دول أوروبا تعيد إستخدام مياه الصرف الصحي في الري بعد معالجتها بما يقضي تماما على كافة أنواع الميكروبات التي يمكن أن تحتويها بالإضافة إلى التخلص من الفلزات الثقيلة والعناصر الأخرى الضارة. وتكون في نفس الوقت غنية بالعناصر السمادية اللازمة لنمو الخضر والفاكهة العضوية. في هذه العملية إذا حدث خلل في منظومة إنتاج المادة العضوية يؤدي ذلك إلى تسرب ميكروبي خاصة من النوع السائد والنشط المعروف بإسم الإي كولاي E. Coli والمسبب لأمراض التيفود والنزلات المعوية. السلالات الحديثة من هذه السلالات الميكروبية أصبحت أكثر شراسة بحيث يمكنها إصابة جدار المعدة والإمعاء الدقيقة بالتقرحات الحادة محدثة نزيفا وقيئا دمويا وبعضها قد يخترق جدران الجهاز الهضمي مصيبا الجهاز البريتوني ومسببا الوفاة. هذه هي أحد العيوب أو التحفظات على الزراعة والأغذية العضوية والتي توضع في خانة العيوب والمميزات والتي تتفوق فيها المميزات على العيوب والمحاوف. هذه الأمور عادة ما تحدث في الزراعات العضوية سواء كانت في المحميات بشكل رئيسي أو في الزراعات المفتوحة بشكل ثانوي. وفي السودان الزراعة العضوية غير منتشرة بشكل كبير ولكن بدخول فصل الصيف والخريف فإن الأخطار تكون بادية في أماكن بيع الخضروات في الأسواق والشوارع حيث تكون مختلطة بالقاذورات ومخلفات الصرف الصحي وبرك المياه ووجود اعداد كبيرة من الميكروبات في هذه الأماكن التي تلامس الخضروات في الأسواق وتسبب الكثير من الإصابة بالكثير من من حالات النزلات المعوية حاصة مع الخضروات الورقية والتي تؤكل طازجة دون طهي. ولذلك لا بد أن تراعى العناية الكافية في غسيل الخضروات لإزالة الميكروبات التي تكون ملتصقة بهذه الخضروات وكذلك لإزالة تركيزات الأسمدة والمبيدات الكيميائية المستخدمة في الزراعات غير العضوية. هذه الأمور البسيطة بالإضافة إلى الإهتمام المستقبلي بالتوسع بإدخال الصرف الصحي في الحضر والريف يمكن أن تكون أهم محددات سلامة الغذاء في السودان. كذلك لا بد من التركيز على أعمال الجهات المعنية بسلامة الغذاء وجودته في مجال تنمية القدرات وذلك يتطلب: * التعاون وتبادل المعلومات بين القطاعات والمؤسسات المعنية بسلامة الأغذية. * دعم قدرة هذه القطاعات والمؤسسات في مجال علم الأوبئة التي تنقلها الأغذية وتشجيع البحوث. * النهوض بقدرات مختبرات سلامة الأغذية وتحليل المخاطر. * الإنتفاع بالمعلومات والبحوث من العلماء والخبراء في مجال المخاطر الدولية عن الأغذية والتلوث مثل مشكلات سلامة الأغذية المرتبطة بالحادثة النووية في اليابان. هذه الإجراءات وغيرها هي السبيل لضمان أغذية أكثر أماناً من المزرعة إلى المائدة. المدير العام للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس