ارتفعت وتيرة الكساد في الآونة الأخيرة وضرب بأطنابه بكل الأسواق المحلية فلم تعد نسبة المبيعات بكافة المتاجر على ما كانت عليه حسب إفادات التجار الذين أكدوا تناقصها تدريجيا مع مرور الأيام جراء قلة السولة في أيدي المواطنين بجانب انسحاب الدولة (أكبر مشتر) بالاسواق بالإضافة لارتفاع معدل التضخم علاوة على قلة المنتجات المحلية وعدم قدرتها على منافسة المنتجات الخارجية بالإضافة للفهم والتطبيق غير السوي لسياسة التحرير الاقتصادي. فقد كشفت جولات الصحافة بالأسواق عن ضعف القوة الشرائية في كل المجالات لا سيما في قطاع البناء والتشييد حيث اشتكى التجار بسوق السجانة من قلة الطلب على مواد البناء بالرغم من ثبات أسعارها لفترة طويلة وزادوا أن كثيراً من التجار ربما لم يتمكن الواحد منهم بيع ما يوازي مصروفاته اليومية وطالبوا البنك المركزي ووزارة المالية بضخ مزيد من السيولة حتى يستطيع الموطنون الإيفاء ببعض احتياجاتهم من المأكل والمسكن . يقول الخبير الاقتصادي محمد الناير انه من المفترض أن تحرك سياسة التحرير الاقتصادي جمود الاقتصاد وأن تخرج البلاد من اقتصاد الندرة إلى الوفرة وقد تحقق بالفعل تحريك جمود الاقتصاد نسبيا وشهدت البلاد نوعا من الوفرة من السلع والخدمات غير أنها تواجه بعض الاشكالات مثل حالات الركود التي تشهدها الأسواق إذ يلحظ المتابع للأسواق توقف حركتها تماما إلا من السلع الضرورية جراء شح السيولة وقد حاول البنك المركزي في أكثر من مرة ضخ سيولة في شرايين وأوردة المصارف لكنها لم تجد شيئا لأن الضخ السيولي للسوق يأتي من القطاع الخاص الذي تكبله مديونياته على الدولة التي لم تستطع الإيفاء بها بالرغم من الخطوات التي خطتها الدولة في العام الماضي في الاتجاه بسداد حوالي 2 مليار من ديون القطاع الخاص على الحكومة وقال الناير إنه يأمل الاستمرار في هذا النهج حتى يتم خروج الدولة من النشاط الاقتصادي وممارسته وترك الأمر إلى القطاع الخاص وأن تتفرغ الدولة إلى التشريعات والأدوار الرقابية والإشرافية وحتى يتم بناء جدار الثقة المنهد بين الدولة وشركات القطاع الخاص جراء عدم السداد الذي نجم عنه إحجامها عن الولوج في الأنشطة الاقتصادية الكبرى كما على الدولة سداد متأخرات رواتب العاملين بالدولة واستحقاقات المعاشيين ويضيف الناير أن الكساد وعدم القدرة على الشراء من قبل المواطنين أفرز بروز ظاهرة البيع بالتقسيط التي يلجأ إليها المواطنون لمقابلة احتياجاتهم الحياتية لا سيما عبر المؤسسات وكثير من تنظيمات المجتمع بالرغم من إلقائها بأعباء إضافية على المستهلك جراء نسبة الأرباح المرتفعة ويرى الناير أن الحل للخروج من نفق الكساد الذي تعاني منه الأسواق يكمن في رفع الإنتاج والإنتاجية وخلق وفرة في مختلف المحاصيل الزراعية والتي عند تحققها فقط يمكن للمصارف ضخ سيولتها في الأسواق دون خوف أو وجل من ارتفاع معدل التضخم لأن السبب الاساسي في شح السيولة خوف المركزي من التسبب في ارتفاع معدلات التضخم الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي ويؤثر سلبا على المواطن وشكل معيشته وكذا على الاستثمارات الأجنبية وحجمها بالبلاد غير أنه إذا ما تم ضخ السيولة في ظل الوفرة فلا خوف من التضخم كما أنه لابد من الاهتمام والعمل على ارتفاع حجم الصادرات البترولية وغير البترولية لأن البنك المركزي بمجرد تسلمه حصيلته بالعملة الأجنبية فإنه يطلق ما يعادلها بالعملة المحلية الأمر الذي يحرك الأسواق وينعشها مضاف إلى ذلك ضرورة ترشيد الإنفاق الحكومي ليس بتوجيه الأموال إلى تسديد الالتزامات المالية من مرتبات ومخصصات فحسب فالترهل الإداري قد بلغ مداه ولكن بدخول الحكومة إلى الأسواق لأنها تعتبر المشتري الأكبر بالساحة في ظل تقاعس القطاع الخاص المكبل عن القيام بدوره المنوط به في امتلاك ناصية الأسواق والتحكم في حركتها .