يلقي انفصال الجنوب بظلاله علي ايقونة التعليم الاجنبي في السودان مدارس كمبوني ، تلك المدارس التعليمية التي شغف السودانيون بحبها سواء في مدارسها النظامية او مدرستها المسائية المصممة لخدمة من يعملون نهارا . ومدارس كمبوني اسسها دانيال كمبوني والمولود في مدينة ليون الايطالية عام 1831 ، وعندما بلغ عمره 26 قرر تكريس نفسه للتبشير في افريقيا وابتدع كمبوني فكرة تبشير افريقيا بواسطة الافارقة انفسهم وتحقق حلم كمبونى سنة 1879 بانشاء اول مدرسة تبشيرية في السودان وبعد عامين توفي كمبوني و في 25 أكتوبر 1995 اعلن رسميا عن تسمية كمبوني قديسا في الكنيسة الكاثوليكية واليوم توجد 162 جماعة رهبانية حول العالم . وفي ظل سودنة الكنائس السودانية تغيرت وظيفة مدارس كمبوني من التبشير المسيحي الي التعليم المدني لجميع السودانيين. واقيمت لمدارس كمبوني فروع في شتي انحاء السودان في الابيض وعطبرة والقضارف وكوستي ومدني وكانت مباني كمبوني آية في الجمال بتصميمها علي الطراز الايطالي وبايدي اشهر المهندسين الطليان ، وكانت مدارس كمبوني تتميز بزيها الانيق ما بين اللون الابيض والكحلي وفي صدر القميص ديباجة مدارس كمبوني . وشهدت مدارس كمبوني اخصب نجاحاتها في سبعينات و ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وكانت المدارس قبلة لجميع نخب المجتمع لتعليم ابنائها بكمبوني . ويقول عبدالرحمن أحمد « مهندس» درست مدارس كمبوني وكانت سبب نجاحي في الدخول للجامعة عبر شهادة لندن وافادتني كمبوني في تحسين لغتي الانجليزية مما كان لها افضل الاثر في تقدمي المهني والاكاديمي مع اقراني. علي ان المدارس عانت في منتصف تسعينات القرن الماضي بعد ايقاف امتحان شهادة لندن ، وما لبثت ان استعادت كمبوني القها بعد السماح للمدارس الخاصة بالعمل في السودان ، وولجت كمبوني مجال التعليم العالي باقامة كلية كمبوني لعلوم الحاسوب والذي صادفت فيه نجاحا باهرا لاعتمادها تدريس مناهج الحاسوب باللغة الانجليزية مما تخطف خريجوها من قبل الشركات العالمية . واليوم تواجه كمبوني معضلة فك الارتباط مع مؤسستها الام التي انتقلت الي الارض الجديدة.