من الذين لمعت أسماؤهم ابان ثورة اكتوبر وبعدها الدكتور حسن الترابي، بل كانت اكتوبر احد الاسباب التي قادته لزعامة جبهة الميثاق الاسلامية وقتها، اذ اعتمد الذين رشحوه للموقع المتقدم على اربعة اسباب: ثروة ضخمة من الثقافة الاسلامية وذكائه وثقافته القانونية (وان زعيم ثورة اكتوبر ينبغي ان يكون زعيماً للحركة الاسلامية). في جزء من حوار اجرته معه (الصحافة) في شهر رمضان الماضي يشرح الدكتور حسن الترابي كيف قامت ثورة اكتوبر وكيف تشكلت كاشفا عن ملابسات مشاركته في الثورة ويتحدث عن كيف ادهشهم الرئيس عبود بتواضعه. * قلت في وقت سابق إن التغييرات التى حدثت فى العالم العربى فى الوقت الحالى لم تقم بها القوى السياسية ، وانما الشعب، هل للقوى السياسية السودانية اى دور فى الثورات التى وقعت فى السودان؟ انا شهدت اكتوبر ، ولم اكلف من التنظيم الذي انتمى اليه بفعل شئ من احد، هذا فضلا عن ان انسق مع آخرين، والندوة التى كانت تتحدث عن الحريات والجنوب، والحديث عن ازالة النظام، وما كنت اظن اننى سأكون ثائرا، وهذه كلمة حق، وكنت حديث عهد فى السودان، بعد مجئي من فرنسا. ولا ادعى اننى اشجع من الآخرين، وبعدها تداعت الندوات حتى وقعت الواقعة وعرفنا ان احدهم قد استشهد، فذهبنا الى الساسة القدامى فى منازلهم وطرقنا ابوابهم وقلنا لهم سنحمل النعش غدا، ونسلمه الى اهله، ولم يحضر احد، وجئت بكل اساتذة الجامعة وجلهم كانوا من الا?انب، وعندما حملنا النعش اعترضتنا الشرطة، فقلت للقائد « ماذا تريد ان تفعل، هذا موكب نعش، هل تريد ان تزيد عدد الموتى، ونحن هينين، انظر كم من الاجانب ستقتلهم». ......................؟ المهم سمح لنا بالمرور ، بعد حديثى معه ، وحملنا النعش وطفنا به السوق العربى ، وناس بها شوق للمظاهرات وهى لم تعتد على ذلك فى حياتها ، فامتلأ المكان وصلينا صلاة الجنازة وحملت الميكرفون وقلت للناس ان مثل هذا الشئ يمكن ان يتكرر ، وقلت لهم ان ينتبهوا لذلك الامر ويستعدوا للقادم. و.... * عندما فعلت ذلك هل كنت تخطط لذلك وهل هنالك جهات تقف معك؟ فى الحقيقة لا، كنت استاذ الجامعة الذى يرتدى البدلة وملتحيا ولا اعرف نفسى سنى او شيعى او وجودى ، مجرد استاذ جامعة وليس لى صفة سياسية .. فبدأ الشباب فى الهيجان ، وعندما رأيت النار فى عدد من السيارات عرفت انها الثورة! لم اخطط لهذا ولم اتدبر لذلك ولم انسق مع آخرين ، ولم اتآمر ، ومباشرة بعد ذلك بدأنا العمل ، والرئيس عبود لما حمل عليه بعد ان جلسنا اليه (صراحة ادهشنا بتواضعه) وقال انه لم يقم بهذه الثورة يقصد ثورة نوفمبر وقال انا مهندس ولست عسكريا، وانا مأمور ، ولا اريد ان اقتل طالبا آخر فاذهبوا الى السل?ات وتفاوضوا معها. ولما حل مجلس قيادة الثورة اذكر اننى كنت قادما من امدرمان حيث كنت اقطن مع بعض «نسابتى» وعند دخولى للخرطوم وجدت نفسى محمولا على الاكتاف فى منطقة المقرن، والجماهير تهتف وهى تتكاثر باعداد كبيرة، وعند معاينتى للناس لم اجد شخصا اعرفه ولا احداً. *ماهى طبيعة الهتافات فى تلك المرحلة؟ - كانت هتافات تطالب باسقاط النظام، وبعد ذلك قمنا نحن اساتذه الجامعة بموقف سياسى ضد النظام. * متى ظهر الترابى السياسى؟ الترابى السياسى ظهر فى الندوة وثورة اكتوبر، ولهذا عندما دخلت انتخابات الخريجين لم تكن هنالك مقارنة فقد جئت فى رأس القائمة وبفوارق كبيرة جدا، ولا اعتقد انهم كانوا يعرفون اننى اسلامى ، بل اننى عندما شهدت بعضا من عمليات الفرز ، كان يأتى ذكر لليساريين والاتحاديين والترابى بالاسم.. وتساءل احدهم بعد ان ارسله عبود الذى ينتمى الى الختمية (هل الترابى شيوعى) فرد عليه احدهم يعرفنى (الترابى لايمكن أن يكون شيوعياً).