داخل أحد المنازل في أحد أحياء جنوبالخرطوم توافق رأي مدير مدرسة البنين الاساس الحكومية واحد اساتذته بالمدرسة على معالجة مستويات بعض التلاميذ المتدنية من خلال الحاقهم بفصول تقوية خاصة انشأها الاستاذ داخل ذلك المنزل بالقرب من المدرسة، ليتم استدعاء اولياء امور التلاميذ الذين وقع الاختيار عليهم وفقا لمستوياتهم الاكاديمية لتطرح عليهم الفكرة بان المدرسة تسعى اليى تحسين مستويات ابنائهم بالحاقهم بمدرسة (...............) الخاصة وبالفعل لم يكن امام اولياء الامور الا قبول الفكرة خاصة وانها كانت مطروحة من استاذ المدرسة ومديرها لطلاب بالمستوى السابع سيخضعون العام المقبل الى امتحانات شهادة مرحلة الاساس وبدون تأهيل اكاديمي . وجدت الفكرة القبول وبدأت المدرسة من فصل واحد الى ان الحق به طلاب الاعادة بالمستوى الثامن لتتمدد قليلا قليلا الى ان ضمت فصول رياض الاطفال. كل هذا وبدون حتى واجهة اعلانية تحمل اسم المدرسة لتميزها من سائر بيوت الحي ،شئ من عدم الانضباط سرى داخلها ادى الى ان يطلق عليها التلاميذ الملتحقون بها مدرسة (على كيفك ) ولكن لم يكن المزاج هنا في شئ خاصة اذا ما عرفت ان الامر مرتبط بالتعليم فيجب ان تعدل ألف خطوة وتتألم الف كبد ويحاسب كل من له صلة في هدم القيم التربوية والتعليمية ومستقبل اطفال لم تثبت خطاهم بعد على درجات الحياة ليكونوا مصدرا للاستثمار في ذويهم الذين اجهدت عقولهم وهي تبحث عن تحسين مستويات ابنائها من خلال رحلات مستقبل افضل في اطراف العاصمة لتوفر لهم المدارس الخاصة العشوائية مؤسسات تتناسب مع مستوياتهم المادية ، ولكن لم تكن مدرستنا تلك الاولى ولا الاخيرة خاصة اذا ما علمنا ان بالولاية قرابة ال1500 مدرسة خاصة - في مرحلتي الاساس والثانوي - تجاوزت بعددها المدارس الحكومية هذا بخلاف المدارس خارج الاحصاءات والتي رفضت وزارة التربية ان يطلق عليها مسمى مدارس واعتبرتها مؤسسات عشوائية لما تقوم به من عمل عشوائي خارج الضوابط واللوائح المعمول بها في مدارسها . وعلى الرغم من ذلك نجد بان الكثير من اولياء الامور ينقادون نحو اعتماد ابنائهم في مسمى المدارس الخاصة بدون النظر الى مؤهلات المدرسة او غض الطرف عنها حتى تتماشى وظروفه المادية التي قد لا تسمح له بان يعتمده في مدرسة أخرى، الامر الذي يجعل من امكانية بقاء هذه المدارس ممكنا عندما يجد سوقه وسط المواطنين ،ليكون عندها ضياع الطلاب ومستقبل ابنائهم نتيجة حتمية خاصة اذا علمنا بان اغلب مدارس الاحياء في اطراف المدينة تعمل بدون تصاديق بما يحرم طلابها من ارقام جلوس لامتحانات الشهادة لعدم تقييد اسمائهم داخل كشوفات الوزارة . هذا الامر حدا بالوزارة العام الماضي الى القيام بحملات تفتيشية للمدارس التي لا تحمل تصاديق بالعمل واغلقت مئة مدرسة عشوائية تركزت اغلبها في جبل اولياء والحاج يوسف ، ومع اقتراب بداية العام الدراسي الحالي كانت ادارة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم وبمرافقة اتحاد المدارس الخاصة قد قامت بجولة حول ولاية الخرطوم في منتصف مايو الماضي اغلقت فيها 43 مدرسة عشوائية ( اغلاق نهائي) وقدمت توجيهات وانذارات للمدارس التي لم توفق اوضاعها بالاسراع في ذلك حتى يتناسب ذلك مع اللوائح والقوانين الموضوعة لذلك . وداخل احد المدارس الخاصة كان لنا مع مدير المدرسة والذي قال لنا بان المدارس التي تقوم بلا ضوابط ولا تلتزم باللوائح الموضوعة من قبل الوزارة تهدم نفسها اولا وتهدم ثقة المجتمع في اهلية المدارس الخاصة ومقدرتها على اعداد طلاب مؤهلين اكاديميا وتربويا، واضاف في بداية عملي في نشاط المدارس الخاصة في العام 2000م كنت قد تم ترشيحي كمدير لاحد المدارس الخاصة وقتها وقبلت بادارتها ولكن سرعان ما تبين لي عدم حصولها على تصاديق العمل ومن ثم بدا لي المالكون بانهم يبحثون عن المكسب المادي بدون النظر الى الجوانب التربوية ، وبصفتي تربوي عملت في المدارس الحكومية وعلى مدى سنوات طويلة حدث صدام بيني والمالكين تركت على اثره ادارة المدرسة وعدت بعدها الى انشاء مدرسة بمواصفات تربوية تعليمية استطعت ان انزل فيها كل خبرتي التعليمية السابقة من خلال التعامل بمرونة. ولكن الضغوط الاجتماعية تجعل الكثير من الاسر بدون خيار في الزج بأبنائهم داخل حرم تلك المدارس مجهولة المصير وذلك سعيا الى الوجاهات والنظرة الاجتماعية وحتى تتماشى مع امكانيات الاسر وضغوط الحياة . وفي حديث اعلامي مع رئيس اتحاد المدارس الخاصة حسن احمد طه كان قد قال فيه انه يأتي دور الاتحاد في انه ممثل في المجلس الاعلى للتعليم ويعمل في اطار التعاون مع المحليات للرقابة على انشاء أية مدرسة عشوائية والعمل على إزالتها بعد التأكد من عدم وجود تصديق ، ان التصديق للمدارس الخاصة يتم حسب مستوى المعيشة وان اللائحة الجديدة للتعليم الخاص نصت على ان لا تقل مساحة المدرسة عن الف متر و حددت المسافات بين كل مدرسة و اخرى واشترطت ان يكون للمدرسة ربط بعدد الطلاب على الا يزيد عدد الطلاب عن 150 طالباً حتى لا يحدث ازدحام في المدرسة، وقال نحرص على ان يكون عدد الطلاب في الفصل بين 20- 30 طالباً لان التعليم الخاص يقدم تعليماً نوعياً وان اللائحة الجديدة قد حددت شروطاً حسب اللائحة الجديدة وقانون العمل . وباعتباره الجهة المسؤولة اداريا من امر التعليم الخاص بالولاية كان قد تحدث مدير التعليم الخاص بالوزارة الدكتور محمد محي الدين بان الإدارة العامة للتعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم قد وضعت خطة لمحاربة العمل العشوائي بالمحليات بمدارس تعليم الأساس و الثانوي، وذلك في إطار الاستعداد للعام الدراسي الجديد 2011-2012 م وان الخطة شملت جميع محليات الولاية لان ممارسة مهنة التعليم من غير أسس وضوابط وزارة التربية يعتبر مخالفة للقوانين و يضر بمصلحة الطلاب والمجتمع ،الامر الذي تعتبره الوزارة جرماً خطيراً في حق المجتمع ،وقال بحسب الاحصاءات المسجلة لدينا فان عدد المدارس الخاصة المصدقة بمرحلتي الأساس والثانوي يبلغ (1273) مدرسة على مستوى الولاية بها حوالي 200 ألف تلميذ وتلميذة ونعمل على ازالة ومحاسبة كل المسؤولين عن اقامة المدارس العشوائية من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية والعدلية . واضاف محي الدين ( للصحافة ) لا يوجد شئ اسمه مدارس عشوائية معروفة وهي من المحتمل ظهورها بين اليوم والغد، وبعد ان يتم اغلاقها تظهر مدرسة أخرى ولكن المدارس التي تابعناها ووجدناها في الميدان هي 43 مدرسة وتم التعامل معهم ونتعامل معهم وفق معاملات تربوية يتم فيها تحذيرهم وفي الاخير نعمل على اغلاقها واعادة توزيع الطلاب على المدارس الحكومية ، واذا ما تمادى صاحب المؤسسة والتي لا نطلق عليها اسم مدرسة لان اطلاقنا للفظ مدرسة في حد ذاته يمثل اعترافا منا بها فهي عمل عشوائي ، واذا تمادى صاحب المؤسسة بعد ابلاغة بالانذار وتوفيق اوضاع مؤسسته في قانون التعليم للعام 2009م في المادة 24 وتسمى عقوبات، اذا خالف اي شخص احكام القانون في احكام المادة 12 في انشاء مدرسة بطريقة غير رسمية عقوبته السجن مدة لا تقل عن ستة اشهر وقال بان حملات تفتيش المؤسسات التعليمية ستكون بصورة دورية ومستمرة لانه اذا عملنا حملة واحدة وتوقفنا لن يعني ذلك بالتأكيد توقف تمددها .