تشهد ولاية النيل الأبيض هذه الأيام حراكا سياسيا غير معهود، حيث ظل والي الولاية يوسف الشنبلي فى حالة مشاورات ورحلات مكثفة من وإلى المركز من أجل وضع اللمسات الأخيرة لتشكيلة حكومته الجديدة التى يترقبها الشارع بتفاؤل مشوب بالتوجس والحذر، وينشد المواطنون ان يأتي التشكيل الجديد بشخصيات تتسم بالصدق والأمانة والجدية فى العمل، وذلك بعدأن عانى المواطنون خلال العقدين الاخرين من وجود أسماء معروفة بالحكومة حتى أصبحت المناصب الدستورية مثلها مثل الوظائف الحكومية كما يشير مراقبون. والشاهد أن ولاية النيل الأبيض اضحت من الولايات الإستراتيجية والمهمة في اجندة المركز، لجهة انفصال جنوب السودان وتكوينه لدولته، وتحولها الى ولاية حدودية، ويشير مراقبون ان هذا الواقع حتم على الحكومة الاتحادية افراد رعاية خاصة للولاية واضعة في حسبانها ما حدث بولايتين تحادان الجنوب وهما النيل الازرق وجنوب كردفان، وبناء على ذلك وجه رئيس الجمهورية فى لقائه بوالى النيل الأبيض بمكتبه بالقصرالجمهورى اخيرا المؤسسات والوزارات الاتحادية بضرورة توفير الدعم الكامل للولاية لتلبية حاجتها فى محاور الصحة والتعليم والمياه، مع مراعاة التعامل بخصوصية مع الولاية، كما تم التوجيه ان توفر لها الوزارات الاتحادية المعنية مصادر لتمويل لمشاريع التنمية حتى تتمكن من بناء قدراتها الذاتية ويصبح لديها استعداد لأى طارئ خاصة فيما يتعلق باستقبال العائدين من دولة الجنوب وكذلك النازحين، والاهتمام المركزي بالولاية ودعمه اللوجستي الكبير والمتواصل قرنه بتفويض وصلاحيات كاملة لوالي الولاية فيما يتعلق بالتغيير الوزاري وكان الشنبلي اكد في حديث سابق ل (الصحافة) ان المرحلة القادمة ستشهد تغييرا في تشيكلة حكومته، مشيرا الى انه لا مكان لمتخاذل ومتواكل وان الاستمرارية في المناصب الدستورية ستذهب ناحية الذين نجحوا في مهامهم خلال المرحلة الماضية، أثار هذا الحديث الذي ردده في اكثر من مناسبة ردود أفعال متبانية داخل حكومة الولاية والمجلس التشريعى، حيث يرى بعضهم أن الوالي وبحديثه هذا قصد أشخاصا معينين ومعروفين للجميع ، تبوؤاعددا من المناصب ولفترات طويلة في حكومات سابقة للولاية دون أن يقدموا شيئا يذكر الذين يصفهم بعضهم (بالعالة) على حكومات الولاية المتعاقبة لأنهم لم يتركوا بصمة واضحة، رغم أن الفرصة كانت أمامهم من خلال قيادتهم لأكثر من وزارة، وبتصريحاته هذه كأن الوالي يقول لهم إنه قدآن الأوان لكى تترجلوا وتفسحوا المجال لغيركم. وحديث الوالي المتكرر حول هذه الجزئية علق عليه رئيس المجلس التشريعي مهدى الطيب الخليفة مؤكدا ان الوالى له رأي سالب فى عمل الجهازين التنفيذى والتشريعي نافيا أن يكون هو من ضمن المقصودين بهذا الحديث، وأمن فى تصريحات صحفية على أن الحكومة الجديدة بالولاية يجب أن تكون قوية وذات طابع عملى حتى تلحق الولاية بركب الولايات التى قطعت مراحل مقدرة في مشوار التنمية. ولأن رياح التغيير بحسب مراقبين يتوقع ان تذهب بعدد من الدستوريين الذين استشعروا الخطر الذي يحدق بهم ، ولتفادي سيف الابعاد عمد بعضهم بحسب متابعين خاصة المعتمدين الى فتح خطوط اتصال مع شخصيات نافذة بالمركز بهدف العمل على اقناعهم للبقاء في المنصب، بيد ان الصلاحيات المطلقة التي منحها المركز للوالي ربما وقفت حجر عثرة امام طموحات الساعين للتشبث بالمناصب الدستورية وذلك بحسب مهتمين بشأن الولاية الذين يرون ان هناك دستوريين فشلوا في اداء المهام الموكلة اليهم خلال الفترة الماضية وان ذهابهم بات مطلب الشارع الذي لم يكن راضيا في العام الماضي من التشكيل الوزاري ، ولكن اللافت في الامر ان هناك اتجاها عاما يذهب ناحية ضرورة أن هنالك ضرورة الإستعانة بقيادات عسكرية لتصريف شؤون الولاية وبعض المحليات، وذلك لسببين بحسب المراقب التوم حسن الذي يشير الى ان وضع الولاية الحدودي بات يتطلب وجود عسكر في المناصب الدستورية خاصة في محليات التماس مع دولة الجنوب، عطفا على ذلك والحديث للتوم اقنعت تجربة وزير التخطيط الفريق الطيب الجزار ومعتمد كوستي اللواء ابوعبيدة العراقي المواطنين بجدوي وجود العسكر في المناصب الدستورية، والثنائي اصاب نجاحا منقطع النظير واحدثا نقلة كبيرة في محور الخدمات بجانب اتصافهما بالنزاهة والجدية والضبط والضرب بقوة على مواقع الفساد وكشفها للرأي العام وهذه الجزئية تحديدا هي التي ظلت تؤرق المواطنين الذين وجدوا في مسلك الجزار والعراقي المدعوم بتأييد من الوالي مخرجا لأزمات الولاية المتكررة فيما يتعلق بالمال العام، ووفقا للكثير من الإشارات والمعطيات الموجودة فى الساحة فإن أربعة أو ثلاثة وزراء على الأقل سيغادرون مناصبهم ، وهنالك اتفاق على الابقاء على اثنين من الوزراءالحاليين تقديرا لما قدموه خلال الفترة السابقة، أما المعتمدون فيتوقع بحسب مراقبين أن يتم الاستغناء عن أربعة والإبقاء على مثلهم، وربما يكون هناك تعديل أيضا فى عدد المحليات خاصة بعد فشل تجربة بعض المحليات الجديدة التى أصبحت عبئا ثقيلا على المواطن وحكومة الولاية على حد سواء. وعلى صعيد موقف الأحزاب الموالية وفى مقدمتها حزب الأمة القيادة الجماعية والحزب الإتحادى (مجموعة الدقير)، تشهد هى الأخرى استعدادات مكثفة للدخول فى الحكومة، حيث أكمل بعضها مشاوراته وربما سمى الشخصيات التى سيشارك بها فى الحكومة. المواطن وبعد تجربة طويلة مع المسؤولين بالولاية ينظر إلى التغييرالمرتقب بشىء من التحفظ، وذلك بسبب الإحباط الذى ظل يلازمه عند أى تغيير لعدم تلبية طموحاته فى تغيير حياته إلى الأفضل، ويبدو أن نظرته التشائمية هذه لن تتغير إلا فى حالة أن تثبت الحكومة المرتقبة العكس، وأن تهتم بقضاياه المعيشية التى وصلت مرحلة من التردي لم يسبق أن وصلته، وأصبح فى حاجة لمن يخفف من معاناته ويأخذ بيده. ويشير الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الإمام المهدى بروفسير حيدر عثمان عيسى وفى تقييم لأداء حكومة الولاية خلال الفترة الماضية أن بعض الوزراء لم يكونوا على قدرالمسؤولية وأن التوفيق لم يحالف الوالى فى اختيارهم ، وقال فى حديثه ل(الصحافة) أن المرحلة المقبلة تستوجب اختيار وزراء مختصين بعيدا عن الترضيات السياسية والجهوية التي اعتبرها اضرت كثيرا بالولاية خلال الفترة الماضية، وأكد بأن الولاية زاخرة بالكوادرالعلمية والكفاءات، والتى لم تمنح الفرصة فى الحكومات السابقة بسبب الموازنات السياسية والقبلية على حدقوله، وأضاف بأن عدم وجود مجلس استشارى من المختصين فى المجالات المختلفة كان من أهم أسباب الاخفاق الذى لازم أداء حكومات الولاية فى الكثير من المجالات، وأبان البروف عيسى أن ولاية النيل الأبيض أصبحت فى وضع مختلف عن السابق، مشيرا إلى أنها صارت بوابة جنوبية للسودان، وطالب بتكوين مستشارية للأمن والدفاع، وقال ان الولاية تحتاج لبعض القيادات العسكرية لإكساب حكومتها الهيبة والقوة ودعا إلى وضع هذا الأمر موضع التنفيذ، وإنتقد فى ختام حديثه ل(الصحافة) ظاهرة كثرة المحليات حيث أكد انها مثلت عبئا ثقيلا على حكومة الولاية من ناحية إدارية ومالية، وقال ان كثرة المحليات تتسبب فى ترهل خطير فى الوظائف العليا مؤكدا أن لابد من إعادة النظرفى هذا الأمر.