رغم ان الحكومة قد قررت المضى فى حل أزمة دارفور بعد فترة قصيرة من انطلاقها في 2003، ودخلت من اجل تحقيق ذلك في جولات من المفاوضات مع بعض الحركات فانها فشلت في ذلك لاسباب كثيرة منها توالد الحركات المسلحة وتشظيها بشكل كاد ان يكون يوميا،وهو ما مثل تشتيتا لتركيز الحكومة و الحركات المسلحة معا وهى تتجه لوضع حد للنزاع في الاقليم. بيد ان الامر قد وصل حد التسبب في فشل المفاوضات نفسها، بحسب ما اشار حينها الي ذلك مسؤول ملف دارفور السابق في الحكومة السابق المرحوم مجذوب الخليفة، والذي ظل يكرر ذلك في تصريحاته للصحفيين في مطار الخرطوم عقب عودته من كل جولة فى التفاوض . غير ان التطورات الجديدة في نزاع الاقليم حملت معها جديدا بشأن وحدة الحركات، فقد احتوت وثيقة سلام دارفور الموقعة من قبل الحكومة وحركة التحرير والعدالة، بندا لتوحيد الحركات المسلحة الاخري والتحاقها للتفاوض لوضع حل للنزاع في الاقليم. وهذا الامر يقود لطرح التساؤلات حول امكانية ان تتحد الحركات الدارفورية الكثيرة، والقادة الدارفورين من عيار خليل ومناوي وعبدالواحد لوضع حد للصراع في الاقليم الذي يدخل عامه العاشر.ولم يكن اتحاد الحركات هو مطلب حكومي فقط بل ظل على الدوام مطلبا اقليميا ودوليا دعت اليه العديد من القوى الخارجية الساعية لحل المشكلة في الاقليم لتوحيد الحركات الدارفورية، وظل حلم الجمع بين مناوي وعبدالواحد محمد نور وخليل ابراهيم حلما عصيا، بحسب مايشير الي ذلك المتحدث الرسمي لحركة تحرير السودان المنشق عن مناوي سليمان ذا النون،والذي قال موضحا في حديثه ل «الصحافة» امس ان الحكومة كانت من اكثر الاطراف مناداة بالوحدة بين الحركات، الا ان هنالك جهات اقليمية وقوي خارجية كانت ايضا تنشد وبقوة وحدة قادة الحركات المسلحة،وقد سعت بحسن نية لتوحيد الحركات الدارفورية، مشيرا الى ان هذا المطلب تبنته اغلب القوي الاقليمية، لافتا فى هذا الاطار الى مشاركة دول الجوار في لقاءات جمعت كل الحركات الدارفورية فى الميدان و قبل توقيع ابوجا برعاية مباشرة من هذه الدول في اروشا وابشي والقاهرة وكينيا، من اجل تحقيق هذا الهدف غير ان كل تلك الجهود قد فشلت فى ذلك،واكد ذا النون ان القوي الاقليمية تؤمن ان عدم اتحاد الحركات الدارفورية يخلق عقبات ولا يسهم فى حل أزمة الاقليم، ولا يترك لها الفرصة لتعبر عن مطالبها. واعتبر القيادي الدارفوري ان اتحاد الحركات مطلب شعبي فى المقام الاول من قبل اهل دارفور والذي يقضى موقفهم المعلن بضرورة اتحاد الحركات والوصول الي سلام ووضع حد للنزاع في الاقليم لجهة ان اهل دارفور هم من اكتوى بنار الحرب، ثم انهم اصحاب القضية . غير ان ذالنون يشير الي ان الواقع يكشف ان هنالك تباعدا في رؤي حركات دارفور،مستبعدا ان تتحد الحركات الدارفورية في هياكل واستراتيجيات واحدة، معتبرا ان السبب الاول لتعنت الحركات الدارفورية هو القبلية،مشيرا الي بعض الحركات ذات التوجه القبلي تعتقد ان قبيلتها هى الاكثر تضررا من الحرب، وانها الاحق بالجلوس للتفاوض تبعا لذلك،مضيفا ان الانقسامات الداخلية التي تتم في الحركات الان،هي احد عوامل عدم اتحاد الحركات الدارفورية، لافتا الي انه ليس هنالك ضوابط او معايير تحكم نشوء الحركات، وان ذلك جعل من»كل نفرين دايرين يعملوا حركة» علي حد تعبيره،وقال ان ذلك حول مطالب اهل دارفورالي سوق لعرض البضائع والاجندة، بيد ان ذو النون يرى في ظل المستجدات الجديدة، ان الحركات يمكنها ان تتحد سياسيا بنسبة 75% خلال الايام القادمة. غير انه استبعد اتحادها عسكريا، وزاد» ان ذلك صعب ولكنه ليس مستحيلا بالضرورة». الا ان بعض المراقبين يرون ان المشكلة برمتها تعود الي انعدام الثقة بين الحركات الدارفورية،وهذا ما يذهب اليه القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي والذي قال ل «الصحافة» امس بان هنالك امكانية لان تتحد الحركات الدارفورية ، ولكنه قد قال ان من الصعوبة بمكان التكهن بميقات اتحادها. ورأى عبد العاطي انه قد ان الاوان لاتحاد الحركات الدارفورية،ومحاولة بناء الثقة بينها للوصول الي حل لقضية دارفور،ووقف نزيف الدماء في الاقليم،مشيرا الي ان وثيقة الدوحة يمكنها ان تكون فرصة لهذه الحركات الدارفورية لان تتحد تحت راية واحدة، ثم مضى القيادي بالوطني ليؤكد حرص الحكومة على تنفيذ بنود ووثيقة سلام دارفور، لجهة ان الوثيقة تخاطب جذور الأزمة فى الاقليم، مشددا على حرصها كذلك على مشاركة كافة الحركات الاخري التي لم تلتحق بعد بالاتفاق،مشيرا الي ان تشتت الحركات وتبنيها لمشروعات واستراتيجيات مختلفة اسهم في صعوبة الوصول الي صيغة سلام نهائية وشاملة، توقف النزاع في دارفور، وقال ربيع عبد العاطي ان قضية عدم الاجماع والاختلافات في المجتمعات السياسية والعسكرية قد ظلت منذ قديم الزمان هاجسا يؤرق الدول،لافتا الى ان التجارب العالمية اثبتت» ان الاجماع علي شئ،نادر الحدوث كثيرا في المجتمع البشري» ، وقال عبدالعاطي ان الحكومة ستبذل جهودا قصوي لتنفيذ كل بنود ووثيقة سلام دارفور علي ارض الواقع، معتبرا ان ذلك «مربط الفرس» لاتحاد الحركات الدارفورية وحل أزمة دارفور. غير ان بعض المراقبين يرون ان وثيقة دارفور قد تدفع بعض الحركات الدارفوربة الي الاتحاد ولكن ضد الحكومة، وليس اتحادا للرؤي حول حل مشكلة الاقليم كما يعتقد ذو النون وعبد العاطي، وذلك لجهة ان الحكومة قد وقعت سلاما مع شخص تعتبره الحركات ليس جزءا من المشكل. وذلك وفقا لما يشير اليه الخبير في الشؤون العسكرية العميد «م»حسن بيومي، والذي رأى في حديثه ل«الصحافة» بالامس ان توقيع الحكومة لسلام الدوحة مع حركة التحرير والعدالة التي تشكك الحركات ذات الثقل العسكري فى وجودها وقدراتها العسكرية، يجعل الحركات الاخري والتي لم توقع علي الوثيقة تتجه الي ابراز قوتها،والتأكيد علي انها جزء من المشكلة وليس التجاني سيسي، وذلك قد يتم بالاتحاد علي مقاتلة الحكومة وليس الجلوس معها على طاولة المفاوضات، وفق رؤية تحمل مطالب اهل دارفور، مشيرا الي ان حركات مناوي وعبدالواحد وخليل لا تعترض علي وثيقة الدوحة نفسها، بقدر اعتراضها علي شخصية الرجل الذي تم التوقيع معه، ولا سيما انهم ينظرون اليه علي انه لا يملك اي مقاتلين في الميدان، بالاضافة الي انه جديد قياسا بهم كما انه كان بعيدا عن اجواء القضية ولم يبرز الا مؤخرا.ورغم ان توحيد حركات دارفور امر مستبعد، بحسب المراقبين، فان التطورات الجديدة في الاقليم والمتمثلة فى توقيع وثيقة سلام دارفور، قد تحرك المياه الراكدة بين الحركات،وقد تجعل من وحدتها المسلحة أمرا ممكنا، والايام المقبلة كفيلة بكشف المزيد.