يعتبر اسم «جفري لانج» من الأسماء المعروفة بالنسبة لمعظم المسلمين المقيمين بالولايات المتحدة. فالرجل امريكي أبيض، أباً عن جد، ولد على الاراضي الأمريكية وعاش بها جل حياته. تخرج جفري في الجامعة وعمل على تحضير رسالتي الماجستير والدكتوراة قبيل أن يحصل على وظيفة بجامعة «سان فرانسيسكو»، ويعمل بها محاضرا يدرس لطلبته مادة الرياضيات. ولكن ليست الحياة بالسهولة التي نصف بها مراحل تعليمية ودراسية، فلقد عاش جفري حياة بحق صعبة. يقول جفري إن والده كان يحتسي الخمر فيفقد على إثرها تركيزه وآثار عقله. كان يضرب والدته وكان هو الصغير ذو السنوات المعدودة يعجز على ان يفهم اسباب ما يحدث حوله. لماذا خلق الله والده سكيرا ولماذا كان هنالك عنف في أسرته؟ وأدخلت التساؤلات جفري في متاهات دينية، حتى بدأ يشك في ان هنالك حقيقة رب في هذا العالم. وادخله والداه في واحدة من اعرق المدارس المسيحية لعلها «تصحح» لجفري تلك الخواطر الشياطانية التي باتت «تعشعش» فيه. وفي المدرسة المسيحية، خاض جفري نقاشات عدة مع القسيس وزملائه، ووالديه، ولم يستطع احد ان يقنعه بأن هنالك إلهاً. وتحت أعينهم وصدمتهم، قرر جفري أن يصبح ملحدا. وبقي جفري على إلحاده عشر سنوات كاملة، كان كل يوم يمر يقنعه بأنه ليس هنالك إله، وإلا لما كان هنالك عنف يلف المكان. وفي أحد فصول جفري، كان هنالك طالب مسلم صادقه واسرته لفترة طويلة، حتى اعطى احد افراد هذه الأسرة لجفري نسخة من المصحف الشريف. ووضع جفري المصحف في مكتبته ونساه هنالك تماما. يقول جفري انه كان جالسا ذات مساء جميل لا يدري ما يفعل فيه حتى قرر تصفح كتاب، ووقعت عيناه على المصحف الشريف وبدأت اعينه تتحرك بين آياته. وقرأ جفري سورة الفاتحة والآيات الاولى من سورة البقرة ولم تحرك فيه ساكناً.. وما أن وصل الآية الثلاثين حتى اتسعت حدقتا عيناه. تقول الآية «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ». إن هذا هو السؤال الذي ظل يؤرق جفري طوال حياته، السؤال الذي جعله يقتنع انه ليس هنالك رب في الكون، وهو ذات السؤال الذي جعله يتحول إلى ملحد. وقرأ جفري رد الله على ملائكته حينما قال «إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ». أي أن هنالك حكمة ما وراء خلق خليفة في الأرض حتى وإن كان يفسد في الأرض ويسفك الدماء. وتذكرت قصة جفري وانا اقرأ أخبار النيل الأزرق التي ترفدنا بها القنوات المحلية والعالمية. وبدأت حيرة جفري تنتقل إليَّ، لماذا خلق الله الإنسان ليكون خليفته في الأرض، وبدلا من أن يسبح بحمده ويسجد له يقوم بسفك الدماء وخراب الأرض على من عليها؟ ربي، وإن خفيت علينا مكامن حكمتك فلا زلنا نسلم لك ونتضرع إليك أن ترأف بأهلنا وناسنا وبلادنا. وإن كانت آيتك هذه قد دفعت «جفري» لكي ينطق بالشهادتين ويؤمن بك، فنحن لسنا أقل منه إيماناً واحتساباً حتى وإن لم ندرك ما هي هذه الحكمة.. بعد!!