القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنف ضد الأطفال..جرائم بلا شهود
تعددت أشكاله!!
نشر في الصحافة يوم 20 - 07 - 2011

وفاة «77» متشردا في أنحاء متفرقة من ولاية الخرطوم على نحو جماعي ومأسوي وفاجع مازال يثير غبار الأسئلة والتكهنات، ويبعث على الحيرة والأسى والحزن..رغم إرجاع السلطات أسباب الوفاة الجماعية إلى تعاطي مواد سامة «الأسبرت».
ومن المفارقات أن يتزامن هذا الحادث في الشهر ذاته الذي احتفلت فيه اليونسيف بيوم الطفل الأفريقي تحت شعار «معا لحماية أطفال الشوارع».
من منا لا يتذكر «مرام» الطفلة الغريرة ذات الخمسة أعوام التي اغتصبها وقتلها ثلاثة من الجناة، قساة القلوب عشية عيد الفطر، وألقوا بجثتها في بئر السايفون، دون أن يطرف لهم جفن، ورغم أن الجهات العدلية اقتصت من الجناة جزاءً وفاقا ..إلا أن جرح مرام مازال داميا في القلوب وقد خلده أحد الشعراء في مرثية مؤثرة!
شغلت وسائل الإعلام السودانية قبل سنوات قليلة «2006» بوفاة الطفلة إنعام إبراهيم ذات الأربعة أعوام بسبب عملية ختان مورست عليها بكل جهل ودون رحمة ..لتثير جهات عديدة تحركت قدما لمنع تكرار حدوث هذه الجريمة.
وصرح د. عقيل سوار الدهب وقتها للصحف بأنه منذ أن تولى الطبابة العدلية، وفي كل عطلة دراسية تصادفه حالات وفاة لطفلة أو طفلتين بسبب الختان.
هذه صور ونماذج لجرائم ارتكبت في حق الطفولة والبراءة تندرج جميعها في قضية كبيرة أسمها العنف ضد الأطفال.
ماهية العنف وآثاره:
يعتمد أغلب الباحثين في تعريفهم للعنف أنه استخدام القوة «السلطة»، أو التهديد باستخدامها ضد الذات أو ضد شخص آخر ما يسبب أذية جسدية أو نفسية.
وجاء في التقرير العالمي حول العنف والصحة 2002 الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية، واعتمدته دراسة الأمين العام للأمم المتحدة حول العنف في العالم «2006» في تعريفها للعنف أنه الاستخدام المتعمد للقوة أو الطاقة البدنية سواء بالتهديد أو الاستعمال الفعلي لها ضد الطفل من قبل فرد أو جماعة بحيث يؤدي إلى أو يرجح أن يؤدي إلى ضرر فعلي أو محتمل لصحة الطفل أو بقائه على قيد الحياة أو نمائه أو كرامته .
وتتمثل أشكال العنف ضد الأطفال في العنف الجسدي، العنف الجنسي ، العنف النفسي، الاهمال ونقص الرعاية ،الاستغلال الاقتصادي.
وأفاض المجلس القومي لرعاية الطفولة في تفصيل هذه الأشكال والمتمثلة في عمالة الأطفال ،العنف المنزلي أو المدرسي ،تجنيد الأطفال ،الأطفال المشردين ،الزواج المبكر وختان الإناث، الإتجار غير المشروع بالأطفال واستخدامهم في الأعمال الإباحية، وهذه القضايا تقسم الأطفال إلى ثلاث:
مجهولو الأبوين ، الجانحون ،الأطفال في مناطق النزاعات والكوارث.
أثبتت الدراسات أن ممارسة العنف ضد الأطفال يخلق آثارا مدمرة على حياة الطفل على المدى القصير والبعيد التي تتفاوت في حدتها من شكل لآخر بتعدد أشكال العنف التي تمارس ضده، وتتمثل في آثار بدنية وجنسية وتناسلية، وآثار سلوكية ونفسية وصحية طويلة الأمد إلى جانب الآثار الاقتصادية.
الأطفال المشردون:
اتخذت مشكلة الأطفال المشردين في السودان شكلا متناميا منذ أواسط الثمانينات بعد موجات الجفاف والتصحر التي اجتاحت السودان وبعض الدول المجاورة، وبفعل الحرب الداخلية والنزاعات القبلية، ما أدى إلى نزوح وهجرات سكانية إلى المناطق الحضرية والولايات الأكثر أمنا ، وما نتج عن ذلك من تفكك وانهيار أواصر الأسر وتشرد أبنائها.
ويقدر عدد الأطفال المشردين بولاية الخرطوم وحدها بحوالى 13000 طفل أقل من 18 سنة حسبما أوردته أحدث الدراسات التي أجرتها الولاية بالتعاون مع الدراسات الإنمائية جامعة الخرطوم واليونسيف.
وأبانت الدراسة أن 61% من مجموع الأطفال الذين شملهم الحصر يعيشون في وضعية تشرد كامل بلا حماية ولارعاية أسرية. ونسبة 39% تشرد جزئي يمارسون أعمالا هامشية ويحترفون التسول، كما تشير نتائج الدراسة إلى أن الفقر والتفكك الأسري والعوامل الطبيعية من جفاف وتصحر من أهم الأسباب التي تدفع بالأطفال إلى الشارع، كما أن سوء المعاملة الأسرية من أسباب إلتحاق الطفل بحياة الشارع حيث بلغت نسبة هؤلاء 88%،وتنتشر بينهم سلوكيات سالبة مثل إدمان المواد المخدرة والمسكرة، التسول ،السرقة ،النشل ،الخطف ،انتشار ممارسة الجنس والشذوذ الجنسى ،الجوع ،الضرب ،الاعتداءات البدنية ،التهديد والاغتصاب.
وهؤلاء الأطفال ضحايا وليسوا مجرمين، ويجب أن يتم التعامل معهم على هذا الأساس.
الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة :
يعتبر وجود الطفل في مناطق النزاعات المسلحة في بيئة تتسم بالعدائيات والعنف إنتهاكا حقيقيا لحقوق الطفل، ويؤثر ذلك سلبا على مستقبله ونموه النفسي والجسدي، ويعرض الأطفال إلى العنف والتجنيد القسرى، وقد يصابون بعجز دائم أو جروح بليغة أو القتل أو التشرد، ويصبحون عرضة لكل أنوع الاستغلال.
وجاءت اتفاقية السلام متضمنة موضوع تسريح الأطفال الجنود والأطفال المرتبطين بالقوات المقاتلة حيث نصت الاتفاقية على تسريح الأطفال خلال سنة من توقيع الإتفاقية.
وقد التزمت حكومة السودان بتنفيذ وإعادة الأطفال الجنود، والأطفال المرتبطين بالقوات المقاتلة في أي نوع من الأعمال سواء كان حاملا لسلاح أو يقوم بتقديم خدمات للقوات المقاتلة.
وتعمل اليونسيف على إدماج هؤلاء الأطفال المسرحين في المجتمع ، وذلك بدعم الأنشطة المختلفة كالدعم النفسي والاجتماعي في المناطق التي رجعوا إليها، كما تعمل على مساعدة الأطفال للرجوع إلى مدارسهم، أو إلحاقهم بمراكز التلمذة الصناعية، كل هذا نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل.
الأطفال فاقدو الرعاية الوالدية :
الطفل فاقد الرعاية الوالدية هو الطفل الذى تخلى عنه والداه خشية الوصمة أو الإملاق أو لأي سبب آخر، ولم يقم برعايته أحد الأقارب.
وتشير إحصاءات دار رعاية الطفل بالمايقوما «19982008» إلى زيادة ملحوظة فى أعداد الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية، مع تراجعها في عامي«20062007» وقد بلغ المتوسط السنوي 700 طفل .
وقد ورد في الخطة الخمسية للطفولة «20072011» ضرورة حماية الأطفال مجهولي الأبوين بواسطة الأسر البديلة، ومن موجهات هذه الخطة تشجيع رعاية الطفل في إطار الأسرة حيث أنها تقع عليها المسؤولية الأولى في تربية الطفل وتلبية متطلباته، كما أنها خصصت مشروع لرعاية بعض المشروعات المتعلقة بالأطفال مجهولي الأبوين، ووضع تشريع خاص بحمايتهم، ومن أهداف هذا المشروع وضع سياسات لوقاية الأطفال الذين يعيشون في حرمان اجتماعي أو المعرضين للخطر.
الاستغلال الجنسي للأطفال:
يقدم أحد علماء النفس تعريفا للعنف الجنسي بقوله: هو قيام المسىء بأي تصرف جنسي، أو مثير للرغبة الجنسية ، أو انتهاك متعمد لخصوصية جسم المُساء إليه بدون قبوله بتلك الأفعال.
وهذا التعريف يزيد من عدد الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجنسي، ورغم أن الصحف الاجتماعية وكذلك السياسية تطالعنا يوميا بجرائم اغتصاب للقصر، إلا أنه لا توجد إحصاءات دقيقة عن حجم هذه الجرائم.
ويعتبر الاستغلال الجنسي للأطفال من الظواهر والانتهاكات الصارخة لحقوق الأطفال والإنسان.
وتترتب على هذه الجرائم الجنسية الموجهة ضد الأطفال أو التحرش بهم جنسيا نتائج مدمرة على الطفل ومستقبله تشمل الجوانب الصحية والبدنية والنفسية وسوء الصحة العقلية.
ختان الإناث:
يعتبر ختان الاناث من العادات الضارة، وقد عرفت عالمياً بانها انتهاك لحقوق الانسان وحقوق المرأة والطفلة، ويعتبر صورة من صور العنف وانتهاكاً لحقوق المرأة والطفلة وهذه العادة منتشرة في كثير من انحاء السودان، ما عدا بعض المجموعات التي لا تمارسها في جنوب وغرب السودان. ويمارس الختان على الاناث في عمر 5-9 سنوات، ولكن قد يمارس للفتاة العبرية اقل من عام واحيانا يمارس على حديثات الولادة عمر 21 يوماً.
وللختان آثار صحية واجتماعية واقتصادية ونفسية على الطفلة ويتمثل ذلك في وفاة الام او الجنين والالتهابات والمضاعفات الاخرى الصدمة النفسية وعسر الولادة والآثار النفسية التي تصاحب الطفلة طوال حياتها.
وبصدور الاستراتيجية القومية للقضاء على ختان الاناث خلال جيل 8002-8102م بالتعاون والتنسيق مع المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي والشركاء من المؤسسات الحكومية استطاع المجلس ان يقوم بنشاطات في هذا المجال وفقاً لهذه الاستراتيجية.
عمالة الأطفال:
ذكر تقرير اليونسيف «وضع الاطفال في العالم 8002 ان نسبة الاطفال الذين يعملون في السودان في الفئة العمرية 5-41 سنة 3002م أطفال.
وعمل الاطفال دون الحد الادنى لسن العمل يعرض الاطفال الى انتهاكات خطيرة صحية ونفسية والحرمان من حقهم في التعليم ويصبحون عرضة للاساءة والعنف والاستغلال بجميع صوره.
وقد وصفت وزارة العمل ظاهرة عمالة الاطفال بانها مهدد اقتصادي واجتماعي خطير يؤثر على تقدم مشروعات العمل والاستثمارات بالبلاد خاصة ان تلك الشريحة تقدم خدمات تسويق لا تمكن صاحب العمل من تحقيق المكاسب المطلوبة في ظل التنافس القائم على جودة التصنيع والتسويق.
وكشفت تقارير صادرة عن الوزارة قدمت في اليوم العالمي لمحاربة اسوأ اشكال عمالة الاطفال 01 يونيو 1102 عن ان 24 مهنة بالسودان تم تصنيفها كاعمال خطرة لا يجب ان يقربها الاطفال تشمل اعمال الحدادة والسمكرة.
ودعت التقارير الى ضرورة التدخل السريع للدولة لحماية هذه الشريحة من الاستغلال والانحراف حسب ما تنص عليه الاتفاقية 831 الخاصة بسن العمل التي صادق عليها السودان لوقف عمالة الاطفال دون سن الثامنة عشر، كما طالب التقرير بادراج هذه الشريحة في السلم التعليمي وتمليكهم مشروعات توفر لاسرهم الدخل الكافي.
أطفال الهجن:
قبل سنوات قليلة كان يتم تهريب الاطفال للعمل في سباقات الابل بدول الخليج «سباق الهجن»، مما يعرضهم للاخطار والاعاقات، وبدأ التصدي لهذه القضية باستنكار من الامم المتحدة، اهتمت به حكومة الامارات كاحدى الدول التي تمارس فيها هذه العادة السيئة وتواصلت جهودهم مع حكومة السودان، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارتي الداخلية بدولة الامارات والسودان بشأن تكوين آلية لتعويض الاطفال، وتولى المجلس القومي لرعاية الطفولة حصر الاطفال الذين عادوا لاسرهم.
وفي حواري مع وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم وقتها اميرة الفاضل ابانت ان معالجة قضية اطفال الهجن على جانبين حيث تبنت حكومة الامارات التمويل كاملاً عبر مسارين: عبر منظمة اليونسيف فيما يخص تنمية المجتمعات الفقيرة التي خرج منها هؤلاء الاطفال، وتحتاج لزيادة الوعي والاهتمام بخدمات التعليم والصحة، والشق الآخر يخص جانب التعويضات المالية، وتم تعويض عدد من هؤلاء الاطفال بحسب الحالة فمن حدثت له اعاقة خلال استخدامه في السباق، ومنحت لهم مبالغ اكبر، ومن كان محتاجاً للعلاج وفرت لهم دولة الامارات العلاج، وتراوحت مبالغ التعويض بين الف الى خمسة آلاف دولار واعقب ذلك حملات اعلامية وورش تدريبية للقيادات بشرق السودان للتوعية بحقوق الطفل، وتم استبدال الطفل بنظام الانسان الآلي في السباق.
وبذلك تم اغلاق ملف اطفال الهجن بتعويض كل الاطفال الذين شاركوا في هذه السباقات بمشاركات فاعلة من المجلس القومي لرعاية الطفولة، وزارة الداخلية السودانية وزارة الداخلية الاماراتية واليونسيف، وقطر الخيرية.
العنف الأسري:
يعتبر العنف ضد الاطفال داخل الاسرة من القضايا المثارة حديثا، الامر الذي يمكن اعتباره تطورا مهما في هذا المجال، وبالرغم من قلة الدراسات والمسوحات في هذا الجانب نستطيع ان نقول ان معظم الاطفال في السودان يتعرضون للعقاب البدني بشتى درجاته او الزجر والتعنيف عند ارتكاب الاخطاء او عدم اطاعة الاوامر، وقليل من الاسر تستعين باسلوب التفاهم والحوار والنقاش العقلاني الهادئ.
والعقاب البدني داخل الاسرة كوسيلة لتأديب الاطفال ما يزال مقبولا ثقافياً وقانونياً في اغلب الاسر.
ان الاطفال الذين يتعرضون للعنف والاهانة داخل اسرهم يصابون بالاحباط والشعور بالقهر وانهم منبوذون، وقد يتحولون بدورهم الى مسيئين وعدوانيين وقد يهربون من منزل الاسرة الى الشارع.
العنف المدرسي وبدائل تربوية للعقاب:
توجد اشكال من العنف بالمدارس والمؤسسات التعليمية في السودان، وتقع على التلاميذ العقوبات البدنية، والاساءة اللفظية عند اهمال الواجبات المدرسية او الوقوع في الخطأ كما انه يستخدم في كثير من الاحيان كوسيلة للضغط لدفع المصروفات المدرسية وكان العقاب البدني «الجلد» في المدارس مقبولاً وبشكل عام الى وقت قريب كاسلوب للتربية وحث التلاميذ على التحصيل والاستذكار.. الا انه مؤخراً منعت العقوبة البدنية نهائياً بالمدارس، كما نص قانون الطفل لسنة 0102م توقيع العقوبات القاسية على الاطفال في المدارس والتوبيخ بالالفاظ المهينة للكرامة وقامت وزارة التربية بولاية الخرطوم بالتعاون مع معهد حقوق الطفل ومنظمة رعاية الطفولة السويدية باعداد دليل للبدائل التربوية للعقاب البدني في المدارس وتم تدريب المعلمين عليها.
آليات وتدابير لحماية الأطفال من العنف:
وضع المجلس القومي لرعاية الطفولة خطة وطنية للتصدي للعنف ضد الاطفال بهدف تأسيس وتطوير نظام شامل لحماية الاطفال من كافة اشكال العنف يتسم بالاتساق والتكامل بين مختلف القطاعات التي تعمل في مجال حماية الاطفال. تذكر الاستاذة قمر خليفة هباني الامين العام لمجلس الطفولة ان هذه الخطة تأتي استجابة للتوصيات الشاملة لدراسة الامين العام للامم المتحدة حول العنف ضد الاطفال الصادرة في اكتوبر 6002م والتي جاء في احد توصياتها بان تضع جميع الدول اطاراً متعدد الاوجه ومنهجيا للاستجابة للعنف ضد الاطفال يدمج في عمليات التخطيط الزمنية وينبغي صياغة استراتيجية او سياسة او خطة وطنية تعني بالعنف ضد الاطفال.
ويأتي على قمة هذه التدابير التي اتخذتها الدولة لحماية الاطفال من العنف اجازة قانون الطفل 0102م وقد حسم القانون اولا تعريف للطفل بانه كل شخص لم يتجاوز الثامنة عشر ويتضمن القانون احكاما متعددة لحماية الاطفال ونص على انشاء مراكز لتنمية الاطفال تهدف الى تنشئة الاطفال اجتماعياً وتربوياً وثقافياً، واكد على ضرورة تقوية الروابط بين مركز تنمية الطفل واسرة الطفل، وكذلك نص القانون على تدابير لرعاية الطفل المشرد، وافرد عدداً من المواد للرعاية البديلة للاطفال الذين يعانون من ظروف اسرية صعبة حالت دون نشأتهم في اسرهم الطبيعية، ونص كذلك على انشاء دور لرعاية الاطفال «الجانحين» المحرومين من الرعاية الاسرية، ودور للاطفال في تماس مع القانون، وحدد القانون الاجراءات الصديقة للاطفال سواء أكانوا جانحين او شهوداً او ضحايا، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم، كما نص على بدائل لخدمات اجتماعية بدلاً من احكام الحجر.
وجاء القانون متماشياً مع المواثيق الدولية بل متقدماً عليها اذ نص على حماية الطفل حتى قبل ان يولد بالزام الراغبين في الزواج على اجراء الكشف الطبي لاثبات خلوهما من الامراض الوراثية والمعدية لحماية الطفل.
وتؤكد الاستاذة عواطف عوض الكريم المستشارة بوزارة العدل ان القانون اعطى الحق لاي شخص يعتقد ان هنالك اهداراً لحقوق اي طفل، ولو من الابوين التبليغ لاقرب سلطة رسمية عن طريق خط تلفوني ساخن «6969» وهذا يلعب دوراً كبيرا في الوصول لحل قضية عدد من الاطفال الذين تعرضوا للاعتداء او الاستغلال.
الأسرة حائط لصد العنف:
سألت الخبيرة النفسية ملهمة عمر الدوي من وحدة الارشاد النفسي بجامعة الخرطوم حول كيفية حماية الاطفال من كافة اشكال العنف، وواجبنا كافراد ومجتمعات تجاه حماية اطفالنا؟!
فقالت: أولاً اؤكد على ضرورة وجود الطفل داخل اسرة تحافظ عليه وتوفر له التنشئة السليمة وتحيطه بانواع الرعاية ولاهتمام وتصد عنه جميع اشكال العنف التي يمكن ان تمارس عليه من المجتمع الخارجي.
والمشكلة ان الاسر نفسها تمارس نوعا من العنف على اطفالها سواء بالضرب او الزجر او الفاظ مهينة للكرامة، والواجب اولا توعية هذه الاسر وتقوية قدراتها وواجب المجتمع تجاه الاطفال المعرضين للعنف هو اعادتهم لاسرهم، ومحاولة ادماجهم في المجتمع وفرقت ملهمة بين الاطفال المشردين تشرداً جزئياً وكاملاً واطفال الشوارع الذين يخرجون للعمل ويمارسون اعمالا هامشية وابانت ان وجودهم الدائم بالشارع يعرضهم لكافة اشكال العنف، ونادت بضرورة توعية هؤلاء الاطفال بالمخاطر والآثار السالبة لهذه الاعمال، وتهيئة الظروف لجمع شمل الاسرة نفسياً واجتماعياً واقتصادياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.