من شيم المصطفى صلى عليه وسلم الجود والكرم طول العام بيد أنه كان في رمضان أجود من الريح المرسلة لأجل يهتبل الصائمون أيام رمضان فيحالون التشبه بخلق المصطفى واقتفاء أثره ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا دون تكلف بعيدا عن الرياء وإنما انتظارا للجزاء وخير العطاء من باري الأنام . ولعل المتابع لمسلك غالبية أهل السودان في هذا الشهر الفضيل لا يجد عنتا في الوقوف على ما يتسربلون به من كرم فياض يبعث على الاطمئنان أن الدنيا ما زالت بخير وأن الخير في هذه الأمة إلى يوم الدين لن يعدم فاعلوه جوازيه وأكثر ما يلفت النظر تسابق وتنافس الصائمون على الإفطار في الساحات وبدور المساجد وعلى قارعة الطرقات ويبذلون ما لذ وطاب من مأكل ومشرب بنية خالصة تجسد كل معاني الإيثار في حواشيها وبين متونها وليس هناك دليل يمكن سوقه برهانا على ما ذهبنا إليه من قول عاليه ما درج عليه أهل القرى والمدن التي تمر بها طرق المرور السريع لا سيما في المنطقة الممتدة من الجديد الثورة وصولا إلى مشارف مدينة ود مدني الذين دأبوا على الخروج بإفطاراتهم والانتشار على جانبي الطريق مع دنو موعد مغيب الشمس والإصرار على إيقاف وقطع الطريق أمام ركاب وممتطى المركبات العابرة في ذلك التوقيت طمعا في تشريفهم وإكرامهم بتناول وجبة الإفطار معهم ونسبة لارتباطات بعض المسافرين يحاول البعض الاعتذار عن تناول الإفطار بحجة اللحاق به في منطقة أخرى فيصر بعض أهل القرى الذين يتوافدون إلى قارعة الطريق بمختلف أعمارهم شيبا وشبابا وأطفالا فمن فرط طمعهم في الإفطار معهم يعلمون على قطع الطريق بالتماسك عبر الأيدي أو العمائم فهل من كرم أكثر من هذا ولا يفوت على الفطنة أن ذوات الخدور خلف كرم رجال أهل القرى لجهة تعبهن في إعداد الموائد وتجهيز الإفطار ولا تعني الإشارة إلى أهل القرى بالضرورة أن أهل المدن براء من الكرم السوداني الأصيل فهناك من بينهم من يضرب مثالا نادرا في الكرم والبذل والعطاء المبرأ من الرياء ولكن في المقابل الآخر أن ثمة فئات قصرت فيئها على نفسها وآثرت الانزواء داخل البيوت والاحتماء بالحيطان رغم الترف والنعيم البائن على محياهم فالجود بالموجود ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ومن فطر صائما فله من الأجر مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيئا فلنتداعى جميعا للإفطار في جماعات إحياءً للتكافل وزرعا لبذور التعاون في هذا الشهر الكريم