اصبحت دولة قطر رقماً مهماً فى الساحة الإقليمية يصعب تجاوزه بفضل جهودها الكبيرة فى احتواء الصراعات والمساهمة فى حلها فى المنطقة العربية والأفريقية، وبرز دورها القيادي منذ العام 2009 في حل الازمة التي نشبت بين الفصائل اللبنانية بتوسطها بين الفرقاء ومساهمتها الفاعلة في إطفاء الازمة التي استمرت لاكثر من عشرين شهرا الى ان تمكنت من إرضاء الاطراف اللبنانية المتصارعة بالمصالحة ونبذ الخلافات وتتويج ذلك باتفاق سمي «اتفاق الدوحة بين الاطراف اللبنانية» اعتبره عدد من المراقبين منذ تلك الفترة ميلاد دولة ذات دور اقليمي ?وي في المنطقة تنافس كبريات الدول الغربية فى تقديم المبادرات في ازمات المنطقة العربية والافريقية، وما اكد دورها الفاعل موقفها الاخير من قضية دارفور ونجاحها الكبير فى رعاية المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات الدارفورية رغم ما واجهته من صعوبات في بداية تبنيها للملف المعقد، الى ان نجحت في تحقيق السلام ومازالت تسعى لاقناع الحركات الرافضة للانضمام للوثيقة، وبحسب المراقبين فإن دور قطر الاقليمي البارز في المنطقة يرجع الى اتباعها لسياسات خارجية انموذجية ادت لتطوير علاقاتها مع السودان والكثير من البلدان في ا?عالم. وامتدادا للثناء على دولة قطر بفضل دورها الاقليمي والسعي لتقريب وجهات النظر بين جميع الفرقاء منح الرئيس البشير بالقصر الجمهوري اول من امس وسام الجمهورية من الطبقة الاولى لنائب رئيس الوزراء القطري احمد بن عبدالله واردفه باشادات ثمينة تجاه دولة قطر، وقال البشير: إن قطر ساهمت بصورة كبيرة في تحقيق السلام وإنجاح وثيقة الدوحة عقب مفاوضات استمرت لاكثر من عام تكفلت قطر بكامل نفقاتها، لم تكن الجهود القطرية في نزع فتيل الازمة بين الاطراف المتصارعة في السودان بمثابة دور ثانوي، فقطر التي يزور اميرها السودان هذه ا?ايام مشاركا مع الرئيس البشير والرئيس الارتيري اسياس افورقي في افتتاح الطريق القاري الذي يربط السودان بارتريا بحسب المراقبين سخَّرت كل امكانياتها لتحقيق السلام في دارفور، لاسيما انها تكفلت بحسب الوثيقة بدفع اكثر من 2 مليار دولار للمنطقة وانشاء بنك خصيصا لتنمية المنطقة بل انها اعلنت استعدادها لاستقطاب الدعم الخارجى من المجتمع الدولي، لاعمار دارفور في القريب العاجل وهو ما وجد التقدير من الاطراف السودانية كافة. ومن جانبه ثمن رئيس وفد الحكومة المفاوض امين حسن عمر دور قطر وقال انها لعبت دورا استراتيجيا لا ينسى، بل ان بعضهم اعلن صراحة انه لولا اصرار جهود قطر لما تحققت وثيقة الدوحة وذلك ما اشار اليه التجاني السيسي حينها، وجدد الحديث ذاته في تصريحات صحفية في مطار الخرطوم عقب عودته الى البلاد قبل ايام يرافقه وفد قطري رفيع برئاسه نائب رئيس الوزراء القطري احمد بن عبدالله، الذي بشر اهل السودان ودارفور خاصة بالتعمير والتنمية وايقاف الصراع في المنطقة. وقال الوزير القطري: إنهم الآن في مرحلة تنمية وإعمار المنطقة واكد ان ق?ر لن تكتفي بحركة التحرير والعداله فقط في وثيقة الدوحة بل ستبذل جهودا اخرى لإلحاق الحركات المسلحة الرافضة للوثيقة من اجل انضمامها الى خيار السلام. وقال: إن قطار السلام في دارفور انطلق في المنطقة كما انه اعلن خلال مخاطبته اللقاء الحاشد باستاد الناشئين ان قطر ستبذل اقصى جهود لها للمساعدة في إعادة النازحين واللاجئين الى قراهم بدارفور في اطار سعيها لتحقيق السلام الشامل بدارفور . وفى حديثه ل «الصحافة» قال استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين البروفيسر حسن الساعوري: إن الدور القطري في السودان يأتي في اطار حرص الدوحة على مصلحة السودان لجهة ان استقرار الاوضاع في السودان يخدم دوله قطر لافتاً الى ان دور قطر البارز في القضايا الاقليمية في افريقيا يرجع الى سياستها الخارجية الجديدة. بينما يشير بعضهم الى ان العلاقات المتميزه بين السودان وقطر ترجع الى حرص الاخيرة على الصلح فى الدول الاسلامية التي تواجه تحديات وهو ما اشار اليه المحلل السياسي والقيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي الذي اشاد بالدور القطري في المصالحة بين اطراف الصراع في الوطن العربي، واستعرض في حديثه ل «الصحافه» الدور القطري في السودان، وقال إن ذلك يأتي في اطار العلاقات المتميزة بين البلدين، واوضح ان هذه العلاقة الممتدة لم تكن محض صدفة او علاقة طارئة، لافتا الى ان قطر الآن اصبحت من الدول ذات النفوذ الكبير تنافس كبريا? الدول فى دورها الإقليمى. وتابع عبدالعاطي ان قطر اثبتت ان الدول لا تؤخذ بحجمها بل باسهاماتها ودورها وتأثيرها في المحافل الاقليمية والدولية وتبني فض النزاعات، وقال: بهذا المقياس نعتبر ان قطر من الدول الكبرى ذات التأثير الاقليمي، وأشار عبدالعاطى الى ان هنالك مجالات تعاون كبيرة بين البلدين اولها استثمارات ضخمة لا سيما ان السودان من الدول التي تزخر بامكانيات هائلة غير مستغلة وتشجع اراضيها وخصوبتها المستثمرين. وتوصل استاذ العلوم السياسية بجامعة «مكناس» بالمغرب الدكتور محمد البزار في دراسة اجراها عن السياسة الخارجية القطرية بعنوان «التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية» الى ان قطر منذ اثني عشر عاما بدأت في خلق نفوذ اقليمي لها مشيرا الى ان ذلك بفضل الثقل الدبلوماسي الذي تتمتع به بالاضافة الى الرؤية الرشيدة لقائد قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وقال: إن ذلك جعل من قطر رقما في النفوذ الاقليمي. ويوضح البحث الذي نشر في عدد من الصحف المغربية ان قطر اسست سياسات عقلانية حيال كل الصراعات في المنطقة الافريقية وجعلت خلا? السنين الماضية كل همها تقريب وجهات النظر بين الجهات المختلفة في المنطقة العربية والافريقية من اجل الحيلولة دون تفاقم الاوضاع في اي قضية او ملف سياسي.. وتناول البزار دور العوامل الداخلية ومساهمتها فى تقوية نفوذ قطر حيث اكد ان الاصلاحات التي قام بها رئيس دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد ساعدت في سمو مكانة قطر في المسرح الدولي ما شكل منطلقا نحو سياسة خارجية رابحة ادت الى خلق نفوذ اقليمي لتلك الدولة صغيرة الحجم كبيرة التطلعات.