تعتبر الاستاذة غادة عبد الهادى عربى المذيعة الوحيدة من بنات جيلها التى تواصل الأداء المتجدد دونما انقطاع، بايقاع متطور يضفى عليها الكثير من البريق فى الفضائية السودانية ، غادة من مواليد ود مدنى، وتخرجت فى قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الخرطوم، ونالت درجة الماجستير فى علم النفس الانمائى بدايتها الأولى كانت بقسم الأخبار في العام 2000م، وتنقلت عبر عدد من برامج المنوعات من بينها (السودان هذا الصباح) و(ما يطلبه المشاهدون) واخذت تجتهد فى تقديم الجديد عبر مختلف البرامج الثقافية والمنوعة، وارتبط اسمها في الفترة الأخيرة ببرنامج (مراسي الشوق) الذي يعد من انجح البرامج بالتلفزيون لربطه المشاهد السودانى بالمغتربين فى العالم واستمرت غادة في تقديمه مراسى الشوق بثبات ونجاح لعدة سنوات ، التقيناها فى حوار للحديث عن تجربتها مع الشاشة. *غادة هل اعتمدت على الواسطة في الدخول لمجال الإذاعة والتلفزيون؟ * نحن جيل إذاعي غير محظوظ نهائياً في الاستفادة من الغير في هذا المجال، وتجربتي خير دليل على ذلك, فقد حاولت التقديم لمعاينات التعيين بالتلفزيون مراراً وهذا الأمر لم يصبني باليأس والحمد لله في آخر المحاولات كتب لي أن اجتاز كل المعاينات المقررة، وحقيقة حتى أنا أسمع من كثير من الناس أن دخول مجال الإذاعة أمر تتحكم فيه الواسطات ومجتمعنا مجتمع تكثر فيه الأقاويل والإشاعات ولا مجال للصحة في هذا الأمر. * زوجك الأستاذ شكر الله خلف الله هل وقف خلف دخولك التلفزيون و استمرارك في بعض البرامج؟ * تعرفت على زوجي المخرج شكر الله خلف الله بعد عامين من عملي بالتلفزيون ولم أكن أعرفه مسبقاً، وتعاملت معه لأول مرة قبل أربعة أعوام فقط لأنني كنت أعمل مع مخرجين مختلفين كالأساتذة مهدي مبيوع وكردش وناجي عبد المنعم وقمش, تعاملت معهم على مدى أكثر من أربعة أعوام ولا علاقة لشكر الله بعملي, لكنني لا أنكر دوره في الإرشاد والتوجيه العملي. *قصة دخولك التلفزيون؟ * بداية التحاقى بالتلفزيون جاءت بعد فترة تدريب مكثفة فى استديوهاته من خلال برنامج »صباحك يا بلد«، ويومها كانت النشرة الجوية تعانى من نقص فى الكوادر، وكان ان احالنى مدير البرامج انذاك الاستاذ حسن فضل المولى للعمل بالنشرة، وسد الفراغ الذى نشأ جراء غياب الزميلة الرائعة اخلاص النورانى لظروف خاصة. ومن يومها نشاءت علاقة حميمة بينى وبين الشاشة البلورية والمشاهدين. *غادة والاستفادة من الأجيال السابقة في التقديم؟ * تدربت على يد الأستاذين حمد سليمان، والفاتح الصباغ، وأعتز دوما بشهادتهما ودعمهما المتواصل لي، وهناك أيضا استفادة مقدرة من الزملاء إيناس محمد أحمد، وانتصار مصطفى، وسلوى النيل، ود. عوض إبراهيم عوض. *ابرز البرامج التى قدمتك للمشاهدين؟ * يستهوينى دائما العمل فى برامج المنوعات التى اجد فيها متعة تروق لنفسى، ولاجل ذلك جاءت اطلالتى من خلال »مسرح المشاهدين« وبرنامج »ما يطلبه المشاهدون« و»السودان هذا الصباح« الى جانب العديد من السهرات والفترات المفتوحة فى المناسبات ومواسم الاعياد الدينة والوطنية. * هل الجمال ضرورى لنجاح المذيعة ؟ * القبول هو العامل الاساسى فى العمل الاعلامى الآن، فالمشاهد السودانى يمتاز بقدر عالٍ من الحصافة التى تجعله يهتم بتأمل التفاصيل بدقة، اكثر من الانبهار بالشكل الخارجى الذى لا يشترط ان يتجاوز حدود المعقول والمقبول والجمال اولا واخيرا نعمة لكنه ليس عاملا حاسما او مؤشرا لقياس نجاح او فشل المذيعة. * ما هي مؤهلات المذيع الناجح ؟ * يجب أن يكن المذيع مواكباً لكل الأحداث الداخلية والخارجية، ويحاول كسر القاعدة الخاطئة التي تخصص المذيع في مجال محدد دون غيره ليكون مذيعاً شاملاً، كذلك يجب أن يكون غير منفصل عن المجتمع بمختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية. * تدريب المذيعات فى الفضائية ؟ * من ابرز العقبات التى كانت تعترض المذيعة قديما ، التأهيل من خلال الدورات التدربية. واعتقد أن جيلنا كان أكثر حظوظا، حيث اتيحت لنا فرص للتدريب الداخلى على ايدى اسماء اعلامية كبيرة، نهلنا من معين معرفتها واستفدنا منها الكثير، والذى يحسب ايجابا للادارة الحالية للتلفزيون ممثلة فى رئيس القطاع ومدير القناة القومية، رهانهم على اصحاب العطاء والقادرين على امتطاء صهوة الابداع والتطور، وعدم الركون لأشياء كنا نعانى منها فى الماضى، هذا الى جانب دفعهم الدائم للشباب والدماء الجديدة، والعمل لصالح الشاشة اولا واخيرا. * المذيع هل يُحال الى المعاش؟ * تساقط أوراق العمر لا يحيل المذيع الحقيقى الى المعاش. وكلما تقدمت به السنوات يزداد خبرة فى الاداء، ويرتقي المزيد من سلالم النضج الاعلامى. والشواهد كثيرة على نجاح اصحاب الخبرات فى هذا المجال، ولا تزال المذيعة المصرية سهير شلبى فى قمة العطاء. وفى قناة »الجزيرة« نجد جميل عازر وجمال الريان ومحمد كريشان الذى يشابه فى طلته وحضوره استاذنا عمر الجزلى الذى اضافت له سنوات العمل الاعلامى خبرة تراكمية وحضورا واثقا. مذيعة سودانية واخرى عربية تتطلعين اليهما دائما؟ بنات المغربى مذيعات لهن بصمة واضحة، ويعتبرن من العلامات المضيئة فى حقل الإعلام النسائى السودانى. ومن الجيل الحالى تعجبنى إسراء زين العابدين. وعلى المستوى العربى اتطلع الى »منى الحسينى« وعالميا اوبرا وينفري. * ما هو تقييمكِ لتجربة الإذاعات الخاصة؟ * قد لا أكون فى مقام من يجيد الحديث فى هذا الموضوع، ولكن من خلال استماعى المستمر لاذاعة »هنا امدرمان« اعتقد ان مشكلة الاذاعات المتخصصة تكمن فى عدم وجود خطة عمل تؤسس عليها هذه الاداة الاعلامية، بالرجوع الى المستشارين وخبراء عركوا المستمع السودانى، مثل البرفيسور على شمو، والدكتور صلاح الدين الفاضل، والاستاذين حمدى بولاد وحمدى بدر الدين، والقائمة تطول.. فهولاء أدرى بما يتوافق مع المجتمع السودانى وما يحتاجه المتلقى، اضافة الى الكوادر العاملة المؤهلة التى تجيد مخاطبة الأذن السودانية. *هل تفكرين فى الاحتراف؟ * الاحتراف من المراحل الداعمة لمسيرة المذيع، وإن وجدت فهى نقلة للنضج الاعلامى، باعتبار ان الاحتكاك مهم. ولكن لايزال الوقت مبكرا للتفكير فى الاحتراف. * سر التمييز فى سهرة »مراسى الشوق«؟ * مراسى الشوق من أهم محطاتي فى دروب الاعلام، فهذا البرنامج حقق لى مساحة واسعة من الانتشار خارج السودان، اقول هذا من واقع الرسائل والايميلات التى تصل للبرنامج وحقيقة نجاح المراسى يعود الى روح الجماعة التى تميزه عن سواه من البرامج. * ابرز مشاكلكم كمذيعات ؟ * نحن لا ننفصل عن المجتمع الذي ما زال ينظر إلى المرأة بمنظور ضيق ومظلم ويعاملها معاملة تختلف عن الرجل ويحاول أن يجعلها تصب جل اهتماماتها بالبيت وخلافه، ولكن إصرار المرأة على اقتحام مجالات مختلفة رغم أنف المجتمع أسهم في تغيير بعض المفاهيم الخاطئة عن عمل المرأة في مجال الإعلام أو أي مجال آخر * يقولون وراء كل امرأة ناجحة رجل عظيم؟ * دون شكشكر الله خلف الله ولولا زوجى لما استطعت الثبات بقوة فى وجه رياح الاحباط، وافخر بانه وقف كثيراً الى جانبى وظل يدعمنى بوافر خبرته وعمق نظرته للاشياء.. *زواج المهنة بين الفشل والنجاح؟ * هناك نماذج أعطتنى صورة مشرقة مثل صلاح الدين الفاضل وزوجته المذيعة نايلة العمرابى. وعلى المستوى العربى المخرج محمد فاضل وزوجته فردوس عبد الحميد، واحمد سمير وسهير شلبى فى القناة المصرية.. وتلك نماذج على نجاح تلاقى الخبرات. *غادة والموضة؟ * الاهتمام بالموضة لا يعنينى، فأنا على ثقة بأن الثوب السودانى هو سر تميز المرأة السودانية. وأنا ارتدى ما يناسب ذوقى.. وقد سعدت بظهور ثوب يحمل اسمى، والمذيعات المتعاونات بالتلفزيون ليس لهن بدل لبس، ويعجبنى اختيار الزميلة أمانى محمد السيد لازيائها. * التلفزيون القومي آخر طموحاتك؟ * أتوق لأن أترجم رسالة الماجستير الخاصة بى في مجال علم النفس وهو التخصص الذي درسته ونلت فيه شهادة البكالوريوس، إلى عيادة نفسية متخصصة لدراسة نفسية الأطفال في ظل العولمة الفضائية وآثار وترسبات ما يرونه على شاشات التلفزيون على شخصياتهم وسلوكهم إلى جانب عملي في التلفزيون. * أحلام مستقبلية ؟ * عمليا أحلم بقناة تنموية اجتماعية تدفع بتعليم المرأة السودانية فى المناطق الاقل نموا، وتصحح مفهوم التربية للنشء باعتبارهم لبنة الشخصية السودانية التى يجب أن تكون اكثر جرأة وشجاعة فى طرح نفسها، فتهميش شخصية الطفل من اكبر الاخطاء. وعلينا ان ندرك باننا نتعامل مع جيل مختلف من الاطفال على مستوى التفكير والتعبير.